سياسة عربية

ماذا في الوثائق الجديدة التي نشرتها واشنطن لبن لادن؟

رفض بن لادن إقامة دولة إسلامية قبل القضاء على "الكفر العالمي" - أرشيفية
رفض بن لادن إقامة دولة إسلامية قبل القضاء على "الكفر العالمي" - أرشيفية
 
نشرت المخابرات الأمريكية عينات جديدة من الوثائق المعروفة بـ"أبوت أباد" نسبة إلى البلدة التي قُتل فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في أيار/ مايو من عام 2011.

وتطرقت الوثائق المنشورة اليوم، والتي اطلعت عليها "عربي21" إلى عدد من القضايا التي مرت في في منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام الماضية، لعل أبرزها ثورات الربيع العربي التي أخذت منها الوثائق حيزا واسعا.

وبينت المخابرات الأمريكية أن الكشف عن الوثائق الجديدة جاء "بعد مراجعة داخلية دقيقة من قبل المؤسسات (الحكومية ذات الصلة)، وكجزء من دعوة الرئيس أوباما لمزيد من الشفافية التي تتواءم مع صلاحيات الأمن الوطني وقانون تخويل المخابرات لعام 2014، والذي يتطلب أن يقوم مكتب مدير المخابرات الوطنية بدراسة للوثائق قبيل إعلانها".

وفي بيان لها قالت المخابرات الأمريكية إن الوثائق الجديدة التي تم الكشف عنها تضمنت قائمة بـ39 كتابا باللغة الانجليزية و103 وثيقة لمراسلات ابن لادن مع قيادات جماعات تابعة للقاعدة، وكذلك مراسلات بينه وبين أقاربه.

وفي إحدى الوثائق التي يعود تاريخها إلى عام 2008 تلقى ابن لادن رسالة من جبهة الجهاد والإصلاح في العراق تشتكي خلالها الجبهة من سياسات القيادي "أبو مصعب الزرقاوي"، وتلوم ابن لادن والظواهري على تجاهل الرسائل السابقة التي كانت في ذات السياق.

ونوهت رسالة "الجهاد والإصلاح" إلى كارثة وشيكة ستحل بالعراق بسبب صمت ابن لادن والظواهري على الممارسات التي ترتكبها مجموعة "الزرقاوي" باسم تنظيم القاعدة، مشيرين إلى أن فصائل "أنصار السنة، الجيش الإسلامي، وجيش المجاهدين" أرسلوا رسائل شكوى مماثلة لم تلقى أي تجاوب من قبل قيادة "القاعدة".

وثيقة أخرى اطلعت عليها "عربي21" تظهر شكوى أحد قيادات تنظيم القاعدة من السعودي صالح القرعاوي بسبب رغبته دوما في الانفراد بالعمل دون مشورة من أحد، وجمع للشباب السعوديين في العمل، ما أحدث فتنة بين بقية أفراد التنظيم.

وصالح القرعاوي هو القائد العام السابق لكتائب عبد الله عزام في لبنان، والتي تتبع تنظيم القاعدة، كما شارك القرعاوي في "الجهاد العراقي، والأفغاني" قبل أن يصاب بصاروخ أمريكي أثناء تواجده في أفغانستان تسبب ببتر قدميه وإحدى يديه، وفقدانه للنظر في إحدى عينيه، ما دعى تنظيم القاعدة لتسليمه للسعودية لعلاجه.

وبحسب تنظيم القاعدة؛ فإن تسليم القرعاوي كان باتفاق مع وزير الداخلية السعودي الحالي محمد بن نايف، بعدم التعرض له بعد إتمامه للعلاج، إلا أن ابن نايف بحسب "القاعدة" لم يوف بالعهد وزج بالقرعاوي في السجن.

وفي إحدى الوثائق التي من الممكن أن تحدث ضجة في الوقت الحالي، قال أسامة بن لادن إن تأسيس "دولة إسلامية قبل استنزاف قوى الكفر العالمي كوضع العربة قبل الحصان"، وهو ما لم يلتزم به تنظيم الدولة بعد إعلانه إنشاء "الدولة الإسلامية"، والتي أعقبها بـ"دولة الخلافة".

