ملفات وتقارير

حملات إلكترونية للتجنيد في "المجموعات الجهادية"

مؤيدو الدولة الإسلامية احتفوا باختراق حسابات أمريكية - أرشيفية
مؤيدو الدولة الإسلامية احتفوا باختراق حسابات أمريكية - أرشيفية
تستند المجموعات المسلحة التي استهدفت فرنسا أخيرا إلى شبكة واسعة من وسائل الاتصال عبر الإنترنت، التي تنفذ من خلالها حملة مبتكرة تتوجه من خلالها إلى الغربيين لتجنيدهم في صفوفها، بحسب ما يقول خبراء.

وتنشط هذه المنظمات، من الدولة الإسلامية إلى كل فروع تنظيم القاعدة في العالم، وصولا إلى منظمة "الشباب" الصومالية، على شبكة الإنترنت، وتعمل على جذب متطوعين غربيين لينضموا إليها، لا سيما في الوقت الحالي في سوريا والعراق.

وتحض هذه المجموعات الراغبين على التوجه إلى ميدان المعركة، لكنها أيضا تدعوهم إلى نقل نشاطهم إلى بلادهم، وهو ما حصل أخيرا في الاعتداء الذي استهدف مقر "شارلي إيبدو" الفرنسية في وسط باريس، وعمليات إطلاق النار وحجز الرهائن التي تلته، وذهب ضحية هذه الحوادث في أيام 17 قتيلا.

ومنذ عقود، تسعى المجموعات المسلحة إلى جذب متطوعين غربيين، إلا أن الإنترنت أعطى بعدا ثوريا ومتقدما جدا لمسعاهم هذا، بحسب ما يقول كلينت واتس، وهو الباحث في مركز "فورين بوليسي ريزرتش اينستيتيوت" الأميركي للأبحاث (معهد الأبحاث للسياسة الخارجية).

وأضاف: "قبل 30 عاما، كان استقدام مقاتلين غربيين إلى أفغانستان (حيث كان الجهاديون يقاتلون السوفييت) يستغرق وقتا طويلا (...) اليوم، هم ينتشرون على كل مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك تحدث الأمور بسرعة".

وتبين أن الشقيقين كواشي اللذين هاجما مقر أسبوعية "شارلي إيبدو" في السابع من كانون الثاني/يناير الجاري كانا مرتبطين بتنظيم القاعدة في اليمن. 

أما الثالث أحمدي كوليبالي، فظهر في شريط فيديو نشر بعد مقتله على يد الشرطة الفرنسية، وهو يبايع زعيم الدولة الإسلامية (البغدادي). 

منذ عام 2010، ينشر تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" مجلة إلكترونية باللغة الإنجليزية بعنوان "إينسباير" (إلهام)، يضمنها فكره العقائدي، وكيفية تنفيذ الاعتداءات.

في أحد أعدادها الأخيرة، أوردت المجلة تهديدا موجها إلى فرنسا. ووضعت ضمن لائحة "أكثر الأشخاص المطلوبين" اسم رئيس تحرير أسبوعية "شارلي إيبدو" ستيفان شاربونييه، الذي قتل في الاعتداء.

ولـ"جبهة النصرة" شبكة مراسلين معروفين بمراسلي "شبكة المنارة البيضاء"، لهم حسابات على "تويتر"، يقدمونها على أنها حسابات الجبهة الرسمية. 

كما تنشر الجبهة أشرطة فيديو وبيانات على موقع "يوتيوب".

وتستخدم حركة "الشباب" الصومالية من جهتها "تويتر" للتواصل مع مؤيديها.

إلا أنه لم تصل أي مجموعة إلى قوة الدولة الإسلامية على الإنترنت. ويفضل هذا التنظيم مواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة على نطاق واسع على المنتديات الإلكترونية المحمية المفضلة لدى تنظيم القاعدة، التي يحتاج مستخدموها إلى الحصول على "كلمة سر" لتصفحها.

وانتشر المؤيدون للدولة الإسلامية على موقعي "تويتر" و"فيسبوك" بسرعة. 

ويمكن التعرف عليهم بسرعة من خلال عبارات "هاشتاغ" معينة يستخدمونها، مثل "الخلافة_الإسلامية"، أو "باقية وتتمدد"، أو علم التنظيم الأسود، الذي يحمل عبارة "لا إله إلا الله".

وفي إمكان من يريد الانضمام إلى التنظيم علنا أن يقوم بذلك عبر الرد على أسئلة منشورة على مواقع عدة بينها موقع "آسك دوت كوم".

وقال تشارلي وينتر، وهو باحث في "مؤسسة كيليام" البريطانية المتخصصة في وضع استراتيجيات حول كيفية مواجهة المجموعات الإسلامية المتطرفة، إن "الدولة الإسلامية تمكنت من تطوير استراتيجية إعلامية حقيقية".

وأضاف أن هناك شكلا محددا للمضمون الإعلامي للدولة الإسلامية يسمح بالتعرف على "الدعاية الرسمية" للتنظيم، وهي "مثمرة جدا، وتبث من أربعة إلى خمسة أشرطة فيديو أسبوعيا".

ويتابع وينتر بأن الدولة الإسلامية تعتمد أيضا على "شبكة واسعة لا مركزية من أشخاص يتملكهم هاجس المشاركة" في ما يؤمنون ويقومون به. 

وتمكنت الدولة الإسلامية هذا الأسبوع من قرصنة حساب القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى على "تويتر".

وقال الخبراء إن المجندين الأجانب يلعبون دورا رئيسيا في إعلام التنظيم.

وتقوم معظم المجموعات حاليا بالترويج لعملياتها باللغة الإنجليزية، كما ترفق أشرطة الفيديو الخاصة في المعارك على الأرض أو بعمليات محددة نفذتها، بتعليقات وشرح بالإنجليزية.

وقال وينتر إنها "طريقة للوصول إلى شعوب من الصعب الوصول إليها بغير هذه الطريقة"، كون غالبية المسلمين الغربيين لا يتكلمون العربية.

ويحض الإعلام لهذه المجموعات الغربيين على الانضمام إلى الجهاد والقتال، لكنه أيضا يشجعهم على تنفيذ هجمات في بلادهم.

قبل أشهر من وقوع الاعتداءات في فرنسا، دعا متحدث باسم الدولة الإسلامية، أبو محمد العدناني، أتباع التنظيم في فرنسا إلى قتل "الكفار" فيها.

ويقول واتس: "يعرفون أن هناك حواجز عديدة تعيق وصول كل من يرغب بالوصول إليهم. وفي غياب إمكانية الوصول، يقال للمؤيدين: ابقوا حيث أنتم ونفذوا هجمات في بلادكم، وهذا ما يفسر تصاعد ظاهرة الاعتداءات خلال الفترة الأخيرة".

ويرى الخبراء أن التطرف الذي يتم الترويج له عبر الإنترنت، يمكن أن ينقل إلى المهتمين بشكل سريع أو قد يستغرق الأمر سنوات.

لكنهم يجمعون على أن معالجة أسباب التطرف من الجذور هي الطريق لوضع حد للتجنيد.

ويرى وينتر أن على الحكومات أن تعمل على إيجاد حلول للفئات المهمشة، وتضم أحيانا مسلمين وفقراء، لتجنِّب هؤلاء الانجرار إلى التطرف.
التعليقات (0)