تستمر في
حي الوعر المحاصر في
حمص فعاليات المهرجان الرياضي في دورته الأولى، في تحد للحصار الخانق الذي تفرضه قوات النظام السوري على الحي الذي يعد المعقل الأخير للثوار في مدينة حمص.
ويشكل هذا المهرجان الرياضي الحمصي، بحسب ما أوضح القائمون عليه، دورة ألعاب رياضية، فردية وجماعية، ويشارك بها كل من يرغب من الرياضيين المحترفين، والهواة المتدربين، بإشراف لجنة من الرياضيين المختصين في كل مجالات
الرياضة.
ويستمر المهرجان الرياضي الذي انطلق في 17 أيار/ مايو الجاري، حتى الثالث من حزيران/ يونيو القادم، وسط حضور جماهيري لافت.
وكما جرت العادة في دورات الألعاب الرياضية الرسمية، فقد بدأ المهرجان بحفل افتتاحي، تضمن مداخلات عن كل الرياضات المشاركة في المهرجان، قدمها الرياضيون المختصون بكل رياضة، إضافة لمحاضرة عن أهمية الأخلاق الرياضية وضرورة التحلي بها، كما تم خلال حفل الافتتاح عرض عدة أفلام مصورة ذهبت بأذهان الحضور إلى أيام البطولات الرياضية والإنجازات والانتصارات.
ويقول مدير المهرجان، الكابتن عبد العزيز (أبو
سوريا)، لـ"
عربي21"، إن "هدف المهرجان قبل كل شيء، هو بناء جيل مثقف رياضيا، ويتحلى بالأخلاق الرياضية، ورفع معنويات أهل حمص، بعد سنوات قاسية من الظلم والقهر والتهجير والحصار".
ويعد هذا المهرجان امتدادا لسلسلة النشاطات الثورية المدنية، التي سجلتها حمص مؤخرا، في سعي من أهلها لإعادة الرونق للحراك الثوري المدني، حيث بدأت تلك النشاطات بالأعمال المسرحية، واستمرت بالندوات الثقافية والأدبية والشعرية، إضافة إلى السينما. فكان لا بد للرياضة أن تعود للواجهة، بعد أن غيّبها القصف والحصار عن المدينة لسنوات عجاف.
ومن أبرز الألعاب التي شاركت في هذا المهرجان، كرة القدم، وكرة الطائرة، والجمباز، والجودو، والمصارعة الحرة، والمصارعة الرومانية، والكيك بوكسينغ، والشطرنج، ورفع الأثقال، والكاراتيه، وكرة الطاولة، إضافة لألعاب القوى (جري 60 مترا، و400 متر تتابع، والقفز الثلاثي).
وبيّن عبد العزيز في حديثه لـ"
عربي21" أن "المهرجان صناعة حمصية داخلية، وبإمكانيات بسيطة جدا تكاد تكون معدومة ولا تذكر، ولكن نستطيع فعل كل شيء من لا شيء، طالما توفرت الإرادة لذلك"، مضيفا: "نحن أهل حمص، نمتلك من الإرادة والعزيمة الكثير الكثير، وحمص كانت دوما مصنعا للأبطال الرياضيين ومصنعا للبطولات، وستبقى كذلك" على حد تعبيره.
من جهته، وصف الناشط الإعلامي في حي الوعر المحاصر، محمد الحمصي، المهرجان بـ"الخطوة المميزة التي أعادت للحي رونق الرياضة والروح الرياضية التي فقدها أهالي المدينة بعد سنوات من النضال المسلح، ضد نظام احتكر كل ما في البلاد كأنها مزرعة له".
وأوضح الحمصي، لـ"
عربي21"، أن المهرجان يتضمن عدة رياضات، "وقد شاركت به شخصيا في فريق كرة القدم الذي شكلناه تحت اسم فريق إعلام الوعر، والذي يضم جميع إعلاميي الوعر وناشطيه، في خطوة وجدناها تنفض الغبار عن روح المرح والتحدي، الذي غُيبنا عنه طوال فترة الثورة، لتجتمع القلوب والأجساد على محفل رياضي نزيه ورائع"، حسب تعبير الحمصي.
وأشار الحمصي إلى "حالة الهدوء النسبي الذي يعشيه الحي المحاصر، والذي مكننا من تسخير ملاعب الحي، وإعادة تأهيلها وفتحها مجددا، بعد ما تعرضت له من عمليات قصف وتخريب، من قبل قوات النظام العسكرية التي حاولت طمس كل شيء جميل في حينا".
ويأتي مهرجان حمص الرياضي، كصرخة حرية جديدة تطلقها هذه المدينة في وجه جلاديها، حيث عبر أحد الحضور في هذا المهرجان عن ذلك بقوله: "رغم القصف والدمار الهائل، والضغط النفسي الكبير على المدنيين، نحن مستمرون، ونقوم بمهرجان رياضي، وبإذن الله المهرجان القادم، سيكون في ملعب خالد بن الوليد في حمص المحررة"، وفق تأكيده.
وتعهد مدير المهرجان بأن "نقدم الوعد لحمص، بأن نسعى جاهدين، لأن يكون مستقبل الرياضة في سوريا عموما وحمص خصوصا، مستقبلا رائعا، ويتمتع بالشفافية والعدالة والأخلاق الرياضية، بعكس ما كانت عليه سابقا قبل الثورة السورية"، حسب قول عبد العزيز لـ"
عربي21".