كتاب عربي 21

صالح يطيح بهادي ويهدد بحاح

عارف أبو حاتم
1300x600
1300x600
يمكن اعتبار تصريحات رئيس الحكومة اليمنية الجديدة زلة عفوية، حيث ابتدأ حصيفاً وقال في أول مؤتمر صحفي عقب تأدية حكومته لليمين الدستورية في 9نوفمبر الجاري إن حكومته ليست مسئولة عن صدور القرار الأممي الخاص بمنع صالح من السفر، وتجميد أمواله في كل العالم، غير أنه استدرك وقال "سنحترم القرار الدولي وسنعمل مع مجلس الأمن من أجل تنفيذه" ما يعني الاصطدام العنيف مع حزب المؤتمر المسيطر عليه من قبل صالح، وسيتعثر في منح حكومته الثقة البرلمانية، إذ يمتلك المؤتمر 231 مقعداً برلمانياً من أصل 301 مقعد.

ستحط العراقيل رحالها على عتبات الحكومة الجديدة مالم يتم التوفيق بين صالح وهادي وسرعة توفير البدائل للوزراء المعتذرين عن مناصبهم، فالرئيس السابق صالح لا يزال هو اللاعب القوي في الساحة اليمنية، والقادر على تذليل الصعاب أمام الحكومة أو عرقلتها بكل الطرق.

صالح يدرك جيداً مدى هلع القبليين على المال الذي يملك منه الكثير، ويمكنه شراء ضمائرهم وتوجيههم نحو ضرب أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط واحتجاز ناقلات الوقود، ويمكنه توجيه جزء من تنظيم القاعدة الذي يخترقه بأريحية، ولا يزال كثير من الضباط والأمنيين والمسئولين المدنيين وشيوخ القبائل يدينون له بالولاء، وله شعبية كبيرة، وعزز من كل ذلك الانعدام الكلي لكاريزمية رئيس الدولة في شخصية الرئيس هادي.

ويمكن لحكومة بحاح أن تحقق نجاحاً كبيراً إذا توفرت لها جملة من الشروط أهمها: توفر حسن النوايا بين الشركاء في الحكومة والتوقف عن المماحكات الرخيصة والتسابق على تسجيل نقاط في وسائل الإعلام، وتسريب فضائحهم، تماماً كما كان يُفعل في حكومة الوفاق التي سبقتها. وتعديل قانون مكافحة الفساد، بحيث يشمل محاسبة الوزراء وما فوقهم، وتقديم مجموعة من الفاسدين إلى القضاء، ليأخذوا جزاءهم، وبحيث يعطون إشارات واضحة إلى قوة وجدية الحكومة الحالية، التي ولدت في لحظة يئس فيها الشعب من جدوى وجود أي حكومة أو رئيس جمهورية. والعمل على استعادة ثقة المانحين والمقرضين، فمهما كانت النوايا صادقة، والكفاءات متوفرة لا يمكن لها فعل شيء، والخزينة العامة فارغة. وتوفير مناخات آمنة ومستقرة وإعادة النظر في قوانين الاستثمار والقضاء التجاري وإصلاح البنية التحية من أجل تشجيع المستثمرين المحليين والأجانب على الاستثمار في الداخل اليمني. وسحب كافة المظاهر المسلحة من كل اليمن، واستعادة هيبة الدولة وقيمتها، وفي مقدمة ذلك العاصمة صنعاء.

بعد ساعات قليلة من إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على تسمية صالح وقياديين حوثيين معرقلين للتسوية ومنعهم من السفر وتجميد أموالهم.. القرار الأممي سبق للصحافة الغربية الكشف عن أن هادي والمبعوث الأمي بنعمر هما من يقفان وراءه، ما جعل صالح يقرر في اليوم التالي عقاب هادي وفصله من حزب المؤتمر الذي  يشغل فيه موقعي النائب الأول والأمين العام، وفصل معه مستشار هادي السياسي الدكتور عبدالكريم الإرياني من موقع النائب الثاني لرئيس المؤتمر، حيث يعتقد صالح أن الإرياني هو العقل السياسي لهادي.

هذا الاحتقان بين صالح وهادي سيؤدي إلى انسداد كبير في أفق الحل السياسي للخروج من باليمن من أزماته المتراكمة والمتلاحقة، وستبدأ محركات البحث عن تفسيرات ومحددات سياسية تمثل مرجعية للحكومة، وستتوزعها المراجع المتداخلة من الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات حوار واتفاق السلم والشراكة، إضافة إلى وجود بيئة متوترة وأزمة ثقة بين جميع الشركاء. 

أما مسألة الإساءة لهادي وفصله من حزبه فيمكنه أن يعالجها بمثالية عالية من خلال إصدار قرار جمهوري أو التقدم للجنة صياغة الدستور بمادة تحرم الجمع بين منصب رئيس الجمهورية وأي منصب حزبي آخر، لأن من يتولى إدارة البلاد يصبح حاكماً ومرجعيةً لكل الناس.

وبالنسبة لحكومة بحاح فهي أول حكومة يمنية تشارك فيها 4 نساء؛ هنًّ اليسارية أروى عبده عثمان في وزارة الثقافة، والناشطة الحقوقية قَبول المتوكل التي اعتذرت عن قُبول وزارة الشئون الاجتماعية التي جاءتها بعد خمسة أيام من مقتل والدها السياسي البارز محمد عبدالملك المتوكل من قبل مجهولين وسط العاصمة.

وعُيِنت الإعلامية نادية السقاف وزيرةً للإعلام، وتشترك السقاف مع عثمان بأنهما أول امرأتين في هذين المنصبين، فيما القيادية في الحراك الجنوبي سميرة خميس وزيرة للدولة عضوة في مجلس الوزراء.

ورغم وجود هذا العدد النسوي لأول مرة؛ إلا أنه إخلال بمخرجات الحوار الوطني الخاصة بالمرأة، والتي تنص على تمكين المرأة في جميع السلطات بما لا يقل عن 30% من مقاعدها.

أما الشباب ما دون الـ50 سنة فقد وصل تمثيلهم إلى 30% من التشكيل الحكومي، إلا أن الغالب على الوزراء أنهم من المحسوبين على الرئيس هادي ومدير مكتبه أحمد بن مبارك.. ومن المفارقات العجيبة أن وزير العدل الدكتور خالد باجنيد كان هو النائب العام لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية "الشطر الجنوبي" إبان مواجهات مسلحة بين الطبقة الاشتراكية الحاكمة في يناير 1986 وطالب باجنيد المحكمة حينها بتطبيق حكم الإعدام بحق الضابط عبدربه منصور هادي، الذي فر إلى شمال اليمن مع مجموعة من ضباط ما عرف بـ"الزمرة".
التعليقات (0)