نظام الأسد يحتفظ بمجندين إلزاميين منذ 5 سنوات لنقص بقواته
أنطاكيا - مصطفى محمد29-Mar-1507:27 PM
0
شارك
قوات النظام
"لن يفهم معاناتنا إلا من عايشها، خمسة أعوام ونحن متجمدون هنا، بعكس الزمن الذي يتقدم خارج الثكنة العسكرية، خمسة أعوام ونحن خارج الحياة"، بهذه الكلمات بدأ العسكري "ع. أ" (31 عاما)، حديثه مع مراسل "عربي21".
و "ع.أ" يحمل شهادة جامعية من كلية الآداب، ويحتفظ به النظام السوري بصفوف قواته في مقر قيادة الفرقة السابعة في الريف الدمشقي، بالقرب من بلدة زاكية المنكوبة حالياً بفعل الحصار التي فرضته الثكنات العسكرية المنتشرة حولها على أهلها.
وبينما انشق زملاء له في الأشهر الأولى للثورة السورية، تعرفت "عربي21" إلى أحدهم، قرر "ع.أ" مواصلة خدمته العسكرية، محكوما بخيارات طائفته العلوية التي اختارت مرغمة في بعض حالاتها المضي مع هذا النظام إلى النهاية، وهذا الاصطفاف جعلها لا تتسامح مع أبنائها حتى بمجرد أن يفكروا بالانشقاق.
يقول "ع.أ" الذي تواصلت معه "عربي21" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بصوت متعب: "أنا كما أنا، لا زالت أحلامي الكبيرة والصغيرة كما كانت سابقا، بدءا من تأمين البيت في ضواحي مدينة اللاذقية، إلى الحصول على وظيفة، ووصولا إلى زواجي بمن أحب".
ويضيف بعد برهة من الصمت: "لم نخيّر في قرارنا نحن أبناء الطائفة العلوية، قرارنا رهن بيد النظام، وكثير من الأصوات المعارضة تنادي بمحاكمتنا، ونحن تهنا بين هذا وذاك".
ويقول "ع.أ" بمرارة: "العمر يتقدم بينما أحلامي تراوح مكانها، وليس بيدي من حيلة. ليس هذا فحسب، بل لا يوجد شاطئ يلوح في الأفق، وسفينتنا ذات الرقم 102، تبحر بعيدا، وفي غمرة إبحارها تزداد أحلامنا بعدا".
وقبل أن يختم مودعاً يقول: "لم أشارك في أي معركة، وخدمتي لا تزال ضمن الأقسام الإدارية، ولهذا لا زلت مرتاحاً بعض الشيء في مطاردة الأحلام، على أمل أن تنتهي هذه البلاد من محنتها".
والرقم 102 يشير إلى دورة عسكرية هي من أقدم الدورات التدريبية التي لم يتم تسريح أفرادها، وقد تجاوزت فترة خدمة عناصرها الخمسة الأعوام الآن، فيما يبلغ متوسط أعمار جنود هذه الدورة من حملة الشهادة الجامعية 30 عاماً.
ففي الوقت الذي تعاني فيه قوات النظام من تخلّف الشباب عن الالتحاق بالخدمة، تزداد معاناة هؤلاء العسكريين، الأمر الذي دفع بعضهم إلى رفع الصوت عاليا، للفت أنظار النظام السوري إلى معاناتهم.
وتأتي صفحة "العسكريين المضطهدين"، التي أسسها جنود غير مسرّحين على موقع التواصل الاجتماعي، من بين هذه الأصوات، لتقول للأوساط المؤيدة إن المحتفَظ بهم هم بشر كغيرهم، يحلمون بأن يعيشوا كما يعيش الآخرين.
وتطالب الصفحة بترتيب لقاء أهالي الجنود مع الرئيس السوري بشار الأسد، حتى يتم النظر في قضيتهم التي وكما يبدو لا تلقى آذانا صاغية من نظام قرر الزجّ بكل البلاد في أتون حرب يخوضها ضد شعبه، ضاربا كل هذه النداءات المؤيدة له بعرض حائط العسكرة المفضل لديه.
وتصف الصفحة وعود التسريح التي يقدمها النظام بين الفينة والأخرى بـ"إبر البنج" أو المخدر، فيما يكتب آخر رسالة إلى بشار الأسد يخاطبه فيها بالقول: "بعد خمس سنوات من القتال، والجوع والبرد والحر، لم يبق منا شاب إلا وقد أصيب، خمس سنوات من الحرب جبال هدمت، ونحن بشر ولسنا محركات ميكانيكية. إلى متى؟ أليس لنا حقوق كما علينا واجبات؟ أما من حقنا أن نعيش؟ أما من حقنا أن نبني وطننا الذي دافعنا عنه وترك واجب الدفاع لغيرنا؟".
هذا ويغيّب النظام الإحصائيات الدقيقة لأعداد الجنود المحتفظ بهم، ويحرص على عدم الخوض في الحديث عن مصيرهم، معللاّ ذلك بحاجة الوطن إليهم.