ملفات وتقارير

هل تسقط مدينة تعز اليمنية هذه المرة بيد الحوثي؟

مظاهرات في تعز تأييدا لشرعية هادي - الأناضول
مظاهرات في تعز تأييدا لشرعية هادي - الأناضول
باتت مدينة تعز (جنوب اليمن) قاب قوسين من سيطرة جماعة "أنصار الله" (الحوثي) عليها بشكل تام، بعد أن كانت قد استعصت عليها خلال الأشهر الماضية.

وتمكن مسلحو الجماعة هذه المرة من إسقاط مطار المدينة على أيدهم، فضلا عن وصول تعزيزات عسكرية حوثية إلى معسكر قوات الأمن الخاصة إليها، تمهيدا لضمها لمناطق النفوذ الحوثي في البلاد.

ويأتي هذا الأمر مع تصاعد وتيرة الرفض الشعبي لسيطرة الجماعة، الذي تجلى إثر صدامات بين متظاهرين وقوات تابعة للأمن الخاص الموالي للحوثيين والرئيس السابق علي صالح، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المحتجين.

سقوط تعز مقدمة لسقوط جنوب اليمن

يرى رئيس تحرير صحيفة "الناس"، أسامة غالب، أن سقوط مدينة تعز بيد الحوثيين يعني أن سقوط المحافظات الجنوبية بات مسألة وقت، لكون المدينة تمثل اليوم خط الدفاع الأول عن عاصمة اليمن الجديدة عدن بحكم الأمر الواقع، معبرا عن أسفه من "مواقف بعض قيادات الحراك الجنوبي التي ما زالت حتى اللحظة تقول إن الصراع في الشمال لا يعنيها".

وقال غالب في حديث لـ"عربي21" إن "هناك مؤامرة كبيرة على تعز من قبل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بدافع الانتقام منها، ذلك لأنها تعد شرارة ثورة 11 من فبراير التي أطاحت بحكمه في 2011، إلى جانب أن جماعة الحوثي تريد احتلال المدينة لأهميتها الاستراتيجية".

وتعد المدينة جزءا لا يتجزأ من الجنوب اليمني ذي الأهمية الجغرافية، لا سيما قربها من باب المندب الممر الدولي المهم، الذي تحلم إيران بالسيطرة عليه، وفق غالب.
 
وتابع بأن "الحوثيين يريدون إسقاط مدينة تعز وتحويلها إلى محطة للانطلاق نحو مدينة عدن (جنوبي اليمن) للقضاء على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إضافة إلى أنها معقل للشرعية الدستورية".

ويسعى الحوثيون من خلال السيطرة على تعز إلى "استكمال انقلابهم العسكري، والسيطرة على المحافظات الجنوبية وحكم اليمن بشكل كامل"، على حد قوله.

وأشار رئيس تحرير صحيفة "الناس" إلى أن "مواقف محافظ تعز وهو رجل الأعمال الشهير، شوقي أحمد هائل، إيجابية، لحرصه على تجنيب المحافظة الصراع، حيث أنه عقد عدة لقاءات مع قيادات الأحزاب في المدينة خلال الفترة الماضية، في سبيل الوصول إلى ميثاق شرف يجنب المحافظة الاقتتال والسلاح".

لكنه قال: "يبدو أن المعركة حاليا أكبر منه، وإذا لم يكن هناك قرار سياسي من الرئيس هادي بالدفاع عن تعز، ووقف التمدد الحوثي المسلح، فلن يستطيع المحافظ هائل فعل شيء".

ولفت غالب إلى أنه "ليس أمام أبناء تعز الآن إلا الخيار السلمي، وإن كانت نتائجه غير مضمونة، خصوصا إذا حدثت خيانات داخل المحافظة، بسبب الخوف من خطورة مليشيا مسلحة لا تعرف إلا القوة".

ودعا إلى "الوقوف كتلة واحدة أمام تمدد مسلحي الحوثي، وهذا الأمر لاشك أنه سيحطم حلم الحوثي بضم تعز إلى جغرافيا سيطرته"، وفق تعبيره.

الحوثي سيحكم تعز قريبا

من جهته، أكد عضو المنتدى السياسي اليمني للتنمية الديمقراطية، فهد سلطان، أن "ما يجري في تعز في هذه اللحظة لا يخرج عن السياق العام الذي يدور في اليمن منذ سنوات، وتحديدا منذ 2011، وغالبا ما يكون الحديث عن تعز له تأثير وحساسية كبيرة في التناولات الإعلامية، بسبب وضعها التاريخي والديموغرافي معا".

وعدّ سلطان ما يجري بتعز "محاولة حوثية للحصول على مكاسب أوسع، للضغط على الجنوب من أجل الحصول على مكاسب فيما بعد الانفصال".

