تزامنا مع الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لبعض الدول الخليجية، نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا تتحدث فيه عن توجهات هولاند الديبلوماسية في ما يتعلق بعلاقات بلاده مع المملكة العربية السعودية.
ويأتي تقرير الصحيفة في وقت يحل فيه هولاند اليوم الإثنين بقطر بهدف توقيع عقد بيع 24 طائرة حربية فرنسية من نوع "رافال"، ليتجه بعد ذلك إلى الرياض، للحضور كضيف شرف على قمة استثنائية لقادة مجلس التعاون الخليجي، في خطوة فريدة يعتبر أول رئيس لدولة غربية يقدم عليها، وهو ما اعتبرته الجريدة الفرنسية خطوة "حبلى بالدلالات الرمزية".
وحسب التقرير الذي اطلعت عليه صحيفة "عربي21"، فالعلاقات مع الأنظمة الملكية في دول الخليج، وبالأخص مع المملكة العربية السعودية، التي تعتبر "الأكثر قوة" في المنطقة، تعتبر بالنسبة لباريس "ذات طبيعة سياسية وإستراتيجية".
هذه الأبعاد تنضاف حسب "ليبراسيون" إلى كون السعودية بمؤهلاتها الاقتصادية المتمثلة في مئات الملايير من احتياطات العملة الأجنبية التي تدرها أرباح البترول إلى جانب التطور السريع لعدد ساكنتها (28 مليون نسمة)، سوقا "واعدا" وشريكا ديبلوماسيا وعسكريا أساسيا وذلك لكونها "عمودا مركزيا في المعسكر السني في مواجهة المعسكر الشيعي، في حرب إقليمية بلا هوادة تمتد من العراق إلى اليمن مرورا بسوريا ولبنان"، توضح الجريدة في تقريرها.
وفي ما يتعلق بعلاقات فرنسا بدول الخليج، أشار التقرير نفسه إلى أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي كان يركز في توجهاته الديبلوماسية على قطر الغنية، و"الداعمة للإخوان المسلمين"، والتي "تعاكس توجهات الرياض".
وبحسب تقرير الجريدة الفرنسية دائما، فإعادة توثيق الروابط السعودية الفرنسية بدأ في ولاية هولاند، وهو ما اعتبرته "مفارقة" بالنظر إلى كون هذا السعي إلى التحالف الوثيق يتم مع بلد يخضع لنظام ملكية مطلقة، و"إسلامية وهابية متشددة"، معتبرة في نفس السياق أن التعديلات التي قام بها الملك سلمان مؤخرا تبقى "جد محدودة".
وتابع نفس المصدر تحليله للمعطيات المرتبطة بالعلاقات الفرنسية السعودية موضحا أن باريس تحاول الاستفادة من "واقع الصدمة" التي خلقتها المستجدات، هذا إلى جانب القلق المتزايد للنظام السعودي اتجاه سياسات إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتجاه الشرق الأوسط، فالرياض لم تتقبل مساندة هذه الأخيرة لثورات الربيع العربي التي عرفتها المنطقة.
وأوضح التقرير أن قلق السعودية يتزايد، وكغيرها من الأنظمة الملكية في دول الخليج، من الوصول إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، مما يهدد بدخول طهران إلى اللعبة السياسية في المنطقة، مسلحة بإمكانيات مادية مهمة بعد رفع العقوبات الدولية عنها ما سيسمح لها بالعودة كمنافس قوي في ما يتعلق بصادرات النفط الخام، هذا في وقت ترى فيه إدارة أوباما أن إيران سيكون لها دور في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق واشام.
على العكس من ذلك، تتماهى الرياض وباريس في رؤيتهما في ما يتعلق بمخاطر التوسع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، يورد التقرير، والذي تحدث في نفس الصدد عن كون الرئيس الفرنسي هولاند اختار في توجهاته الديبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط التركيز على الأنظمة "السنية المعتدلة"، مع دعم الثوار ضد نظام بشار الأسد في سوريا.
كل هذه المعطيات تجعل من بارس في عيون الرياض شريكا يفرض نفسه، ومزودا جيدا بالعتاد العسكري، تتابع "ليبراسيو" تحليلها، خصوصا بعد تزود نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المدعوم من المملكة بطائرات رافال الفرنسية، تليه قطر، هذا إلى جانب تجهيز الجيش اللبناني بأسلحة مدفوعة الثمن من طرف السعودية.
بناء على ما سبق، اعتبرت "ليبراسيون" أن العلاقات الفرنسية-السعودية تعرف "شهر عسل" حقيقي، خصوصا وأن حلول هولاند بالرياض سيعقبه توقيع بيان مشترك بين البلدين، بمثابة "ورقة طريق" سياسية، اقتصادية، استراتيجية وعسكرية.