تساءل موقع سبوتنيك الروسي، عن دوافع ونتائج الجهد الذي تبذله
روسيا من أجل تحديث جيشها، وأشار إلى أن حركة التجديد التي شملت الجيش الروسي أسالت كثيرا من الحبر، ومثلت برهانا لكل دول أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية على أن روسيا لها أجندة إمبريالية توسعية، وتتحضر لشن حرب ضروس ضد الخارج في المدى القريب.
واعتبر كاتب التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن هذا الأمر أتاح فرصة من ذهب لكل تجار السلاح الراغبين في إمضاء عقود جديدة، ولكل راغب في تشويه سمعة فلاديمير بوتين، سواء من المعارضين الروس أم من وسائل الإعلام الغربية، الذين يقولون إنه من خلال مواصلته لبرنامج التحديث هذا رغم الأزمة الإقتصادية التي تعيشها روسيا، فإن زعيم البلاد يوضح أنه في حال انحصر الخيار بين الزبدة (في إشارة إلى الغذاء) والسلاح فسيختار الأخير بدون أي تردد.
وفي الإطار ذاته، أفاد التقرير بأن المختصين الأمريكيين المهتمين بمتابعة الملف لاحظوا استهزاء ضباط الدفاع الروسي بهذه الادعاءات، وأوضحوا أن تسابق روسيا نحو إعادة تسليح جيشها يتم بنسق متناسب بعد 20 سنة من الإهمال، بين 1989 و2008، ما سبب تدهورا كبيرا في جاهزية القوات المسلحة الروسية.
وأوضح التقرير أنه رغم ضرورة أخذ الحجة الاقتصادية بعين الاعتبار، فإن الوضع الحالي لا يفرض على روسيا وضع الزبدة والسلاح على كفتي الميزان، حيث يمكن لروسيا توفير الاثنين بقليل من الحنكة، ولكن ما يتوجب عليها التأكد منه هو عمل البرنامج وفق الجدول المتفق عليه تفاديا للعثرات المالية وزيادة التكاليف والتأخير وهدر الموارد، إذ أن هذه الأمور كلفت الاتحاد السوفياتي غاليا في الماضي.
وفي السياق ذاته، تعرض التقرير إلى أن هذه الصرامة في التعامل مع الوضع ضرورية، إذا ما أراد المركب العسكري الصناعي الروسي التنافس مع نظيره الأمريكي في سياق دولي يجمع بين المنافسة التكنولوجية والتوتر الديبلوماسي والمزايدات الإعلامية، مشيرا إلى أنه من المغري لروسيا أن تصرح بأنها توصلت إلى نفس معايير إنتاج نظيرتها وربما تفوقت عليها، وذلك تلبية لشعور بالنخوة الوطنية.
كما طرح التقرير سؤالا حول ما إذا كان من المناسب إطلاق برنامج القاذفات الاستراتيجية الخفية (پي كيه آي ـ دي آي)، ردا على مشروع "لونغ رينج سترايك بومبر" الأمريكي، في حين أن تكلفة طائرة "شبح" وبرامج "بي2" و"إف35" و"إف22" تكاد تكون تعجيزية، ليس فقط في مرحلة البحث والتطوير والاقتناء، ولكن أيضا في مرحلة الصيانة الدائمة. كما لفت النظر إلى أن هذا البرنامج موجهة للاستعمال في صراع من طراز عال، أي ضد بلدان تحوز على رادارات مضادة للأجهزة الخفية، وهو ما يشكك في مدى فاعلية هذه المعدات على أرض الواقع.
وأفاد التقرير أن المستفيد الأول من هذا البرنامج هو مكتب الدراسات "بتوبوليف"، القادر من دون أي شك على تصنيع منتج عسكري متطور إذا ما توفرت له الموارد المالية، خاصة وأن سوق الصناعات غير العسكرية تعاني من ركود.
كما تساءل التقرير عن رغبة روسيا في دمج التقنية النووية الجوية مع
أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت من نوع "سو34" و"سو35" أو "تي50"، خاصة وأن فرنسا تحضر لنظام يجمع بين "رافال إم. ل. يو" وصاروخ نووي تفوق سرعته سرعة، لتصل إلى 7 ماخ أو 8 ماخ. وأكد أن المجال لا يزال يسمح بتغير الاستراتيجية، باعتبار أن الأسلحة من نوع "توـ95ـ إم ـ إس6/16" و"تو22 إم 3" و"تو160" لا تزال قابلة للاستعمال حتى عام 2040.
وأوضح التقرير في نفس الإطار أنه قد تم كشف النقاب، منذ 15 يوما، عن طائرة جديدة للتنقل الاستراتيجي تحت إسم "الپاك تي آي" من صنع شركة إليوشن الروسية. كما أطلق التقرير سلسلة من التساؤلات حول ما إذا كان من الأفضل استعمال هذه الطائرة وما إذا كان من الضروري اللجوء إلى التقنيات العالية والأداء المتطور في هذا المجال، خاصة وأن معظم
الجيوش تستعمل الطائرات البسيطة لنقل الشحنات الثقيلة عبر المسافات الطويلة.
واعتبر كاتب التقرير أن روسيا، في حالة تواصل قطعها للعلاقات مع أوكرانيا، ستحتاج إلى معجزة من أجل إعادة إطلاق برنامج "أنتونوف124" ومواصلة برنامج "أنتونوف70"، وسيكون عليها الرجوع إلى تصنيع الأجهزة ذات الطابع التقليدي.
كما أشار إلى أن شركة إليوشن تتمتع ببرنامج عمل يضمن لها نشاطا على المدى الطويل، حيث أنها مطالبة بتصنيع نسخة جديدة من "إيل76" و"إيل476"، وناقلتي نفط، ونسخة جديدة من "إيل78" و"إيل96 - 400 ت. ز" إضافة إلى طائرات نقل تكتيكي، وأنه يجب على مكتب الدراسات التابع لها، الذي يعد الآن المصنع الوحيد لطائرات النقل العسكرية الروسية، وضع اللمسات الأخيرة على سلسة برنامجه.
ولفت التقرير النظر إلى أن الحاجة العملية لطائرة النقل التكتيكي من نوع "إي إن 70" و"إي 400 إم" هو دليل على نهاية "أنتونوف12"، وبرهان على اقتناع الجيوش المعاصرة بضرورة اقتناء طائرات استراتيجية وتكتيكية، وأنه في ظل غياب هذين النوعين من الطائرات فإن قدرة روسيا على الردع في حالة نشوب صراع ستكون ضعيفة أو منعدمة.
وفي الختام أشار التقرير إلى أن التعديلات والتحديثات الروسية على برامجها في مختلف الميادين، مثل التسلّح النووي والجوي والفضائي والبناء البحري والتسلح البري، تجبر روسيا على التحكم في نفقاتها، واتخاذ قرارات حاسمة ذات نتائج محورية في المجال الدبلوماسي.