ودافع ابن لادن عن حكومة حماس في غزة من الاتهامات التي طالتها من إسلاميين لعدم إعلانها "دولة إسلامية"، قائلا: "يجب أن نضع نصب أعيننا أن ترتيب العمل لقيام الدولة يبدأ بإنهاك الكفر العالمي صاحب النفوذ الكبير على دول المنطقة التي تفرض حصارا على حكومة حماس التي لا يشك عاقل في أنه لا خيار أمامها سوى السقوط، أو الرضوخ لما يُطلب منها".

واعتبر ابن لادن أن الحصار كفيل بإسقاط الدول والحكومات والجماعات، كما أسقط طالبان ودولة العراق الإسلامية، مضيفا في إشارة إلى وجوب مساعدة حماس: "لا يخفى ما للحصار من تبعات ثقيلة للشعوب تجعلها تسعى لإسقاط حكومتها حتى ولو أتت بانتخابات نزيهة، فالواجب الاستمرار في استنزاف الكفر العالمي الذي سيمهد لبناء دولة إسلامية".

وركز مؤسس تنظيم القاعدة في إحدى الوثائق على ضرورة تحفيز الشعوب للقيام بالثورات، ذاكرا إحصائية مفادها أن النفط الذي يخرج من الأراضي العربية يفوق المياه التي في أنهار الدول العربية، متابعا: "ومع ذلك لا زالت أمتنا في قاع الأمم تعاني الفقر والبطالة".

وأكد ابن لادن أن عدم استغلال الحالة السيئة في الدول العربية للقيام بثورة، يعني بقاء حال الأمة لعقود طويلة، مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة وجود علماء وفقهاء في الصفوف الأولى أثناء الثورة لقطع الطريق على "المتلاعبين بالنصوص"، وفق قوله.

وتطرق ابن لادن إلى دور حزب الإصلاح اليمني (الإخوان المسلمون في اليمن)، موضحا خلال رسالة له إلى "قاعدة اليمن" قبيل بدء الثورة على الرئيس المخلوع علي صالح أن حزب الإصلاح هو الأنسب للقيام بمظاهرات وعصيان مدني كونه حزب مرخص.

وبين ابن لادن أن المنهج السلفي بدأ بالانتشار داخل "إخوان اليمن"، مستبشرا في أن ذلك قد يقودهم بعد الثورة لتطبيق دستور البلاد "الإسلامي" بالأصل، والذي لم يتلزم ويعمل به الرئيس المخلوع علي صالح.

وفي الشأن المصري كشفت إحدى الوثائق التي كتبها ابن لادن في اليوم 12 لبدء ثورة "25 يناير" أنه فكر جديا في التدخل بعد تيقنه أن الرئيس المخلوع حسني مبارك لن يتزحزح من كرسيه، قائلا إن فكرة التدخل ستكون حماية للثورة التي ستفقد أفرادها إن طالت، وبقي البطش بالمتظاهرين.

وفي إحصائية صادمة لتنظيم القاعدة، كتب أسامة بن لادن لفرع في العراق أن مجموع قتلى الجيش الأمريكي في الحرب الفيتنامية، يفوق بمائة ضعف ما قتلته القاعدة في أفغانستان والعراق، قائلا أيضا إنه من الطبيعي أن تبقى حكومة أمريكا غير مكترثة بتواجد قواتها في العراق كون ما فقدته لا يتعدى ما نسبته ثلاثة بالمليون.

وفي وثيقة من سعد نجل أسامة بن لادن أرسلها لزوجته التي يُعتقد أنها كانت تعيش في السعودية عام 2008، أعرب خلالها عن حزنه للفراق القسري الذي حرمه من زوجته وأبنائه، مطالبا إياها بالصبر والثبات.

سعد الذي قتل عام 2009 بغارة أمريكية أوصى زوجته بتربية أبنائه التربية الحسنة، وتزويج بناته مبكرا، مفضلا أن يكون أزواجهم من "المجاهدين"، كما أوصاها في حال كان لها معيل غير ابنه البكر أسامة، أن ترسله إلى "ساحات الوغى والجهاد".


التعليقات (0)

خبر عاجل