سياسة عربية

خسائر متوالية لافتة لتنظيم الدولة في سوريا وليبيا

صورة من استعراض سابق لتنظيم الدولة في ليبيا - أرشيفية
صورة من استعراض سابق لتنظيم الدولة في ليبيا - أرشيفية
شهدت الأيام القليلة الماضية مفاجآت لافتة في سوريا وليبيا، تمثلت بتلقي تنظيم الدولة هزيمتين قاسيتين في كل من مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا، ومدينة درنة شرقي ليبيا، أفقدته موقعين استراتيجيين، أحدهما منفذ حدودي.

أنصار التنظيم في "تويتر"، كعادتهم لم يسبق لهم الاعتراف بأي هزيمة على الأرض، حيث ذهب قسم منهم نحو تكذيب أخبار سيطرة قوات الحماية الكردية وفصائل من الجيش الحر على "تل أبيض".

بيد أن الصور والفيديوهات الموثقة، التي نشرتها وكالات أنباء عالمية، أكدت أن التنظيم فقد واحدة من أهم المدن التي كان يسيطر عليها، حيث تكمن أهمية "تل أبيض" في كونها منفذ حدودي بين سوريا وتركيا، بالإضافة إلى قربها من مدينة الرقة عاصمة "الخلافة" في سوريا.

ولا يخفى على المتابعين أن سيطرة "الأكراد" على "تل أبيض"، ستفتح الطريق أمامهم لربط المدينة ببعض المدن التي يسيطرون عليها، وأبرزها عين العرب "كوباني"، ومدينة الحسكة.

وبدا لافتا أن التنظيم لم يدخل معركة "تل أبيض" بسلاحه الفتاك، وهو "المفخخات"، حيث اقتصر استخدام "المفخخات" على واحدة فقط، نفذها السعودي "أبو هاجر الجزراوي"، قالت قوات الحماية الشعبية إنها لم تصب أيا من مقاتليها بأذى.

وعادة ما يعتمد التنظيم على "المفخخات" في بداية دخوله لأي معركة، ففي منطقة مطار كويرس بريف حلب، نفذ ثلاثة مقاتلين من التنظيم عمليات تفجيرية خلال يوم واحد فقط.

وانبرى جهاديون معارضون لتنظيم الدولة إلى كيل الاتهامات للتنظيم بالخيانة، و"النذالة"، حيث انتشرت صور لعناصر التنظيم على الشريط الحدودي مع تركيا وهم يحاولون إرجاع أهالي "تل أبيض" الذين أنهكهم الجوع والعطش والتعب.

كما تبادل عناصر التنظيم الضحكات بينهم، دون مراعاة لمشاعر المشردين، وفقا لجهاديين. وتابع أحدهم: "اليوم نشاهد بالعين المجردة عناصر البغدادي وهم على بعد أمتار من جنود الناتو، ولا يطلقون عليهم رصاصة واحدة".

وأضاف: "لو أن هذا المشهد كان لعناصر من الجيش الحر أو الجبهة الإسلامية أو النصرة، لانبرى أنصار البغدادي لإطلاق أحكام التكفير والتخوين على المجاهدين بحجة مداهنة الكفار".

كما استغرب ناشطون من الصورة التي نشرها الجيش التركي لحظة اعتقال أحد عناصر التنظيم وهو يبتسم، قائلين إنه "لو كان هذا الداعشي وقع في يد المجاهدين لبادر مباشرة إلى تفجير حزامه الناسف".

على الجانب الآخر في ليبيا، فاجأ مجلس شورى المجاهدين في درنة جميع متابعي الشأن الليبي بسرعة حسمه المعركة ضد تنظيم الدولة، وطرد عناصر التنظيم من كامل المدينة خلال أيام قليلة.

وأعلن مجلس شورى المجاهدين في درنة أسره لقائد تنظيم الدولة في المدنية ذاتها، ويدعى "أبو البراء الأزدي"، كما سلم أكثر من 70 عنصرا من التنظيم أنفسهم لمجلس شورى المجاهدين، وفقا للناطق الرسمي باسم المجلس.

وتعد هزيمة تنظيم الدولة في درنة، الأولى من نوعها في ليبيا، من حيث السرعة في خسارة المعركة، حيث دأب التنظيم في استراتيجياته السابقة على الاستبسال في المعارك، وهو ما مكّنه من أخذ المدينة لفترة محدودة بعد هزيمته لقوات فجر ليبيا.

وهدد أنصار التنظيم في "تويتر"، وبعضهم من عناصر "الدولة" في ليبيا، مجلس شورى المجاهدين بالانتقام، حيث غرّد أحدهم: "الآن تفرحون أنكم طردتم الدولة، وعندما تعود الدولة بالمفخخات لتشوي جلودكم، ستصيحون للعالم: انظروا داعش تقتل المسلمين".

وربط محللون هزيمة التنظيم في ليبيا، بهزيمته أيضا في شمال سوريا، حيث خسر في أقل من أسبوع مناطق في ريف الحسكة، ومدينة تل أبيض، مع قرى في ريف حلب الشمالي، بالإضافة إلى تراجعه في عدة مدن عراقية.

وأرجع بعض المحللين سبب توالي تراجعات التنظيم إلى فشله في إدارة "ولاياته"، لا سيما بعد تمدده مؤخرا إلى عدة دول متباعدة، بينما رجّح آخرون أن التنظيم ضحّى بتلك المدن بهدف المحافظة على مراكزه الرئيسية في الرقة، ودير الزور، وريفي حمص وحماة في سوريا، وكذلك في طرابلس، وفزان، وبرقة بليبيا.

وأعادت هزيمتا "تل أبيض"، و"درنة" إلى الأذهان خسارة التنظيم لمعركته في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، بعد معارك حامية الوطيس، كسبتها مليشيات الحشد الشعبي التابعة للحكومة العراقية، وقبلها خسارته لمدينة عين العرب "كوباني"، وقبلها خسارته أمام الإيرانيين في محافظة ديالى، القريبة من الحدود الإيرانية.

وذهب جهاديون إلى أن القاسم المشترك بين هزائم التنظيم، باستثناء حالة ليبيا، هو تدخل الطيران الأمريكي بشكل قوي، معقبين أن الأمريكان يقررون متى يتدخلون بناءً على حساباتهم السياسية، فيما تدخل الطيران والجيش الإيراني مباشرة في معركة ديالى. لكن مراقبين لم يروا في كل الخسائر التي أشير إليها دلالة على تراجع استثنائي للتنظيم الذي لا يزال يسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا، وعلى إمكانات عسكرية تجعل من هزيمته أمرا بالغ الصعوبة، وإن لم يكن مستحيلا.
التعليقات (1)
مراقب
الثلاثاء، 16-06-2015 11:25 ص
خسروا جولة اوجولتين ولكن الطريق مازال طويلاً