بورتريه

بورتريه: محمد أبو تريكة.. أسطورة مصرية يخافها العسكر

أبو تريكة بورتريه عربي21
أبو تريكة بورتريه عربي21
اسمه معروف عالميا وأفريقيا أكثر من أي اسم آخر في مصر.

وفي المقابل طرح أحد النشطاء على "تويتر" السؤال الآتي: "كم عدد الأفارقة الذين يعرفون اسم الرئيس المصري أو رئيس وزرائه".

شاب مكافح ومتواضع وعصامي تمرد على فقره وصنع لنفسه ولبلده شهرة ومجدا.

كانت لطفولته آثار كبيرة في ولعه وشغفه بكرة القدم حين كان يلعب مع أصدقائه وجيرانه.

لم يمنعه عشقه لكرة القدم من مساندة قضايا أمته.. خصوصا القضية الفلسطينية، وقضايا الشعب العربي المصري.

أخذ موقفا واضحا من الأحداث التي شهدتها مصر منذ ثورة يناير عام 2011 وحتى نتائج الانقلاب العسكري، الانقلاب الذي فقد عقله واتزانه وتجاوز كل الخطوط الحمراء ووصل به النزق إلى حد تجميد أمواله والتهديد باعتقاله بتهمة عضوية "جماعة الإخوان المسلمين". 

يشكل أسطورة وأيقونة في ذهن ومخيلة الشعب المصري والأمة العربية.

لم يحصل على بطاقة حمراء طوال تاريخه في كرة القدم.

ولد محمد أبو تريكة في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1978 في قرية ناهيا إحدى قري محافظة الجيزة. 

ونشأ في أسرة متواضعة وعمل في صغره عامل يومية في مصنع للطوب مع عمه، وساهم عمله الشاق في تقوية عضلاته وإعداده بدنيا. 

واستمر في تعليمه حتى تخرج في كلية الآداب- قسم التاريخ، بجامعة القاهرة.

بدأ رحلته في عالم كرة القدم وله من العمر سبع سنوات، حيث كان يلعب بشوارع بلدته ويشارك في الدورات الرمضانية. ومن خلال أصحابه الذين أدركوا مهارة قدمه وصفاء عقله، عرف أبو تريكة طريق الأندية والمراكز الشبابية لينتقل إلى مرحلة أخرى من حياته الكروية.

 يتميز بكونه لاعبا صانع ألعاب ومسجلا للأهداف، بالإضافة إلى اللمسة السحرية ومهارات المراوغة والاختراق، ويشبه لعبه بطريقة لعب الفرنسي الشهير زين الدين زيدان.

بدأ حياته الكروية الاحترافية باللعب مع نادي "الترسانة" ثم انتقل إلى الفريق الأول للنادي واستطاع الصعود به إلى الدوري الممتاز، ثم انتقل إلى "النادي الأهلي" واستطاع إحراز سلسلة من البطولات والإنجازات المتتالية محليا وعالميا. 

وفي عام 2012 انتقل إلى الفريق الإماراتي "بني ياس" على سبيل الإعارة و أحرز معهم بطولة الخليج للأندية، ثم عاد مرة أخرى إلى "الأهلي" عام 2013، واستطاع إحراز بطولة دوري أبطال أفريقيا للمرة الخامسة له مع "الأهلي"، وبعد انتهاء البطولة أعلن أن بطولة كأس العالم للأندية ستكون آخر المطاف في عالم كرة القدم بالنسبة له.

بدأ اللعب الدولي عام 2004 مع المنتخب المصري، حيث خاص تصفيات كأس العالم لكرة القدم 2006 ثم بطولة كأس الأمم الأفريقية 2006، وبدأ تألقه حينما أحرز هدفين، وقام بإحراز الركلة الترجيحية الأخيرة التي ساهمت في فوز المنتخب المصري بالبطولة. 

وفي البطولة نفسها عام 2008 أحرز منتخبه الفوز للمرة الثانية على التوالي، ثم لعب في بطولة كأس العالم للقارات 2009 واستطاع مع فريقه تقديم أداء طيب في البطولة ومنها الفوز على المنتخب الإيطالي بطل العالم وقتها.

