ترى صحيفة "الغارديان" أن إدانة الوزير
اللبناني السابق ميشال
سماحة يسلط الضوء على
سوريا، وبالتحديد على مدير المخابرات العامة علي
مملوك، الذي يتهم بمحاولة زرع الفتنة والفوضى في لبنان.
ويشير التقرير، الذي أعده كريم شاهين، إلى أنه طوال تاريخ لبنان المتداخل مع سوريا، كانت توجد دائما موضوعات متكررة، منها استعداد قادة لبنان لفعل ما يريده الأسياد في دمشق، والأخرى هي الدور السوري في إثارة الفوضى في لبنان.
ويبين الكاتب أن القضيتين قد ظهرتا بشكل واضح في محاكمة الوزير ميشال سماحة، الذي اتهم بإحضار المتفجرات والقنابل، التي أعطاه إياها مدير المخارات السوري علي مملوك؛ من أجل اغتيال شخصيات دينية وسياسية لبنانية.
ويرى شاهين أن إدانة سماحة تسلط الضوء على الدور الذي أداه مملوك، الذي يعد شخصية مهمة في الحلقة المقربة من رئيس النظام السوري بشار
الأسد.
ويفيد التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، بأن الحكم الصادر ضد سماحة يعد الأول الذي يتم فيه ربط مسؤول سوري وبشكل رسمي بالإرهاب، وتصدره محكمة لبنانية أو دولية. ويؤثر الحكم على مزاعم سوريا، كونها حاجزا ضد الإرهاب.
وتذكر الصحيفة أن إدانة سماحة جاءت نتيجة اعترافاته، حيث أخبر محكمة عسكرية لبنانية أنه حمل المتفجرات معه في صندوق سيارته من دمشق، وحصل عليها من شخص بارز في المخابرات السورية اسمه عدنان له صلة بمملوك.
وينقل التقرير عن سماحة قوله للمحكمة: "قام عدنان بوضع المتفجرات في السيارة". وأضاف: "كان المطلوب مني فقط نقل المتفجرات، وليس اختيار الأهداف".
ويكشف الكاتب أن المحكمة قد وجهت اتهاما لمملوك، وطلبت محاكمة منفصلة له. ويرجح شاهين عدم حصولها؛ لأنه من المستبعد أن يقوم النظام السوري بتسليمه إلى لبنان. وقد اتهمت المحكمة مملوك بتزويد سماحة بالمتفجرات كي تستخدم في عمليات قتل وإرهاب.
وتوضح الصحيفة أن سماحة أدين بالتآمر مع مملوك، من أجل القيام بأعمال ضد الدولة، ومحاولة اغتيال سياسيين وأعضاء في البرلمان وقادة دينيين.
ويلفت التقرير إلى أن سماحة قد اعتقل في بيته في بيروت في آب/ أغسطس 2012، بعد أن قام صديق له يعمل في الشرطة بتسجيل أدلة تدينه.
وتنقل "الغارديان" عن أشرف ريفي، الذي قام بتسجيل محادثات سماحة، والذي يعمل مديرا لفرع الأمن الداخلي الذي نظم العملية، قوله إن وزير الإعلام السابق قد نقل 20 عبوة ناسفة من العاصمة السورية دمشق، وبينها متفجرات مغناطيسية يمكن أن تلصق بالسيارات.
ويقول شاهين إنه قد صدر على سماحة حكما بالسجن لأربع سنوات ونصف، الأمر الذي استدعى سخرية المعارضة اللبنانية لسوريا منه. وعده أخرون سابقة لم تحدث أبدا في لبنان، الذي ينجو فيه الجناة الذين يرتكبون اغتيالات سياسية من العقاب.
وكان سماحة يحذر في بداية الحرب السورية من الحملات الإرهابية والمخاطر التي يمثلها الجهاديون على لبنان.
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن مملوك كان محلا للتكهنات الكثيرة في الأيام القليلة الماضية، حيث قالت تقارير إنه وضع تحت الإقامة الجبرية بتهم الاتصال بشقيق الرئيس السابق حافظ الأسد رفعت الأسد، ولاتهامه بالاتصال مع المخابرات التركية.
وتذهب الصحيفة إلى أن هذه الشائعات حول مصير مملوك نظر إليها على أنها دليل على وجود مشكلات وانقسامات داخل النظام السوري. وفي محاولة لرد هذه الشائعات ظهر مملوك في اجتماع بث صوره التلفزيون السوري لرئيس النظام السوري الأسد ووفد برلماني إيراني.
وبحسب الكاتب، فقد ظلت سوريا تعد نفسها راعية للبنان، حيث انتهى وجودها العسكري في عام 2005، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق
الحريري. وقد استمعت محكمة جنائية خاصة بمحاكمة قتلة الحريري لشهادات عن الدور السوري المحتمل، ويحاكم خمسة من أفراد حزب الله في القضية، ويلقى الخمسة دعما قويا من سوريا.
ويشير التقرير إلى أن دور مملوك قد برز في زعزعة الاستقرار في الماضي، من خلال تدفق المقاتلين الأجانب إلى العراق، للمشاركة في مواجهة الأمريكيين، وذلك عندما كان مديرا للمخابرات العامة.
وتظهر الصحيفة أن وثيقة سربها موقع ويكيليكس كشفت عن الظهور المفاجئ لمملوك في اجتماع مع وفد أمريكي زار دمشق عام 2010. وقال إن التعاون ضد الإرهاب يعتمد على بناء علاقات جيدة، ورفع العقوبات الاقتصادية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن مملوك قد تباهى في اللقاء بقدرة المخابرات السورية على اختراق الجماعات الإرهابية، وقال متفاخرا: "من حيث المبدأ لا نهاجم أو نقتل مباشرة، وبدلا من ذلك ندخل فيهم ونتحرك في اللحظة المناسبة".