معتقلون سلفيون يشكلون "تيارا إصلاحيا" في المغرب

 يواصل تيار السلفية الجهادية بالمغرب، الذي يوجد أغلب رموزه في السجون، سلسلسة مراجعاة فكرية ونظرية، آخرها وثيقة "الورقة التنظيمية/التنظيم الجديد"، التي أعلنت ميلاد "التيار السلفي الإصلاحي"، المؤمن بالمشاركة  السياسية والمؤمن بالوحدة الترابية للبلاد.

وكشفت وثيقة " التيار السلفي الإصلاحي"، التي حصلت "عربي 21" على نسخة منها، عن جوانب غير مسبوقة في التحولات الفكرية التي يمارسها تيار السلفية الجهادية المغربية، خاصة فيما يتعلق بالموقف من المشاركة السياسية، والوحدة الترابية والعلاقة من المؤسسات الرسمية المغربية.

ولخص "التيار السلفي الإصلاحي"، مبادرته الجديدة في "تحقيق السلم والعمل على ذلك من خلال المرجعية الإسلامية، بـ"إنهاء القطيعة مع مؤسسات الدولة لكونها ملك للشعب"، و"العمل على نبذ العنف وكل أشكال الغلو والتطرف والفرقة والاختلاف".

وتابعت الوثيقة تقول، "التأكيد على وحدة البلد الترابية والحق في الاختلاف الديني واللغوي والعرقي والإثني، والقول بالمشاركة السياسية من خلال تأسيس الجمعيات والحركات وكل آليات التدافع السلمي، والتفريق بين ما هو محلي عن ماهو إقليمي وماهو دولي على مستوى التصور والمنهج".

وعلمت "عربي 21" أن الشيخ حسن خطاب أمير جماعة "أنصار المهدي"، وبعض أعضاء "خلية بلعيرج"، وبعض "العائدين من سوريا"، والبعض المعتقلين تحت طائلة قانون الإرهاب، شاركوا في صياغة الورقة المذهبية لـ"التيار السلفي الإصلاحي".

واعتبر الباحث محمد مصبح في حديثه لـ"عربي21" أن "الوثيقة تمثل قطيعة فكرية مع الجذور التكفيرية التي نهجها حسن خطاب خلال العقد الماضي، وتشكل حلقة ضمن سلسلة المراجعات التي دشنها خلال السنوات الأخيرة، تحتاج تثمينا ونشرا ودعما من طرف المجتمع المدني".

وأكد مصباح، وهو زميل أبحاث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، على أن "المستجد هو تأكيده على الوحدة الترابية، وهو تطور فكري عند التيار السلفي، لا سيما أنه يؤمن بفكرة الأمة، ويرفض الحدود الجغرافية التي رسمها الاستعمار، وهي فكرة تؤكد على التحول في اتجاه "الأقلمة" والاشتغال في إطار الدولة الوطن". 

وأضاف: "يمكن القول بأنه يسير في اتجاه الاعتدال فكريا أكثر فأكثر، لا سيما أن مضامين الوثيقة تحدد بشكل دقيق الموقف من الدولة والمجتمع، حيث يدعو بشكل علني إلى مراعاة خصوصية البلد المذهبية والعقدية، ويدعو إلى نبذ العنف والسرية".

وحصلت "عربي 21" على الأرضية المنهجية للتيار السلفي الجديد، التي جاءت تحت "الورقة التنظيمية/التنظيم الجديد"، والتي أعلن عنها منذ أيام في السجون المغربية، حيث يراهن مطلقوها على ترشيد الخطاب السلفي، أو ما يصطلح عليه وإعلاميا بـ"المراجعات".

وتعتبرهذه الوثيقة، إلى جانب وثيقة أخرى، تحمل اسم "الورقة العقدية"، من أدبيات هذا التيار الذي يقوده أعضاء في خلية "أنصار المهدي" التي تم تفكيكها في إطار ملفات محاكمات الإرهاب، ويوجد ضمن التيار العديد من المعتقلين السلفيين في السجون المغربية، ومنهم بعض العائدين من الديار السورية، بعد اقتناعهم بأن الأحداث هناك أكبر من الحماسة التي تفاعلوا بها في بداية اندلاع أحداث "الربيع الديموقراطي".

ويحمل التيار الجديد اسم "التيار السلفي الإصلاحي"، ويدعو في أدبياته التي تم إرسال نسخة منها إلى كل من وزارة الداخلية ووزارة العدل، وجهات أخرى، إلى نبد العنف وكل أشكال الغلو والتطرف والفرقة والاختلاف".

وتتكون بنود ميلاد "التيار" وورقته "التنظيمية" من عشرة نقاط قدم لها بـ"تحقيق السلم والعمل على ذلك من خلال المرجعية الإسلامية، بالتعلم والتربية والمواطنة وفق ثوابت البلد ومرجعيته المذهبية، والعمل على التأهيل والإعداد والتربية على خصوصية البلد وإنهاء القطيعة مع مؤسسات الدولة لكونها ملك للشعب".

وتقضي البنود العشرة "للتيار"، بـ"سلمية وعلنية دعوتنا لتحقيق المصالح وتكثيرها، وتقليل المفاسد ودرئها، ومراعاة خصوصية البلد المذهبية والعقدية، مالم تخالف نصا قطعي الدلالة، والعمل على نبذ العنف وكل أشكال الغلو والنرطف والفرقة والاختلاف".

وتابعت الوثيقة المكونة من صفحتين تأكيدها "على وحدة البلد الترابية والحق في الاختلاف الديني واللغوي والعرقي والإثني، والقول بالمشاركة السياسية من خلال تأسيس الجمعيات والحركات وكل آليات التدافع السلمي، والتفريق بين ما هو محلي عن ما هو إقليمي وما هو دولي على مستوى التصور والمنهج".

ووعد التيار بـ"إعادة ترتيب البيت السلفي على جميع المستويات المنهجية والعقدية من خلال التربية والسلوك، مع اعتماد العمل المؤسساتي لتجديد الدين بمسلكية حركية والقطع مع الأساليب النمطية التي تجاوزها الزمن على مستوى الدعوة والتأطير".  
 
كما يدعو التنظيم الجديد إلى أحقية تبني "التدافع السلمي المشروع بغية تحقيق التجانس مع الآخر من خلال احترام الخصوصيات والبيئات ومراعاة آليات الاجتهاد".

هذا و يضم بعض السلفيين الذين كانوا مصنفين سابقا في خانة "التيار التكفيري"، وقاموا بمراجعات في هذا الصدد، جعلتهم يعلنوا براءتهم بشكل قطعي من الفكر التكفيري الذي يُميز بعض "الجهاديين"، وخاصة تنظيم "داعش".