صحافة دولية

تحقيق دولي يثبت تورط الأسد و24 من رجاله بجرائم حرب

الغارديان: خسائر النظام الأخيرة زادت من فرص سقوط الأسد وتقديمه للمحاكمة - أ ف ب
الغارديان: خسائر النظام الأخيرة زادت من فرص سقوط الأسد وتقديمه للمحاكمة - أ ف ب
كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، نتائج تحقيق في جرائم النظام السوري على مدار ثلاثة أعوام، حيث جمع فريق سوري الكثير من الأدلة الكافية لمحكمة جرائم الحرب لتوجيه اتهامات لرئيس النظام السوري بشار الأسد بارتكاب جرائم حرب. 

وقال مراسل الصحيفة في واشنطن جوليان بورغر إن العملية، التي استغرقت ثلاث سنوات لتهريب وثائق رسمية من داخل سوريا، ستكون كافية لتوجيه اتهامات لنظام بشار الأسد و24 من أركان نظامه. 

ويشير التقرير، الذي اطلعت علبه "عربي21"، إلى أن التحقيق الدولي يركز على ممارسات قادة النظام السوري، ودورهم في قمع الاحتجاجات التي أدت إلى اندلاع ثورة عام 2011، حيث قتل منذ ذلك الحين أكثر من 220 ألف سوري، وشرد ثلث الشعب السوري، وأصبحوا يعيشون في مخيمات خارج البلاد.

وتذكر الصحيفة أن التحقيق كشف عن أن عشرات الآلاف من المعارضين قد احتجزوا، وتعرض الكثيرون منهم للتعذيب أو القتل في سجون النظام السوري.

ويبين بورغر أن المفوضية الدولية للعدالة والمحاسبة، التي تتكون من محققين وخبراء قانونيين عملوا في محاكم الحرب السابقة في كل من يوغسلافيا ورواندا وفي المحكمة الجنائية الدولية، قامت بتجميع الأدلة. وقتل أثناء البحث محقق واحد، فيما أصيب آخر إصابة بالغة، واعتقل النظام الكثيرين من أعضاء الفريق وعذبهم.

ويلفت التقرير إلى أنه قد تم تمويل التحقيق من بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وكندا والاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا والدانمارك. وتم جمع الأدلة وإعداد القضايا لتقديمها إلى محكمة جرائم حرب خاصة بسوريا ستشكل في المستقبل.

وتستدرك الصحيفة بأنه على الرغم من أن روسيا قد صوتت ضد قرارات مجلس الأمن للتحقيق في جرائم النظام السوري، وتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن التراجعات الأخيرة التي مني بها النظام وخسائره في المعارك قد زادت من فرص سقوط الأسد وتقديمه للمحاكمة.

وينوه الكاتب إلى أن مفوضية العدالة والمحاسبة تقوم حاليا بالتحقيق في ممارسات النظام وجماعات المعارضة السورية، وقد أكملت الإجراءات القانونية في ثلاث حالات؛ وتركز الحالة الأولى على "خلية إدارة الأزمة المركزية"، وهي مؤسسة قيادية في رأس النظام، وتضم أسماء الأسد ووزير الداخلية محمد الشاعر، والسكرتير المساعد لحزب البعث ورئيس خلية الأزمة في الستة أشهر الأولى بعد اندلاع الثورة محمد سعيد بختيان.

ويتابع بورغر بأن الحالة الثانية تتركز على مكتب الأمن القومي والمرتبط عضويا بخلية الأزمة، ويضم قادة أربعة أجهزة أمنية. أما الحالة الثالثة فتتركز على اللجنة الأمنية في دير الزور، وترأسها رئيس حزب البعث، وكانت تدير الأجهزة الأمنية في محافظة الرقة.

ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن هناك 22 مسؤولا تم الكشف عن أسمائهم للحكومات ولم يعلن عنها. مشيرا إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تقوم فيها لجان بالتحقيق في جرائم النظام السوري، فقد توصلت لجنة تابعة للأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 2013 إلى "وجود أدلة تظهر مسؤولية على مستويات عليا في الحكومة، بمن فيها رئيس الدولة". 

وتنقل الصحيفة عن رئيس المفوضية الدولية للعدالة والمحاسبة بيل وايلي قوله إن عمل مفوضيته كان مميزا، فقد قدمت ملخصات قانونية وتلخيصا للحقائق وأدلة داعمة، والقانون الذي يمكن تطبيقه عليها، ما يعني أنها جاهزة للنظر بها أمام المحكمة.

ويضيف وايلي للصحيفة: "لم تكن مفوضية الأمم المتحدة معنية بالنظر بالمسؤولية الجنائية الفردية، ولم تحضر ملفات تقدم إلى المحاكمة، وهذا لم يكن خطأ المفوضية؛ لأنها لم تحصل على تفويض. وكانت للمفوضية مساحة واسعة تشمل المجتمع والتحقيق في الممارسات ضد الأقليات والمرأة. أما نحن فقد ركزنا على القانون الجنائي الإنساني والمسؤولية الجنائية الفردية". 

ويذهب الكاتب إلى أن تحقيق المفوضية الدولية للعدالة والمحاسبة قام على أدلة من وثائق تم الحصول عليها. وحصلت المفوضية على نصف مليون من الوثائق، التي تحتوي على أوامر وتقارير أرسلها المسؤولون إلى القادة الميدانيين، أي من خلية إدارة الأزمة لحكام المحافظات، التي تطلب فيها منهم القيام بحملات اعتقال جماعية. ولا يمكن الكشف عن الوثائق لأسباب أمنية، بحسب الصحيفة.

وبحسب التقرير، فإن فريق المفوضية في كل محافظة من المحافظات يدخل مكاتب المحافظات والحكومة، بعد ترك المسؤولين لها أو سيطرة المقاتلين عليها، حيث يجمع الوثائق المطلوبة. وقام مسؤول الفريق "عادل" بإدارة العملية في الداخلية، وكان معرضا للقتل أكثر من مرة. وأدى عمله إلى قلق عائلته. 

وتنقل الصحيفة عن عادل، الذي خرج من سوريا، ويقيم الآن في عاصمة خليجية، قوله إنه كان يغيب كثيرا عن البيت، وقد سبب ذلك مخاوف للعائلة، ويضيف: "لكنني لا أزال أؤمن بعدالة القضية".

ويكشف بورغر عن أن المفوضية أجرت حوالي 400 مقابلة، كان الكثيرون منهم يعرفون طريقة عمل النظام أو انشقوا عنه. ويرى وايلي أن الوثائق التي حصلت عليها المفوضية هي نقطة البداية، ويقول: "نقطة التحول كانت منذ البداية هي الوثائق التي تم العثور عليها وتهريبها". 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن المفوضية تقوم بتحقيق منفصل في ممارسات المتشددين، خاصة تنظيم الدولة، ويعتمد على شهادات أشخاص يعرفون بعمل التنظيم، أو من المواد المتوفرة على الإنترنت، حيث تم تحميل 470 ألف مادة وتمت أرشفتها. ورغم اطلاع الكثير من الوزارات العدلية في الدول الغربية على الملاحقات القضائية، إلا أن المحاكمة لن تتم قبل تغيير النظام في دمشق، أو تغيير مجلس الأمن لموقفه.
التعليقات (0)