ملفات وتقارير

الأردنيون يعيدون هيكلة رواتبهم استعدادا لشهر رمضان

يتضاعف استهلاك الأسر الأردنية من المواد الغذائية في رمضان - أ ف ب
يتضاعف استهلاك الأسر الأردنية من المواد الغذائية في رمضان - أ ف ب
يتقاضى المواطن الأردني أبو جلال راتبا شهريا يقارب الـ 600 دولار نظير عمله سائقا في إحدى شركات النقل، ولم يمضِ أربعة أيام على تقاضيه راتب شهر أيار/ مايو الماضي حتى قام باقتطاع جزء كبير منه لغايات شراء "مونة" شهر رمضان الذي يضاعف فيه الأردنيون من استهلاكهم للمواد والسلع الأساسية.

ولا يقتصر الحال على أبي جلال، إذ تلجأ أسر أردنية كثيرة من الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود لإعادة ترتيب أولوياتها وسبل إنفاقها هذا الشهر لتوفير احتياجاتها من السلع الأساسية في شهر رمضان الذي يأتي بعد منتصف الشهر الحالي وسط دخول متآكلة وغلاء فاحش في الأردن.

ويتراوح متوسط معدل دخل الفرد الأردني شهريا ما بين 600 و700 دولار قياسا لمتوسط معدل رواتب مشتركي مؤسسة الضمان الاجتماعي في الأردن، كما يقول المحلل الاقتصادي حسام عايش لصحيفة "عربي21".
 
ويرى الخبير الاقتصادي أن "ضغطا كبيرا يقع على عاتق الأسر الأردنية التي تعمل على إعادة هيكلة موازنتها لتغطية احتياجات شهر رمضان الذي سيكون صعبا عليها بسبب ثبات الرواتب وارتفاع أسعار السلع الأساسية ومنها المحروقات، حيث إن الأيام العشرة الأوائل ستشهد طلبا كبيرا على المواد الغذائية ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار".

ولا يجد عايش أن الزيادات الحكومية التي طرأت على رواتب الموظفين بنسبة 2.5% مجدية، ويقول إنها "لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تتواكب مع ارتفاع أسعار السلع، وارتفاع معدل التضخم الذي تحاول الحكومة أن تخفي أرقامه الحقيقية".

ومن الأمور التي زادت معاناة المستهلك الأردني، بحسب المحلل الاقتصادي، "غياب أدوات الرقابة عن السوق وعدم وجود قوانين وتشريعات تحمي المستهلك، فلم يقم مجلس النواب الأردني حتى الآن بمناقشة مشروع قانون حماية المستهلك الذي يتضمن بنودا تتعلق بتنظيم السوق".

ويهدف مشروع قانون حماية المستهلك الموجود في أدراج مجلس النواب الأردني إلى "معالجة القصور في التنظيم لحماية المستهلك، ويتضمن بنودا تتعلق بجودة السلع وضمان عدم استغلال المواطن حيث إن القانون أعطى الجهات الرقابية صلاحيات واسعة بمحاسبة المستغلين".

"حماية المستهلك" تنصح الأردنيين

بدورها، دعت جمعية حماية المستهلك النقابية الأردنيين إلى "عدم التهافت على شراء المواد الغذائية في شهر رمضان كي لا ترتفع أسعارها".

ودعا رئيس الجمعية الدكتور باسم الكسواني في حديث لصحيفة "عربي21"، الأردنيين لترشيد استهلاكهم وعدم إعطاء فرصة لاستغلالهم، "فكلما تهافتوا على الشراء زاد الاستغلال، وأتمنى من الحكومة تكثيف الرقابة وتأمين السلع بشكل كبير، ومراعاة خصوصية شهر رمضان، لذا فإنه يجب على وزارة الصناعة والتجارة تفعيل تشريعاتها وأن تفعل المؤسستين المدنية والعسكرية وأن توفر جميع السلع فيها بهدف كسر الاحتكار الذي من الممكن أن يقوم به بعض ضعاف النفوس". 

ويتبع الأردن سياسة السوق المفتوح وعدم التدخل في تحديد الأسعار، إلا أن المادة (7) من قانون الصناعة والتجارة يعطي الحق للحكومة بتنسيب من وزير الصناعة والتجارة والتموين، الحق في تحديد سعر المواد الأساسية عند الحاجة.

نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، أكد في حديث لصحيفة "عربي21" أن "استهلاك الأردنيين يرتفع على سلع معينة وينخفض على أخرى في شهر رمضان، إلا أن بعض السلع يرتفع الطلب عليها بنسبة 50% بالأسبوع ما يرفع أسعارها، ومن هذه السلع المواد الطازجة مثل اللحوم والخضروات والدواجن والبيض، ويعود ذلك لطاقة الإنتاج المحدودة مقارنة مع الطلب الكبير".

واستهلك الأردنيون 14 مليون دجاجة خلال شهر رمضان الماضي، بحسب إحصاءات الاتحاد النوعي لمربي الدواجن، وبلغ حجم المستهلكات من المواد الأساسية للموسم نفسه 120 مليون دينار.

خطة لضبط الأسواق

وتعتزم نقابة تجار المواد الغذائية تنظيم أول معرض للغذاء في المملكة بمناسبة حلول شهر رمضان، وتسعى النقابة في أن يكون هذا المعرض فرصة "للبيع مباشرة من الشركات للمستهلك، بالإضافة لتقديم المولات التجارية عروضها لشهر رمضان".

ويتابع نقيب التجار الأردنيين بأن "شهر رمضان الحالي سيشهد عروضا كبيرة بأسعار منخفضة ملموسة وذلك بمبادرة من أصحاب المولات (الأسواق الكبرى) مراعاة لخصوصية شهر رمضان"، مؤكدا أن "التنافسية بين التجار في الأردن ساهمت في خفض أسعار العديد من السلع".

وبحسب نقيب التجار فقد "شهدت الأخيرة تراجعا بالطلب على المواد الغذائية بسبب ضعف قدرة المواطن الأردني الشرائية، وأصبح هنالك تغيير في نمط الاستهلاك، فجنح المواطن نحو الترشيد والاقتصاد بسبب الوضع الاقتصادي السيئ، ما أثر أيضا على صلة الرحم وعدد الولائم في رمضان".

وعلى الرغم من ضعف القوة الشرائية للمواطن الأردني بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، فإن ثقافة استهلاكية تنتشر في المجتمع في شهر رمضان ترفع استهلاك الأردنيين لبعض السلع، إذ تشير أرقام نقابة تجار المواد الغذائية إلى أن استهلاك المواطن الأردني يتضاعف لمادة الأرز بمعدل 20 ألف طن في شهر رمضان.

ويبرر نقيب نقابة تجار المواد الغذائية الحاج توفيق، سبب ارتفاع الإقبال على هذه المادة بانتشار طرود المساعدات الغذائية التي تحتوي على مادة الأرز الأساسية على موائد الأردنيين.

 خطة لضبط الأسواق

من جهتها، أعدت وزارة الصناعة والتجارة والتموين خطة للرقابة على الأسواق، خلال شهر رمضان تتضمن تكثيف الرقابة على محلات بيع الخضار والفواكه للتأكد من التزام التجار بالأسعار المعلنة أو المحددة والتركيز على وفرة المواد الغذائية الأساسية الرمضانية ومراقبة أسعارها.

وسيتم خلال الخطة التي أعلنت عنها الوزارة مبكرا متابعة مخزون المواد الأساسية، من خلال نظام الإنذار المبكر والمستوردين وإصدار النشرة الاسترشادية لأسعار المواد الغذائية والرمضانية على موقع الوزارة والصحف بشكل مستمر.

وتقول مديرة دائرة الرقابة الصحية والمهنية في أمانة عمان ميرفت مهيرات، لصحيفة "عربي21"، "إن خطة الرقابة على الأسواق في شهر رمضان ستكون بالتعاون مع الجهات الرقابية ومنها مؤسسة الغذاء والدواء، حيث ستكون هنالك جولات رقابية صباحية، وأخرى قبل الإفطار وبعده على مدار 24 ساعة، وستركز على المهن عالية الخطورة، مثل العصير والمياه والمخابز، للتأكد من تخزينها بشكل سليم، كما أن الجهات الرقابية ستعمل على توجيه إرشادات للقطاع الغذائي لضمان عدم ارتكاب بعض المخالفات التي تتعلق بمصادر المياه ومصادر المواد الأولية الداخلة في التصنيع، وهي لن تتردد بإتلاف كل ما هو مخالف للصحة والمواصفات".
التعليقات (0)