دعت عدة قوى سياسية سنية في
العراق إلى مقاضاة قادة في
الجيش على خلفية تكرار الغارات التي يذهب ضحيتها أعداد متزايدة من المدنيين وخصوصاً من النساء والأطفال.
وجاءت المطالبات الجديدة عقب غارة للطيران العراقي، الثلاثاء 2 أيلول/ سبتمبر، على مدرسة الصناعة في ناحية العلم بمحافظة صلاح الدين تضم أكثر من 100 لاجئ هربوا بوقت سابق من مناطق سكنهم، فيما أكد مصدر في مستشفى العلم في تصريح خاص لـ"عربي 21"، أن الغارة أسفرت عن مقتل 32 شخصا وجرح 39 آخرين، مرجحاً زيادة عدد القتلى بسبب الإصابات الخطيرة لأغلب الجرحى.
وحول الحادثة، أكد الحزب الاسلامي العراقي "أكبر الأحزاب السنية في العراق"، أن ماحصل هو
مجزرة مقصودة ارتكبتها القوات الحكومية بهدف إيقاع أكبر أذى ممكن بين سكان محافظة صلاح الدين وبهدف معاقبتهم على حالة الإخفاق والانهيارات التي تعانيها الأجهزة الحكومية".
بدوره، قال مصدر في المكتب السياسي للحزب في حديث خاص لـ"عربي 21، إن الحكومة تتعمد استهداف المدنيين على خلفية طائفية في محافظات الحراك، في وقت تطلق يد الميليشيات لتعبث بأمن تلك المحافظات وتروع أهلها بالقتل والاختطاف، مشيراً الى أن محاسبة القادة العسكريين عن تكرار هذه المجازر بات أمراً ملحاً مع تزايد عدد الأبرياء الذين يسقطون جراء تلك الهجمات.
وتعالت الأصوات المطالبة بالرد والانتقام خلال الجنازة الجماعية التي أقيمت لضحايا "مدرسة الصناعة" في محافظة صلاح الدين، في حين رفض المواطن حسين الفراجي مغادرة المقبرة بعد انتهاء مراسم الدفن، وأكد انه باق إلى أن يموت ويلتحق بأبنائه الثلاثة الصغار الذين دفنوا في قبر واحد كما دفنت زوجته إلى جوارهم.
وبين مقربون من الفراجي أنه ترك منزله في مدينة تكريت بعد اشتداد القصف الجوي واصطحب أسرته إلى ناحية العلم وسكن مع عدد من أقربائه في مدرسة يتولى الإشراف عليها شيوخ عشائر الناحية الذين شكلوا لجنة لتأمين احتياجات النازحين في منطقتهم .
من جهته، أوضح أحد أقرباء الفراجي وهو كريم علوان أن قريبه نجا من الغارة وأصيب بجروح طفيفة ولكن عائلته المكونة من زوجة وثلاثة ابناء قضوا بعد سقوط سقف الغرفة التي كانوا يشغلونها في المدرسة، وأن عملية انتشال جثثهم يدوياً استغرقت أكثر من ساعتين، مبيناً أن رب الأسرة أصيب بصدمة عصبية قوية ولم ينم ثلاثة أيام متواصلة.
بدورها، دعت البرلمانية عن محافظة صلاح الدين أشواق الجبوري إلى فتح تحقيق عاجل في مجزرة المدرسة وتقديم المتسببين بها إلى القضاء من أجل أن ينالوا جزاءهم العادل، مشددة على أن المدرسة لم تكن تؤوي سوى عوائل هاربة من المعارك في المحافظة.
وطالبت الجبوري التي تنتمي لتحالف القوى العراقي في تصريح خاص لـ"ـعربي 21"، رئاسة البرلمان العراقي باستدعاء فوري للقادة الأمنيين في محافظة صلاح الدين من أجل التحقيق معهم في المجزرة التي حصلت هناك، مؤكدة ضرورة إنزال القصاص بكل من تثبت مسؤوليته عنها.
وفي ذات السياق، قال الشيخ ثائر الجبوري "من وجهاء ناحية العلم"، إنه وصل مع مجموعة من أفراد عشيرته إلى موقع المدرسة بعد دقائق من الغارة، شاهد أشلاء وجثثا كثيرة متناثرة منها أربعة نساء، وعلى مقربة منهن جثث ثلاثة أطفال أحدهم رضيع.
وتابع الجبوري وهو عضو مجلس عشائر صلاح الدين، أن "الطيران الحكومي ارتكب مجزرة يندى لها جبين الإنسانية وتخجل منها كل الأعراف والقيم"، مشيراً إلى تشكيل فريق من الأهالي يتولى التنسيق مع محامين مختصين لرفع دعوى قضائية بحق القائد العام للقوات المسلحة وعدد من الضباط المعروفين بالأسماء، مع الحرص على تحويل القضية إلى محكمة خارجية في حال تهاون القضاء العراقي.
وعن تفاصيل المجزرة، أفاد المعاون الطبي في مستشفى ناحية العلم علاء السلماني، أنهم استقبلوا 27 قتيلا و44 جريحا جراء قصف طائرة مروحية بعدد من الصواريخ لمدرسة الصناعة،لافتاً إلى مقتل 5 من الجرحى بعد وصولهم إلى قسم الطوارىء بسبب شدة إصاباتهم، وأن هناك حالات أخرى تعاني من إصابات متعددة وبليغة.
وأشار السلماني إلى أن النسبة الأكبر من الضحايا هم أطفال ونساء وأن الأهالي تولوا عمليات انتشال القتلى وإخلاء الجرحى من موقع الحادث، فيما كانت الطائرات العسكرية تواصل تحليقها فوق المدرسة.