في قلب مدينة
جبلة على الساحل السوري، يقع
مقهى "ع.ش"، الذي يعرض مبارايات الدوري الأوروبي لكرة القدم على شاشة كبيرة، يحضر المشجعون بكثافة إلى المقهى ويصرخون بقوة فرحا بهدف يحققه الفريق الذي يشجعونه، ومنهم من يصاب بكآبة شديدة في حال خسارة فريقه، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لرواد المقاهي، من مشجعي كرة القدم في هذه المدينة الهادئة.
شركة وليام هيل
قال "ع.ش" في حديث لـ"عربي 21" إن: "معظم مرتادي المقهى يقومون بالرهانات على هذه المباريات، وإنّ المسألة أصبحت شبه عامّة ليس فقط في مدينة جبلة بل في الساحل السوري، فالرهان يتم عن طريق شركة وليام هيل، التي لم تفتتح أي مكتب لها في الساحل، بل تعمل عن طريق وسيط من عائلة الأسد في القرداحة، الذي يقوم بنقل
الرهانات والأموال وكل شيء للشركة، مقابل أرباح خياليّة يحصل عليها، ولا أحد يعلم اسم الوسيط بالضبط، فقط أنّه من آل الأسد ويقوم بذلك بشكل علني".
وحول آلية الرهان، بين أن "كل ما عليك فعله أن تضبط رهانك، عن طريق موقع الشركة نفسه، ومن ثم تقوم بتصويره وإرساله لمكتب الوسيط في القرداحة، الذي يقوم بكل الإجراءات، مقابل أن يحصل على 10% من قيمة الرهان".
أوهام الربح السريع
وأضاف "ع.ش" أن "الرهانات بدأت منذ بضعة أشهر، ولم تكن معلنةً بهذا الشكل، وكان جميع ممن يراهنون يتسترون على رهاناتهم، لكن الآن أصبح الأمر علنيا وأصبح الجميع يراهن على الأهداف وضربات الجزاء، والنقاط وكل شيء".
من ناحيته، لم يعارض النظام السوري في الساحل موضوع الرهانات، بل غضّ الطرف أيضا عن طاولات
القمار، التي أصبحت تقليداً يوميّاً في كل مدن الساحل، وبشكل معلن أيضاً.
وأوضح أن "معظم المراهنين في "وليام هيل" هم من الفقراء والعاطلين عن العمل، ويتطلعون لربح النقود بشكل سهل، لكنهم غالباً يفشلون وهذه الظاهرة قد تتقلص بشكل ملحوظ نتيجة الخسارة التي يمنى بها الكثيرون الذين أصيبوا بوهم الربح السريع".
وفيما يخص طاولات القمار، أشار "ع.ش" إلى أنه "يرتادها الفاسدون، وأصحاب رؤوس الأموال التي تضخمت كثيراً في الحرب، وهم شريحة ظهرت حديثاً منها من كان متنفّذاً سابقا، ومنهم من هو حديث نعمة".
جولة في مقهى "ع.ش"
قام مراسل "عربي 21" بجولة في مقهى "ع.ش" لرصد آلية المراهنات، حيث يتجمع قرابة المئة شخص ينتظرون الوكيل، الذي تبين أنه طبيب الأسنان "أ.ك"، حيث ترجل من سيارته الفاخرة واتجه باختيال إلى المقهى، في الوقت الذي يقوم به "ع.ش" بتنظيم الدور فوراً، ويرسل له المراهنين الواحد تلو الآخر نحو الوكيل، الذي إما يأخذ النقود أو يدفع للرهانات الرابحة.
وبعد ربع ساعة فقط تنتهي العملية، ويعرف الحضور بالمقهى مالهم وما عليهم، وبسرعة البرق يجمع "أ.ك" أغراضه ويهمّ بالرحيل، كما أنه لم يقبل بدعوة صاحب المقهى لفنجان قهوة، لأن الكثيرين ينتظرونه فقد أصبح هذا الرجل هو المطلوب الأول في جبلة من أجل الرهانات، والجميع يريد أن يربح المال بشكل سريع.
فيما بدأت شركة "سيرياتل" التي يملكها رامي مخلوف ابن خال بشّار الأسد، منذ أكثر من شهر حملة مراهناتها على مباريات الدوري الأوربي، والربح هو دقائق مجانيّة لزيادة الترويج لمثل هذه الرهانات، أو لمزيد من تضليل الفقراء وزيادة إفقارهم وبيعهم الأوهام وهماً إثر وهم.