وفسّر سلطان تطورات الأحداث التي تشهدها مدينة تعز بأن "هناك سيرا حثيثا نحو الانفصال من قبل النظام السابق وجماعة الحوثي، بعدما صارت اليمن في وضع جديد من الصعب على أي طرف حسمه بسهولة".

وأشار إلى أن محافظ مدينة تعز خُدع من قبل اللجة الأمنية في المحافظة، التي كانت على تواصل مستمر مع الرئيس السابق على صالح، لكنها اليوم تجد نفسها في موقف حرج وغير قادرة على القيام بدورها، نظرا للتواجد الكثيف لمسلحي الحوثي في المدينة.
 
وقال عضو المنتدى السياسي لـ"عربي21" إن "سقوط تعز بيد جماعة الحوثي سيزيد من حتمية الانفصال بين الشمال والجنوب، وذلك لأن الجماعة لن تستطيع الدخول بعد ذلك إلى مدن الجنوب لحساسية المشهد فيها، لاسيما بعدما سادت النظرة لدى الجنوبيين أن الحوثي يحاول دخول مناطقهم، وأن ذلك يعدّ استهدافا مباشرا لهم".

وتوقع عضو منتدى السياسة للتنمية الديمقراطية بأن "يُحكم الحوثيون قبضتهم على تعز، خلال الأيام القليلة القادمة، من خلال تواجد عسكري مكثف لهم هناك، والسيطرة الكاملة على المعسكرات والمقار الحكومية الرسمية الكبيرة، لتصبح المدينة محطة لمهاجمة جنوب البلاد".

لكنه لم يستبعد "حدوث انتفاضة شعبية ضد الحوثيين، قد تتطور إلى مواجهات مباشرة وغير مباشرة تمثل مقدمة لعمل مسلح من قبل أبناء المدينة الحالمة"، كما يسميها أبناؤها.

تعز ستكون عصية على الحوثي

وفي هذا السياق، قال الصحفي اليمني، مأرب الورد، إن "مدينة تعز حتى اللحظة لم تسقط بشكل نهائي، وإن كل ما جرى هو السيطرة على مطارها الدولي من قبل الحوثيين، الذين عززوا تواجدهم في المدينة من خلال مجنديهم في قوات الأمن الخاصة المتواجدين في النقاط الأمنية، وربما أنهم سيوزعون البقية على أقسام الشرطة والمرافق الحكومية المدنية والعسكرية المهمة في تعز"، على حد قوله.

وأضاف لـ"عربي21" أن "تعز ظلت بعيدة عن سلطة الحوثيين في الفترة الماضية، رغم سيطرتهم على مقاليد السلطة في صنعاء وأغلب محافظات شمال اليمن، ولاشك أن تعز ستكون عصية وشوكة بحلق سلطة الانقلاب الحوثي، مثلما كانت في عهد صالح إبان ثورة 11 فبراير، حين شهدت المدينة نصب أول خيمة اعتصام للمطالبة بتنحيه عن الحكم".

وأوضح أن "مدينة تعز لن تسقط بسهولة مثل بقية المحافظات عسكريا أو حتى بتغيير قيادات السلطة المحلية فيها"، ولكنه أشار إلى أن "نفوذ رئيس اليمن السابق علي صالح فيها كبير، عسكريا وأمنيا ومدنيا".

وأكد الصحفي الورد أن هناك معلومات تقول إن "اللجنة الأمنية في محافظة تعز التي يرأسها المحافظ شوقي هائل، التزمت بتوجيهات صالح، بعدم اعتراض التعزيزات العسكرية التي قدمت برا من صنعاء، بل أن تتعاون معها حتى دخولها المعسكرات داخل المدينة".
 
ويبدو من حديثه أنه يتهم هائل بالتعاون مع علي صالح للسيطرة على المدينة.

واتهم الورد علي عبدالله صالح بـ"الوقوف وراء إنزال هذه التعزيزات"، مشيرا إلى أنه فعل ذلك "لحاجته الآن لاجتياح الجنوب مع الحوثيين".

ووفقا للصحفي اليمني، فإن "تعز تُمثّل عمقاً استراتيجيا كونها خاصرة الجنوب، وتفترض أن تكون طريقا لوصول التعزيزات من أجل معركة الاجتياح، والأهم من ذلك أيضا أنها تشرف على مضيق باب المندب، وهو الهدف الذي تسعى له جماعة الحوثي".  

وطالب الورد "أبناء المدينة بالتوحد والتعاون قبليا وسياسيا، والضغط على شوقي هائل للقيام بدوره أو استقالته، ومنع خروج أي قوات من معسكر قوات الأمن الخاصة، وتحديدا نحو مدن جنوب البلاد".
التعليقات (1)
عبدالله احمد
الأحد، 12-07-2015 12:08 م
ان الشعب التعزي قد صبر ولاكن سيفور فيما بعد