مقالات مختارة

لماذا سيفوز حزب "العدالة والتنمية" مجدداً في الانتخابات المقبلة؟

مريم جيباري
1300x600
1300x600
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة، نرى أولئك الذي يُصفعون على وجوههم من قبل الشعب في كل انتخابات، يلهثون وراء التحالفات شأنهم في ذلك شأن البهلوانات المنهزمين الذين لا يملون المصارعة بالرغم من هزائمهم المتوالية! فهذا الفريق -الذي دأب على الهزيمة رغم كل ما يقوم به من تحالفات- بدأ منذ الآن يعقد حساباته لتحالف جديد، بالرغم من إدراكه جيداً أن هذا الأمر لن يجدي في شيء، ولعل نتائج الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة، خير دليل على ذلك، فهؤلاء -رغم تحالفهم في تلك الانتخابات مع "الكيان الموازي"- خسروا خسراناً مبيناً فيها!

وثمة أشكال كثيرة محتملة للتحالف الجديد، فبعضهم يريد أن يتحالف حزب "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي" تحت سقف واحد، وهناك من يريدون أن يكون هذا التحالف أوسع وأشمل؛ ليضم "الكيان الموازي" وأحزاب "الشعب الجمهوري" و"السعادة" و"الوحدة الكبرى"، أما الشكل الثالث فهو أن يتحد حزب "الشعب الجمهوري" مع حزب "الحرية والتضامن".

ومهما اختلفت التحالفات وأشكالها، فإنها تسعى لهدف واحد يجمع بين كافة هذه الأحزاب، وهذا الهدف يتمثل في إزاحة "العدالة والتنمية" أو بالأحرى "رجب طيب أردوغان" عن سدة الحكم في البلاد. وهم بين الحين والآخر يسألون أنفسهم قائلين: "لماذا يخرج حزب "العدالة والتنمية" منتصراً في جميع الانتخابات؟".. ومن وجهة نظرهم فإن هذا السؤال له عدة إجابات، يمكننا عرضها على النحو التالي بحسبهم هم:

1- لأن حزب "العدالة والتنمية" يجيد استخدام الخطاب الديني (هذا هو السبب الأول من وجهة نظرهم، أي أن الحزب الحاكم حزب إسلامي).

2- لأن هذا الشعب أمي وجاهل (فمن وجهة نظرهم المتعلمون عددهم قليل، وهم من يصوتون لـ"الشعب الجمهوري"، لكن عددهم ليس بكافٍ ليجعل من هذا الحزب حزباً حاكماً).

3- لأنه حزب جيد للغاية اقتصادياً (ومن ثم إذا حدثت أزمة فإن الشعب سرعان ما سينقلب على "أردوغان"، كما فعل مع رئيس وزراء تركيا الأسبق "بولنت أجاويد")

 4- لأنه حزب سيئ للغاية اقتصادياً (هذه المادة تتناقض مع المادة السابقة، لكن تبريرهم لها أن جميع أفراد الشعب عليهم قروض ائتمان لسيارات وأخرى لمبانٍ سكنية، ومن ثم لا يرغبون في دخول البلاد في مرحلة من الغموض).

5-  لأنه لا يوجد بديل لحزب "العدالة والتنمية". (وهذا اعتراف بأنه لا يوجد على الساحة حزب معارض يمكنه أن يعد بآمال جديدة).

 فلنبدأ معاً بتحليل ما قدموه من أسباب لنجاح "العدالة والتنمية" الدائم:

 السبب الأول: فلنطرح سؤالاً للرد على السبب الأول الذي ساقوه: ألا يوجد حزب آخر في الوقت الحالي يدافع عن الخطاب الديني بشكل أكثر راديكالية من "العدالة والتنمية"؟ نعم يوجد. فـ"كمال كليتشدار أوغلو" زعيم حزب "الشعب الجمهوري" أخذ في صفوفه النائب السابق بحزب "السعادة" "محمد بكار أوغلو"، بل وقام بافتتاح مسجد للحزب، ويخطط لإعداد برنامج عمرة جماعي لأعضاء الحزب.

 السبب الثاني: يقولون في هذا السبب إن الشعب جاهل، وجهله سبب في فوز "العدالة والتنمية"!.. سبب لا يخجلون من سوقه في كل انتخابات يدخلونها، ويخرجون منها خالي الوفاض بعد آمالٍ عراض. لكن إذا نظرنا لنسب الأصوات الانتخابية، وحللناها رياضياً، لوجدنا أن عدد المتعلمين في حزب "العدالة والتنمية" الحاصل على 25 مليون صوتاً، أكثر من حزب "الشعب الجمهوري"!.. لكن إذا كان المقصود من سوق هذا السبب، هو تحقير الشعب، فلقد دأب اليسار على استخدام هذا النوع من الأكاذيب دائماً.

 السببان الثالث والرابع: هذان السببان يتناقضان مع بعضهما البعض كما ذكرت آنفاً، وللرد عليهم في هذين السببين أقول لهم:  هل الاقتصاد التركي "انهار" أو "سينهار" كما تزعمون منذ 12 عاماً؟ هيا قرروا.. هل حدث له شيء؟!

 لقد دأبوا كل عام على إسماعنا مقولات مكررة يقولون فيها: "الاقتصاد سيئ، وعجز الميزان التجاري كبير.. الأوضاع الاقتصادية سيئة بشكل ستنهار معه تركيا العام المقبل"!.. ومع هذا، ومع توقعاتهم الفاشلة، يزداد الاقتصاد التركي قوة كل عام!

 السبب الخامس: هذا هو الحجة الأكثر واقعية.. حقيقة لا يوجد أي بديل يمكنه أن يسد مكان "العدالة والتنمية"، لا يوجد أي حزب يمتلك أكثر من الحزب الحاكم مشاريع اقتصادية، ونظرة مستقبلية ورؤية تقدمية. هذه الحقيقة الواقعة التي نلمسها على مدار السنوات الماضية.. حقيقة واضحة وضوح الشمس، لو اعترفوا بها لارتاحت أنفسهم كثيراً!

 هذه الفئة من المعارضة لا تفهم الشعب جيداً، فقد ظلوا على مدار عقود ينظرون إلى القضية الكردية نظرة اقتصادية بحتة، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن حلول لها، حتى باتت تلك القضية أمراً معقداً للغاية بعد 40 سنة من التسويف والتهميش!

 عن صحيفة صباح التركية
التعليقات (0)