مقالات مختارة

صورة تركيا الجديدة مختلفة كثيراً عن تركيا القديمة

محمد بارلاس
1300x600
1300x600
 أليست الصور والمشاهد التي ترمز إلى "الثروة" في المسلسلات والأفلام، تمثل اختلافا بين تركيا الجديدة وتركيا القديمة؟

فعلى سبيل المثال كان"خلوصي كنتمان" الذي يرتدي البجامة، يرمز إلى "الرجل الثري" في تركيا القديمة... كما أن ابنة الرجل الثري في تركيا القديمة كانت ترتدي تنورتها المزخرفة وتقيم الحفلات في صالون القصر.

وكان الشاب الفقير يعزف على البيانو في الصالون، ويغني على الطراز التركي ، بينما يسخر منه المدللون أبناء الأثرياء من المدعوين للحفل.

وحتما ما تعشق في النهاية ابنة الثري ذاك الشاب الفقير... بينما كان خلوصي كنتمان يعي جاهدا ليزوج ابنته بابن جاره صاحب المصنع، وليس الشاب الفقير.

والآن لا توجد قصور في الأفلام والمسلسلات، بل توجد الفلل. كما أن الأثرياء باتوا يُعرضون على أنهم رجال أعمال يديرون شركاتهم العملاقة من ناطحات سحاب وليس من مصانعهم. وأصبحت الفتيات العاشقات والفتيان العشاق لا يركضون بسرعة نحو بعضهما البعض بين أشجار الصنوبر في الجزيرة...
ولا يوجد مربون زنوج في القصور. ولا حتى من يعزف على البيانو.
 
صور مختلفة

ينبغى علينا ألا نستخف كثيراً بصورة "تركيا الجديدة" التي تعكسها الأفلام والمسلسلات... أدعوكم للتفكير في آفاق المدينة التي تشكلت من خلال ناطحات السحاب.. وتذكروا انتشار الطرق السريعة والمترو ومراكز التسوق والسفر عبر الطائرة.

أليس تفكيرنا في مكانة الهواتف الجوالة والانترنت في حياتنا، كافيا لإدراكنا الفرق بين القديم والجديد؟
من الممكن بمكان تحصيل أموال طائلة في البلاد الأكثر فقراً في العالم. والدليل على ذلك أن هذه البلدان بها الكثير من الأغنياء... ولعلكم تدركون أن ما يحظى به شعب ما من رفاهية واستقرار اجتماعي – سياسي تنعم به دولته ، أمر ناتج عما يمكن إنفاقه من أموال، وليس ما يمكن اكتسابه.

وكما تعلمون أن الأغنياء في الدول الأكثر فقراً في العالم، يصرفون الأموال التي حصلوا عليها من بلادهم في بلاد أمريكا الشمالية وأوروبا، حتى أنهم يقومون بالاستثمار في تلك البلدان... وهذا ما شاهدناه في تركيا حينما كانت آلة العملة الصعبة جُرما، ألم تكن أموال أغنياءنا في بنوك سويسرا، وألم تكن لديهم منازل ثانية في لندن، وباريس، وكندا، ونيويورك؟
 
تحرير الاقتصاد التركي

لا جرم أن الرئيس التركي الأسبق "تورغوت أوزال" الذي عرف جيداً هذه الحقيقة الكونية، قد استطاع بكل شجاعة هدم الراديكالية – والدولتية وعداء الثروة الذي عملت ضد مكوناتنا الوراثية....
فقد أنهي مرحلة "التحرير الاقتصادي" في تركيا، مستحضراً قابلية التحول إلى نموذج منفتح على العالم قادر على المنافسة الحرة. والآن لا يخاف الناس من أن يكونوا أصحاب ثروات. كما يعترف الجميع أن الثروات المشروعة التي دفعت الضرائب المفروضة عليها، لا تعد شيئاً يدعو للخجل.

وعلى سبيل المثال، أمامنا "مراد أولكر" يمثل نموذجا للجميع.

(مراد أولكر هو رجل أعمال تركي مشهور جدا في قطاع المنتجات الغذائية، رئيس الشركة الأكبر في تركيا "ييلديز" ، ومالك ماركة ülker المنتشرة في انحاء العالم - المحرر)

ويمكننا القول إن الاستثمار في تركيا بات مفهوما مقدسا في تركيا حالياً...وهو الذي يقوم الان بتوجيه تركيا إلى الحياة المدنية (الحضرية) وليس إلى القروية (الريفية)... والآن هناك وسط متحضر يملك هوية "الناخب" في مركز اتخاذ القرار في تركيا الجديدة.

بإختصار، فقد تغير الأغنياء في الأفلام والمسلسلات، وحتى الحرفيين والعمال والفلاحين في تلك الأفلام قد تغيروا أيضاً. أما عن الساسة الذين لا يدركون هذه التغيير، ما زالوا يلعبون نفس أدوارهم القديمة...

أما في قصر رئاسة الجمهورية في أنقرة، يقيم الفتى "رجب طيب أردوغان" ابن حي "قاسم باشا" الشعبي...

كيف يمكن أن نوضح أبعاد هذا التغيير أكثر من ذلك؟
التعليقات (0)