هرولت قيادات بارزة في حزب
المؤتمر الشعبي العام، الذي يترأسه الرئيس المخلوع
علي عبد الله صالح إلى
الرياض، لتأكيد ولائها لشرعية الرئيس
اليمني عبد ربه منصور هادي.
وكانت هذه القيادات خانته يوما ما في صنعاء بتحالفها مع جماعة الحوثي والانقلاب عليه، بل ووافقت على قرار الإطاحة به من منصبي النائب الأول والأمين العام في الحزب، وفقا لمراقبين.
واتهمت نخب يمنية تلك القيادات التي يسميها كثيرون بـ"صقور المؤتمر" باللعب على الحبلين، لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، بعدما يئست وظنت أنه لا ملجأ لها سوى الرياض.
بينما ذهب آخرون إلى القول إن "تلك القيادات في حزب المؤتمر لم تتخلّ عن رئيسه صالح، وسبق أن دعمت تمدد الحوثيين المسلح، وهدفها الآن إعادة التموضع من جديد تحت يافطة تأييدها لشرعية الرئيس هادي.
وبناء على هذه المعطيات، يتساءل مراقبون: هل تخلى صقور المؤتمر الذين وصلوا إلى العاصمة السعودية الرياض عن المخلوع صالح، أم لا؟
تواصل مهم
يرى رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، نجيب غلاب، أن "التواصل مع القيادات التي وصلت الى الرياض مهم، لأنها حددت موقفا واضحا من الحوثيين، وقبلت بقرارات مجلس الأمن"، فضلا عن كون أغلبها من الجناح المعتدل الذي يحاول "إنقاذ حزب المؤتمر من الاختراق الحوثي".
واستدرك المتحدث قائلا: إن "حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح، تحكمه مصالح وطريقته في إدارة الصراع مبنية على الوقائع".
وأضاف أن "جناح علي صالح في الحزب وصل إلى هاوية الهزيمة، وفشل فشلا ذريعا، حينما أصبح صالح على رأسه، في لعبة سياسية صاغها بنفسه وحفر هزيمته بيديه".
وقال في حديث خاص لصحيفة
"عربي21"، إن حضور حوار الرياض، عبر تمثيلية "شخصيات، من الجناح الأضعف في سلطة الانقلاب"، يعني "التعامل بخبث وخداع. ومن أرسلهم صالح، ربما بموافقة الحوثيون، يبدون كسفراء بلا صلاحيات، ما يجعلهم أداة من أدوات إدارة الحرب التي تديرها سلطة الانقلاب في صنعاء".
وأشار غلاب الى أن "القيادات التي أوفدها علي صالح إلى السعودية تتعامل مع الرئيس هادي رئيسا لا علاقة له بالحزب، لكون الأول لا يزال يمسك بخناق حزب المؤتمر، ويتعامل معه كملكية خاصة، ويريده أن يكون واجهة لإنقاذه".
وأوضح أن "مشكلة حزب المؤتمر أنه حزب سلطة، لا يعيش دونها، والمصالح الفاسدة التي كونته، وأصبحت لحمته اليوم، مؤسسة على فراغ.
وقال إن "الكتلة الحوثية" هي ما تجعله متماسكا، وأشار إلى أنها "تريده ذراعا سياسيا لإعادة إنتاج الهيمنة الحوثية، وتلميع وجهها القبيح، وتمرير وجودها، بعد أن وصلت الى فشل تام".
ودعا رئيس مركز الجزيرة للدراسات، القيادات المؤتمرية الموجودة في المملكة، إلى إثبات مصداقيتها، من خلال القطيعة التامة التي لا لبس فيها، مع الحركة الحوثية كـ"أيديولوجيا وشعارات ومليشيات".
وحثهم على تحرير إعلام الحزب من الخطاب "التعبوي" العدائي ضد دول الخليج، والتحرر من تيار الحوثي، المتغلغل في شرايين المؤتمر، وإنهاء دور صالح السياسي، وفك ارتباط المؤتمر الشعبي العام ومراكز قواه المتحكمة بالجيش والأمن، والاعتراف بالأخطاء ومراجعتها".
احتواء استباقي
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عباس الضالعي، إن "قيادات حزب المخلوع صالح، التي وصلت العاصمة السعودية، تقوم بـ"احتواء استباقي للرئيس اليمني هادي، وتوجيه سياساته المقبلة، والتأثير على قراراته من جهة، والحفاظ على حزب المؤتمر من الانهيار الشامل من جهة أخرى".
وأضاف في حديث لـ
"عربي21" أن "صقور المؤتمر التي هرولت إلى السعودية، لم يكن ذهابها إلا قرارا من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، للقيام بمهمة استخباراتية لصالح القوى الإقليمية والدولية التي تدعم "صالح"، وتحديدا إيران، ومحاولة تشويش القيادات الرافضة للوجود الإيراني في اليمن والمتواجدة حول هادي".
وعلق الضالعي على غياب أحزاب اللقاء المشترك عن المشهد السياسي بقوله: "المشترك لم يعد متماسكا كما كان في الفترة السابقة، وأغلب الأحزاب المنضوية تحت هذا الكيان أصبحت موالية لمليشيا الحوثي، وداعمة لانقلابه على السلطة، باستثناء حزب الإصلاح والتنظيم الوحدوي الناصري".
وأوضح الضالعي أنه "رغم تأييد التجمع اليمني للإصلاح لعاصفة الحزم، إلا أن قياداته ما تزال قابعة في معتقلات الحوثي وصالح، بينما يتم استقبال قيادات المؤتمر المتحالفة مع الحوثي حليف إيران بهذه الطريقة، ما يضعنا أمام مفارقة عجيبة".
واتهم الرئيس هادي بتكرار الأخطاء السابقة. وقال إن انتهاجه السياسة الحالية، "سيعيد إنتاج الحوثيين ومن ورائهم طهران من جديد إن لم تتنبه لذلك دول التحالف العربي، وخصوصا السعودية" التي حذرها من الاعتماد "على رجالات إيران الذين أرسلهم المخلوع علي صالح تحت عنوان إعلان الولاء لهادي وشرعيته".
اللعب على الحبلين
وفي السياق ذاته، أكد الباحث السياسي زايد جابر أن قيادات المؤتمر الشعبي العام المقيمة حاليا في المملكة، لم تتخلّ عن صالح كما أشاع بعض أنصارهم وخصومهم على حد سواء، وإنما "أرادت أن تركب الموجه للحصول على مكاسب سياسية ومادية لا أكثر".
وبين في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن معظم القيادات المؤتمرية تلعب على الحبلين، ورغم زعمها أنها أتت للمشاركة في حوار الرياض وتنفيذ قرارات مجلس الأمن"، فإن الرئيس المخلوع علي صالح هو من بعثها.
واستدل جابر بدفاع القيادي البارز أحمد عبيد بن دغر عن زعيمه صالح، الاثنين، في الرياض، وقال: "لو تمكن من الخروج من اليمن - أي صالح ـ لكان له موقف قوي من الحوثي أكثر من الموجودين في السعودية".
وهو الموقف الذي تبناه الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي، سلطان البركاني، الذي زعم أن علي صالح لا علاقة له بالحرب الدائرة في مدينة تعز والمدن الجنوبية الأخرى، محملا الحوثي "وحده لا شريك له مسؤولية هذه الحروب".