سياسة عربية

هآرتس: عندما هُزمت "طالبان" و"القاعدة" أمام تنظيم الدولة

أبو بكر البغدادي ـ أرشيفية
أبو بكر البغدادي ـ أرشيفية
نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقالا خلص فيه كاتبه إلى امتلاك "تنظيم الدولة" قدرات تمكنه من البقاء، بفعل البنية الأساسية التنظيمية التي تضمن له الاستمرار في التواجد، مع ضم فروع تستقيل من "القاعدة" إليه أيضا.

وقال محرر الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، "تسفي بارئيل"، في المقال الذي نشر الإثنين، إن "حدثا زلزل "المنظمات الجهادية" هذا الأسبوع، حيث نشرت طالبان سيرة حياة زعيمها، "الملا عمر"، للمرة الأولى منذ 20 سنة، والذي استضاف أسامة بن لادن ومنحه المأوى في أعقاب أحداث 11 سبتمبر".

وتابع "تسفي بارئيل"، في المقال الذي اطلعت عليه صحيفة "عربي21"، أن "الملا عمر" حافظ لعشرات السنين على سرية مطبقة جعلت منه شخصية غامضة، معروفة للقلائل فقط، علما أن السيرة لم تتضمن نشر صورته أو طبيعة حياته أو مكان اختفائه غير المعروفين".

واعتبر محرر الشأن العربي في "هآرتس"، أن "نشر سيرته الذاتية، ثقافته ومآثره الكثيرة ضد "العدو الأمريكي" تعد أمرا استثنائيا ويثير اهتماما كبيرا، وتحديدا بسبب توقيته".

وأضاف نقلا عن خبراء أفغان وباكستانيين يتابعون المنظمات الجهادية في دولهم، أن تفسير كسر الغموض حول "الملا عمر" مرتبط "بالتسرب المتزايد من مسؤولي طالبان إلى تنظيم "داعش"؛ ممن يشعرون أن زعيم طالبان منفصل عن جمهور مؤيديه وأنه لم يعد مؤهلا من أجل إكمال الرسالة العليا للحركة، خاصة وأنهم يرون أن مصادر تمويل الحركة آخذة بالانكماش". 

وأفاد "أن هناك جزءا آخر من الحركة يعارض عملية التصالح مع الحكومة الأفغانية خوفا من أن عدم نجاح المشروع، سوف يؤدي إلى تراجع الحركة عن مراكز القوة التي سيطرت عليها". 

وأوضح أن هذه الأسباب هي التي دفعت إلى "إبراز قوة "الملا عمر" ووجوده العلني، وعرض نفسه كزعيم وحيد ممكن لحركة "طالبان" وكبح جماح تيار المتسربين إلى"ولاية خراسان"، التي تطمح لتمثيل الحركة الإسلامية في أفغانستان، وباكستان، وإيران والهند".

وزاد الكاتب، أنه "في الطرف الآخر من الشرق الأوسط نشرت مؤخرا تقارير من عدة مصادر، جاء فيها أن زعيم القاعدة "أيمن الظواهري"، يعتزم الاستقالة"، حيث أعطى الحرية لرؤساء "الفروع" في أنحاء الشرق الأوسط في منح الولاء للمنظمة، وحثهم على الانضمام إلى منظمات إسلامية أخرى، من بينها (داعش)". 

وتحدث الكاتب عن شهادة "آدم دين" في مقابلة مع صحيفة "الحياة" اللندنية، والذي قال إن "الظواهري" توصل إلى استنتاج مفاده أنه لم يعد مؤهلا لمنافسة "داعش"، على الرغم من نجاحه في إقامة ثلاثة فروع جديدة، في الصومال (الشباب)، وفي سيناء، وفي الهند".

ومضى يقول إن "الخلافات الداخلية، خاصة في الفرع الأهم في اليمن، الذي انتقل جزء منه إلى "داعش"، جعل من "القاعدة" منظمة ثانوية وهامشية، تكرر نفس سيناريو سوريا، حيث عملت فيها القاعدة من خلال "جبهة النصرة"، بزعامة أبو "محمد الجولاني"، قبل أن يقرر "أبوبكر البغدادي" إقامة "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ويقسم القاعدة".

فالبغدادي الذي أصبح، حسب الكاتب، "يسيطر على العديد من المناطق في البلاد، رفض طلب الظواهري وأعلن انفصاله عن القاعدة، من خلال توجيه بعض الشتائم للظواهري، ورفض التعاون مع الجولاني إلى أن يعلن الولاء له".

وزاد بأن "قطر" التي تدعم "النصرة" تتطلع إلى فصلها عن "القاعدة" وإلحاقها بمنظمات إسلامية أخرى تحظى بصفة "المعتدلة"، من أجل التمكن من شطبها من قوائم الإدارة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، ومن أجل أن تتلقى بشكل مباشر المساعدات من "قطر" من دون إحراجها.

وتابع أن رفض الطلب القطري من شأنه أن يمس بمصادر تمويلها، وفي حال نجحت قطر في ضم تركيا إلى محاولات الإقناع، فإن ذلك من شأنه أن يغلق الممر الآمن والحيوي مع تركيا من أجل استمرار نشاطات (جبهة النصرة)".

وخلص الكاتب، إلى أن "منظومة الاعتبارات هذه، تدلل على أن الولاء أو عدم الولاء لتنظيم "القاعدة"، غير قائم على الأيديولوجيا، بل على قيم "براغماتية" تتعلق ببقاء التنظيم". 

واعتبر أن صورة "جبهة النصرة" غدت أكثر ضبابية، ففي مناطق هي تابعة "للقاعدة" أو حتى تمول من قبلها، وفي مناطق أخرى تتعاون مع "داعش" وغيرها من منظمات تعمل ضدها. 

وقال إن "تقديم الولاء من أكثر من 30 منظمة إسلامية حول العالم لـ"داعش"، أو انفصال جزء منها عن "القاعدة"، يجعله التنظيم الأكبر والأقوى، وبشكل أساسي من أجل إزاحة "القاعدة" كمنظمة منافسة والقضاء عليها".

واعتبر أن "البغدادي أقام مشروعه على أسس وضعها بن لادن الذي صنف نوعين من الأعداء: القريب- الأنظمة العربية والإسلامية التي لا تطبق الإسلام الصحيح، والبعيد – أساسا الغرب".

وختم "على هذا الأساس أقام أبو بكر البغدادي رافعة سلطته، ففي ظل هذا المبنى الصلب من الممكن أن يتلقى داعش هزيمة في دولة أو في منطقة معينة، ولكن البنية الأساسية التنظيمية له تستمر في التواجد وفي ضم فروع القاعدة إليها أيضا، وهذه من جانبها، تستمر في فقدان المناطق التي تحت سيطرتها". 



التعليقات (0)