يعد أبو تريكة الهداف التاريخي لدوري أبطال أفريقيا برصيد 33 هدفا، وكذلك يعد الهداف التاريخي لديربي القاهرة (مباراة القمة بين الزمالك والأهلي) برصيد 13 هدفا.

يعد أيضا واحدا من ضمن "نادي الفيفا المئوي" برصيد 105 أهداف، وفي عام 2014 تم اختياره من قبل "الفيفا" ضمن أفضل لاعبي كأس العالم للأندية في تاريخها، كما أنه أحرز العديد من الألقاب الفردية على المستويات العالمي و الأفريقي والمحلي خلال مشواره الكروي، ما جعله واحدا من أبرز اللاعبين في تاريخ الكرة الأفريقية والمصرية وفي تاريخ النادي الأهلي قبل أن يعلن رسميا اعتزاله اللعب في كانون الأول/ ديسمبر عام 2013.

تميز أبو تريكة بالأخلاقيات العالية في علاقاته مع الآخرين داخل وخارج الملعب، كما أنه عرف عنه التزامه الديني، بالإضافة إلى التزامه بقواعد وأخلاقيات اللعب على أرضية الملعب. 

وكان له العديد من المواقف النبيلة والوطنية والقومية مثل: تضامنه مع حصار غزة عام 2008، وارتداء قميص "فداك يا رسول الله" أثناء إعادة نشر الرسوم الدنماركية المسيئة عام 2008. 

سافر إلى الجزائر عام 2010 كمبادرة صلح بين الشعبين المصري والجزائري، عقب أحداث أم درمان بين مشجعي الفريقين، وأعلن عن دعمه وتشجيعه للمنتخب الجزائري في بطولة كأس العالم في جنوب أفريقيا.

رجل "جنتلمان"، اختير سفيرا لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة لمحاربة الفقر، وقام بتصوير إعلان إنساني تلفزيوني يركز على مأساة وفاة حوالي 25 ألف شخص يوميا من الجوع، منهم 18 ألف طفل.
 
وكانت له العديد من المساهمات الخيرية الأخرى، مثل تبرعه لإنشاء مسجد في كوماسي في غانا عام 2008، قام بافتتاحه عام 2013، وإنشاء مسجد في رواندا أيضا عام 2009، كما أنه قام بالتبرع لصالح أسر ضحايا مذبحة بورسعيد عام 2012. وقام رجل الأعمال المصري ساويرس بمنحه مكافأة قدرها مليون جنيه تقديرا لإنجازاته، إلا أن أبو تريكة قام بالتبرع بهذا الشيك لصالح الجمعيات الخيرية.

يعد رقم 22 رقما مميزا اشتهر به خلال مسيرته في كرة القدم. وسر اختياره لهذا الرقم يرجع إلى أنه عندما وقع العقد مع "النادي الأهلي" قبل ثلاث سنوات، سافر إلى السعودية لأداء العمرة، وذهب للمسجد النبوي، وفي أثناء خروجه من الباب وجد أنه مكتوب عليه رقم 22، وعندما عاد طلب من إدارة النادي إعطاءه الفانلة (القميص) رقم 22.

في إحدى المباريات كشف عن الشعار المكتوب على قميص عند تسجيله هدفا، وهو عبارة "تعاطفا مع غزة"، وذلك في الدور الأول لبطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2008.

وأشهر الحكم الذي أدار اللقاء البطاقة الصفراء في وجهه بعد هذا التصرف، وكان معرضا للإيقاف من قبل الاتحاد الأفريقي بسبب لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التي تدين استغلال مباريات الكرة في "أغراض أو أهداف سياسية أو عنصرية".

ولم تتخذ بحقه أي عقوبات بعد مجموعة من الرسائل الإلكترونية التي وصلت إلى الاتحاد من قبل الصحفيين ووسائل الإعلام المتابعة للبطولة، التي أعلنت تعاطفها معه.

