حرّم
القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني، محمد الشلبي، الشهير بـ" أبي سياف" الاشتراك بالحرب ضد "
داعش" وبأي شكل من الأشكال، واصفاً العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم بالحرب "
الصليبية".
وقال الشلبي "كان الأولى توجيه هذه الضربات لليهود الذين استهدفوا غزة وأهلها، لكنها أجندات غربية لا تريد أن تقوم للإسلام قائمة".
يأتي ذلك وسط تحذيرات مراقبين من قيام "داعش" بعمليات رد عسكري عبر ضرب المصالح الأمريكية في دول التحالف، وإيقاظ الخلايا النائمة.
وجدد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، زكي بني أرشيد رفضه أي تدخل خارجي في شؤون المنطقة العربية برمتها، مكتفياً بقوله "ليست حربنا ولسنا معنيين في خوضها لصالح آخرين".
واستيقظ الأردنيون الثلاثاء على وقع عمليات عسكرية تنفذها بلادهم إلى جانب القوات الأمريكية وقوات دول التحالف ضد مقاتلي تنظيم الدولة في سورية، "داعش" بواسطة طائرات مقاتلة وصواريخ توماهوك، وسط حالة من التوتر والقلق من كلفة تدخل يثير جدلا بين الأردنيين.
وبانخراط الأردن الرسمي في أول عمليات عسكرية تقودها الولايات المتحدة، يكون انتقل من المساحات الاستخبارية لصالح دور حربي عسكري، الأمر الذي يضاعف من خشية الأردنيين أن يصاحب العمليات الجوية أخرى برية، تكلفهم خسائر بشرية، حسبما يرى الخبير العسكري، الدكتور فايز الدويري الذي يقول "كلفة تدخل الأردن بالحرب ستكون باهظة".
ويضيف الدويري: "يعني الانخراط في هذه الحرب مباشرة أن ينتظر الأردن ردود الفعل على ذلك"، مشيراً إلى أن بلاده لم تكن ضمن الأولويات الرئيسية لتنظيم داعش، والتي تنحصر في سوريا ثم العراق ثم الأردن ولبنان والسعودية".
ويشرح الخبير العسكري أهمية وخطورة 375 كيلو من الحدود الأردنية مع داعش في سوريا، وكذلك 180 كلم مع العراق، بقوله: " يتواجد تنظيم الدولة على مسافة حدودية تقدر بـ250 كيلو، ضمن الحدود الشرقية والشمالية الشرقية للأردن، وهي مساحة كافية لآليات التنظيم في حال اجتازت الحدود أن تناور وتتحرك بسرعة، سيما وأنها منطقة خالية من السكان".
ويتبدّى الخطر، حسب الدويري، في أكثر من جانب، الأول؛ هو وجود أكثر من 2000 مقاتل أردني منخرطين مع تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش"، وبالتالي يمكن استغلالهم في تنفيذ سلسلة عمليات إرهابية.
أما الجانب الثاني؛ وفقا للدويري، في إمكانية أن يتحول 5000 آلاف متعاطف مع تلك التنظيمات، من خلايا نائمة إلى خلايا نشطة، قد تساهم في قلقلة الوضع داخلياً، سيما وأنه تم اعتقال أكثر من 170 منهم.
لكن الخبير بالحركات الإسلامية، حسن أبو هنية يخالف هذا التوجه ويرى أن "داعش" تتصرف كدولة وليس كتنظيم، مشيراً إلى أن التنظيم ينتهج استراتيجية أخرى مختلفة تماما عن السابق، مستندة إلى الظروف "الجيوسياسية" وليس بعقلية النكاية.
وقال أبو هنية: "المنطقة ذاهبة في صراعاتها لسنوات طويلة قد تصل عشر سنوات، وعلينا أن نتوقع ما هو أسوأ خلالها".
ورجح أبو هنية أن تخلو الساحة الأردنية مما أسماه "خلايا جهاد مسلح"، رغم تأكيده بوجود تيار عريض يتبع "داعش" ويبايعه ويعلن ولاءه صراحة له، مشيراً إلى ان التنظيم اليوم معني بامتصاص آثار ضربات تلاقها سابقاً، وبالتالي لا يعتقد بأن تكون هناك مخاطر كبيرة على الصعيد المحلي سيما وأن التيارات السلفية تحت العين الأمنية.
وقال: "اليوم المنطقة دخلت مرحلة أشد من الفوضى، وإذا لم تتم معالجة القضايا السياسية العالقة في المنطقة، بالتوازي مع الجانب العسكري والأمني، ستبقى الأردن إلى جانب شقيقاتها في مهب الخطر".
أما بالنسبة لرئيس اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين الأردنيين الدكتور علي الحباشنة، فيرى أن دور الأردن ما زال حتى اللحظة يتمركز في الدعم اللوجستي والاستخباري لقوات الائتلاف في حربها ضد "داعش".
وبين الحباشنة أن الغموض الذي يسيطر على كامل أدوار دول الائتلاف يعني صعوبة تدخل أي دولة عربية عسكرياً ضد "داعش"، سواء في سوريا التي لم يتم التنسيق معها للدخول إلى معاقل المتطرفين حتى اللحظة، أو في العراق التي أعلنت عن عدم قبولها أي دور عسكري أمريكي على أرضها.
ويرجح الحباشنة بأن تستمر الضربات ولو مرحليا من خلال طائرات مقاتلة من دون طيارين (شبح) أو قذف صواريخ توماهوك عن طريق الجو والبحر.
ونشأ تنظيم "داعش" في العراق بعيد بدء الاحتلال الأمريكي للبلاد في آذار/ مارس 2003، وامتد نفوذه إلى سوريا بعد اندلاع الثورة الشعبية فيها منتصف آذار/ مارس 2011، ومنذ أكثر من ثلاثة شهور، يسيطر هذا التنظيم على مناطق واسعة شرقي سوريا وشمالي وغربي العراق، وأعلن في حزيران/ يونيو الماضي عن قيام ما أسماها "دولة الخلافة"، وأعلن زعيمه أبو بكر البغدادي نفسه "خليفة"، مطالبا المسلمين بمبايعته.
ومع تنامي قوة التنظيم أعلنت الولايات المتحدة أنها حشدت أكثر من 40 دولة، إقليمية وغربية، في تحالف، على أمل دحر تنظيم "داعش".