كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية الغطاء عن العديد من الفضائح الجنسية في الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول حجم الفساد المتجذر في المؤسسة العسكرية الصهيونية، ومدى تأثيره على تماسكها واعتدادها بذاتها.
ووصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية الثلاثاء الماضي، الجيش بأنه "بؤرة الاعتداءات الجنسية"، مشيرة إلى أن "كتيبة الاستخبارات العسكرية كشفت عن تورط ضابط رفيع المستوى فيها بقضايا جنسية مع فتيان تدار كعصابات المافيا".
وتساءلت الصحيفة عن كيفية وصول هذا الضابط إلى قمة الهرم الاستخباري وتوليه منصباً أمنياً شديد الحساسية والسرية، مشيرة إلى أن "الوصول لمنصب من هذا النوع يتطلب المرور بالعديد من محطات الاختبار والتصنيف الأمني".
وتبع تقرير الصحيفة بيومين إصدار رئيس أركان جيش الاحتلال قراراً بإقالة قائد كتيبة "تسابار" التابعة للواء "جفعاتي"، ليران حجبي، بتهمة التحرش الجنسي بمجندات خدمن تحت إمرته.
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، إن جيش الاحتلال جزء من المجتمع الإسرائيلي "الملوث بالكثير من جوانب الفساد الذي ينعكس على المنظومة العسكرية ويمس جوهرها، ويهدد تماسكها".
تستر على الموبقات
وأضاف مجلي لـ"عربي21" أن تراكم الفضائح الجنسية وغيرها "ينعكس سلباً على أداء الجيش"، مؤكدا أنها "ليست مظاهر فردية أو استثنائية أو هامشية، وإنما هي حقائق خطيرة لممارسات بالغة الخطورة".
وأكد أن الجيش الإسرائيلي يعاني من "عقلية الجماعة التي تتستر على بعضها البعض، وترتكب موبقات مذهلة خصوصاً على الصعيد الأخلاقي كالجرائم الجنسية"، مشيراً إلى أن "المخفي أعظم، فهناك المزيد من الجرائم الجنسية غير المعلنة، بالإضافة إلى السرقات، والمحسوبية، والصراعات حول المناصب".
وقال: "حين تكون القوة الأساسية التي تحمي إسرائيل أمنياً وعسكرياً؛ ملوثة بمثل هذه الجرائم؛ فهذا يعني أنها قوة غير متماسكة، وهذا بالطبع سيكون له أثر استراتيجي".
وأضاف الخبير المقيم في الناصرة، أن قيادة الجيش الإسرائيلي تشعر بـ"انزعاج حقيقي" بسبب الفضائح الجنسية، مشيراً إلى طرد الجيش لقائد كتيبة "تسابار" التابعة للواء النخبة "جفعاتي" ليران حجبي، لتحرشه بمجندات تحت إمرته، والتحقيق مع قائد اللواء العقيد عوفر فينتر، بتهمة التستر على حجبي، بالإضافة إلى "قضايا فساد خطيرة داخل لوائه".
وتابع: "الجيش ينظر بأهمية لخطورة لهذا الأمر، ويقوم بممارسات تصل إلى حد قيام وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون بانتقاد وتفحص تصرفات قائد لواء وأحد أعضاء هيئة رئاسة الأركان".
وكان يعلون قد وصف سلسلة الفضائح التي تعصف بكتيبة "جفعاتي" بـ"المثيرة للقلق".
عقلية الغطرسة
وبيّن مجلي أن "عقلية الغطرسة" التي يتسم بها المجتمع الإسرائيلي تؤكد "انهياره الخلقي في كثير من مجالات الحياة"، مضيفاً أن "عقلية القوة والعضلات" هي التي "تتحكم في تصرفات الاحتلال، والتي تبدأ بالاستخفاف بكل من هو دونك، ولا تنتهي بالغطرسة على الفلسطيني الخاضع للاحتلال".
وأوضح أنه "لا يمكن أن تبقى هذه العقلية خارج حدود إسرائيل"، مؤكداً أنها "سترتد في نهاية المطاف إلى داخل المجتمع الإسرائيلي".
وأضاف: "هذه العقلية هي ذاتها التي يتعامل بها قائد الجيش مع من هم دونه وتحت إمرته من جنود ومجندات، وبالتالي فلا غرابة أن ينتشر الفساد داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية".
وأكد مجلي أن عدم تدارك الكيان الصهيوني للفساد الذي ينخر في جسد مجتمع وجيشه؛ سيؤدي إلى "الانهيار بشكل سريع وعميق"، لافتاً إلى "تقارير تتحدث عن تراجع خطير في الإنتاج الحضاري والتكنولوجي والقيمي للمجتمع الإسرائيلي الذي تعاني مختلف أجهزته ومؤسساته القيادية من ظاهرة الفساد".
تنافس غير شريف
من جانبه؛ قال رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية الرافضة للتجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي، غالب سيف، إن الكشف عن الفضائح التي تعصف بالجيش الإسرائيلي تأتي في إطار "التنافس غير الشريف على المناصب القيادية داخل المؤسسة العسكرية؛ والتي تسببت بالعديد من الإسقاطات السلبية".
وأضاف لـ"عربي21" أن الفضائح الجنسية "خلقت جواً غير صحي لمؤسسة تعدّ نفسها القوة الأولى في الشرق الأوسط"، مؤكداً أن إجراءات المؤسسة العسكرية تجاه تلك الفضائح "ليست من باب العفة، أو الديمقراطية وحفظ الحرية الشخصية، وإنما هي تنم عن عطب أساسي، وضعف يعتري هذه المؤسسة".
وأوضح سيف أن كثيراً من تلك الفضائح يتم التكتم عليها "حتى لا يتسبب كشفها بضرر في أهلية القائد العسكري"، مبيناً أن "التناحر والتنافس داخل الجيش الإسرائيلي يقوى ويكبر".
وطالت الفضائح الجنسية داخل جيش الاحتلال إسحاق موردخاي، أحد أبرز قادة الجيش الصهيوني في تاريخ الاحتلال، الذي طرد من الخدمة العسكرية بعد أن ثبتت في حقه تهمة التحرش الجنسي بإحدى المجندات، وحكم عام 2001 بالسجن 18 شهراً مع وقف التنفيذ.