وتم بيع القميص في مزاد خيري لصالح صندوق توفير الدواء لأبناء غزة، أقامته لجنة الإغاثة الإسلامية بنقابة أطباء مصر مقابل 1500 جنيه. وذكر أبو تريكة أن السبب الذي دعاه لهذا التصرف هو أن "الحصار الجائر الذي كان يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة أثار ألما شديدا" في نفسه، وجعله يبحث عن أي وسيلة يساعده بها، بحسب قوله.

تأثر كثيرا بحادثة بورسعيد الدامية عام 2012 التي راح ضحيتها 72 مشجعا من جمهور "النادي الأهلي" حين قام بعض المشجعين بمطاردة لاعبي "الأهلي" حتى غرفة تغيير الملابس.

أثر الحادث أيضا بشكل مباشر على أبو تريكة، حيث إن أحد المشجعين لفظ أنفاسه الأخيرة بين يديه.

حرص بعد الحادثة على زيارة أهالي ضحايا المذبحة ومساعدتهم معنويا وماليا، وأخذ على نفسه عهدا بعدم اللعب في أي بطولة محلية لحين استكمال محاكمة جناة "حادثة بور سعيد" والقصاص الكامل منهم.

كان لرفض أبو تريكة المشاركة في مباراة كأس "السوبر المصري" ردود فعل كثيرة من قبل إدارة "النادي الأهلي" والإعلام المصري، وشن الإعلام هجوما عليه بسبب قراره وطالب إدارة النادي بتوقيع أقصى عقوبة عليه، ولكن إدارة النادي اكتفت بتوقيع عقوبة مالية عليه وحرمانه من ارتداء شارة القائد. 

كانت حصيلة تاريخه الكروي إنجازات محلية وعربية ودولية، وعلى الصعيد الشخصي كان رجلا شجاعا تحلى بالأخلاق الحميدة، وبالسيرة الطيبة العطرة، وهو ما يفتقده آخرون في محيطه.

وردا على القرار الخاص بالتحفظ علي جميع أمواله وممتلكاته، قال عبر حسابه بموقع "تويتر" :"ربح البيع.. آخر حاجة اشتريتها من أموالي هي قبر جديد لي".

وقبل أن يكمل عبارته بعث أبو تريكة، بالقميص الذي لعب به أمام فريق "شبيبة القبائل" في دوري أبطال أفريقيا عام 2010، كهدية رمزية للشعب الجزائري بمناسبة إحيائه للذكرى الـ60 لاندلاع الثورة التحريرية من الاستعمار الفرنسي، ومكتوب عليه "إهداء إلى شهداء الجزائر".

رجل كبير بإنجازه وتاريخه وأخلاقه.. رجل أسعد المصريين فأطلقوا عليه لقب "أمير القلوب". تحدث عن غزة في الوقت الذي تجنبت فيه الحكومات العربية ذلك.

والعسكر الذين يخافون من أي رمز لأنهم زائلون وبلا أي إنجاز يذكر لهم، يريدون تدميره بدلا من نحت تمثال له أو تسمية شارع باسمه.

شاب مجتهد وطموح.. تمرد على واقعه وأصبح نجما ورجل أعمال ناجح.. والأهم أنه كتلة من الأخلاق والقيم تمشي على قدمين، في حين أن "الشاويش" الذي يطارده ويطارد زملاءه من اللاعبين ما انفك يقتات على دماء أبناء الشعب المصري العظيم.
التعليقات (4)
نادر شطا
الثلاثاء، 01-09-2015 10:00 ص
احسن لاعب فى تاريخ الكوره العربيه منذ انشأت
نادر شطا
الثلاثاء، 01-09-2015 09:57 ص
يايريد كل الناس تكون ابو تريكه اخلاقيا
على حمد
الثلاثاء، 19-05-2015 04:17 م
القتلة إلى جهنم.. وانت ومن معاك إلى المجد
وهبه ربيع
الثلاثاء، 19-05-2015 12:03 م
ربح البيع يا أخي فلا تحزن أن الله معك