ملفات وتقارير

"مظاهرة الجوع" في دوما تتحول إلى اشتباكات مسلحة

تحولت المظاهرة لاحقاً إلى اشتباك مسلح
تحولت المظاهرة لاحقاً إلى اشتباك مسلح
جابت شوارع مدينة دوما، عاصمة الغوطة الشرقية، مظاهرة ضمت حوالي 500 شخص للمطالبة بتخفيض أسعار المواد الأساسية، ومحاسبة التجار المستفيدين من حالة الحصار المفروض منذ مايزيد عن 50 شهراًً. وتطورت المظاهرة إلى اشتباك بين أهالي ومسلحين من جهة وعناصر من "جيش الإسلام" من جهة أخرى، على خلفية اتهامات للأخير برفض فتح مستودعات إغاثية تابعة له للأهالي في ظل الحصار.

وتخلل هذه المظاهرة عدد من الأحداث، أدت في نهاية الأمر إلى تبادل إطلاق النار، وسرقة عدد من المستودعات، وإصابة عدد من الأشخاص، ثلاثة منهم على الأقل حالتهم خطيرة.

وجاءت هذه المظاهرات التي أطلق عليها البعض من أهالي الغوطة اسم "مظاهرات الجوع" عقب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير جداً بعد إغلاق معبر مخيم الوافدين، الذي تسيطر علية قوات النظام بشكل كامل، وهو المعبر الوحيد الذي تم من خلاله مؤخراً إدخال بعض المواد الغذائية إلى داخل الغوطة الشرقية وبشكل جزئي، تحت ضغوط من الأمم المتحدة.

وقال الناشط حسان تقي الدين في حديث خاص لـ"عربي 21": إن هذه المظاهرة خرجت بالأساس للمطالبة بمحاسبة التجار المستفيدين والمتحكمين بالأسعار، لكن البعض ممن هم مدفوعون من عدد من الجهات، التي رفض حسان الإفصاح عنها لعدم اكتمال التحقيقات، "استغلت هذه المظاهرات لإشاعة الفوضى والاعتداء على ممتلكات المؤسسات الإغاثية، وبعض التجار من غير المستفيدين من حالة الحصار".

وأوضح أن المظاهرة توجهت في بادئ الأمر إلى المكتب الاقتصادي، وحصل اشتباك بالأيدي هناك، ثم تحركت المظاهرة إلى أحد المستودعات، وتم الاستيلاء على كمية من المواد الغذائية، التي كان من المقرر طرحها في الأسواق بأسعار مخفضة للعمل على تخفيض الأسعار، وفق قوله.

وسارت هذه المظاهرة إلى مخزن لأحد التجار، وحاولت اقتحام المخزن مادفع التاجر إلى إطلاق النار على المتظاهرين من سلاحه الآلي مادفع الناس للرد. وحدث نفس الأمر أمام مستودع آخر استهدفه المتظاهرون، مما أدى إلى سقوط عدد من الإصابات بين صفوف المتظاهرين، وتكسير عدد من المحلات، والاستيلاء على كميات كبيرة من المواد المخزنة في هذه المستودعات.

وحول ماهية الجهات المحرضة على مثل هذه الأعمال، قال حسان: "يوجد عدد من التجار ممن هم على علاقة جيدة ببعض الفصائل العسكرية، ويقومون بتخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية عند توافرها، وهؤلاء على استعداد لعمل كل شيء في سبيل رفع الأسعار، والدليل على ذلك أنه من ضمن المسروقات خلال المظاهرات مخزن السمنة والزيت، الذي كان من المفترض أن يقوم خلال أيام بطرح هذه المواد بسعر مخفض، للضغط على التجار لخفض الأسعار إلى قيمة تصل حتى النصف".

 وأضاف أنه في حال حدوث ذلك، ستكون الخسارة قاسية على هؤلاء التجار، مشيراً إلى أن هذه الحادثة ليست جديدة على دوما، ففي مطلع الشتاء الفائت وقعت أحداث مشابهه وعلى نطاق أوسع، حيث سُرقت مستودعات مؤسسة عدالة الإغاثية، التي كانت قد طرحت مادة الزبدة في الأسواق بسعر أقل من سعر السوق بحوالي 1000 ل.س مما أدى إلى انخفاض أسعار الزبدة في مناطق الغوطة كافة، ومطابقته للسعر الذي طرحته مؤسسة عدالة، وهو ما سبب خسائر كبيرة لعدد من التجار الذين دفعوا مجموعات لاستغلال الاحتجاجات وسرقة مستودعات المؤسسة.

وفيما إذا كان ستتم محاسبة الأشخاص والجهات المتورطة، أوضح حسان أنه "في احتجاجات العام الفائت تمت محاسبة أربعة أشخاص من المتورطين في السرقات ورفع الأسعار، إلا أن العقوبات لم تكن على المستوى المطلوب، وهذا ماسيحدث هذه المرة أيضاً، ما لم يتم فرض القانون وسلطة القضاء الموحد على الجميع، وهذا ما لم يتحقق إلى الآن".

يشار إلى أن الحصار المطبق المفروض على الغوطة جعل مهمة تأمين لقمة العيش من أصعب وأخطر المهام اليومية لندرة المواد أو فقدانها وارتفاع أسعارها. وكان النظام أغلق منذ أكثر من عام المعبر إلى الغوطة للضغط على الفصائل العسكرية للرضوخ لمطالبه، لكن بعد إغلاق المعبر بشهر واحد رفع التجار الأسعار إلى سبعة أضعاف، وهذا ما عبر عنه أحد المعلقين على الحادثة بقوله: "شلة تجار دم قاموا على بعضهم البعض، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
التعليقات (0)