يجاوز حفيظ الله أعوامه المئة، لكن ذلك لا يحول دون توجهه يوميا إلى العمل، على غرار عشرات من أقرانه منحهم هواء الجبال في كشمير عمرا مديدا.
ويواصل هذا العجوز ذو اللحية البيضاء عمله في حقول وادي نليوم
الباكستاني الخلاب، على السفوح الجنوبية لجبال الهملايا، منذ سنوات شبابه، إبان حقبة الاستعمار البريطاني، قبل أن تنال البلاد استقلالها في العام 1947.
ومع أن باكستان تعيش على وقع الاضطرابات والحرب ضد حركة
طالبان وتنظيم القاعدة، منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، ورغم تصنيف الأمم المتحدة باكستان على أنها من أسوأ دول العالم على المسنين، جراء العنف وانعدام الأمن والممارسات الإقطاعية، إلا أن هذه المنطقة تبدو استثناء عن القاعدة.
فوادي نيلوم الواقع بين جبال كشمير النائية، يمتاز بمناظره الخلابة الممتدة على مئتي كيلومتر، على ضفاف نهر غزير صاف.
وينأى هذا الوادي عن الاضطرابات المتفرقة التي تسجل في جواره، على خلفية النزاع بين باكستان وجارتها اللدودة الهند على منطقة كشمير منذ العام 1947. وفي هذه الطبيعة الخلابة والهواء النظيف، يتمتع عدد كبير من السكان بمعدل أعمار مرتفع.
يقول حفيظ الله إنه في عامه الثاني والثلاثين بعد المئة، وان صح ذلك يكون هذا الرجل عميد المسنين في العالم، علما أن عمره بحسب السجلات الرسمية لا يزيد عن 107 أعوام.
ويبوح حفيظ الله بسر عمره الطويل، نظام طعام صحي قوامه منتجات طازجة وقليل من اللحوم. يستذكر هذا الرجل أيام شبابه، ويقول "كنا نأكل الخضار والفواكه المجففة، وكنا ندفن الخضار المجففة في الأرض شتاء لنأكلها صيفا". وتشكل التربة في تلك المنطقة ثلاجة طبيعية في موسم الشتاء.
تزوج حفيظ الله تباعا من ثلاث سيدات توفين، ثم تزوج من سيدة رابعة تدعى ايسيم جان ما زالت ترافقه في عمره المتقدم. وتقول هذه السيدة ذات السبعين عاما "افعل ما في وسعي من أجله، أساعده بشكل متواصل، وأسأل الله أن يأجرني على ذلك".
تقع قرية شاتاه على ارتفاع ألفي متر، وهي جزء من منطقة واسعة تعزلها الثلوج عن العالم قرابة ستة أشهر من كل عام.
ويتمتع سكانها بصحة قوية يعززها ارتفاع نسبة الكريات الحمر في الدم، ونقاوة الهواء، بخلاف المدن الباكستانية الكبرى ذات الأجواء الملوثة.
وما زالت الطبيعة بحالها الأول في وادي نيلوم، رغم أنه بات مقصدا للسياح، وما زال سكانه يعملون في الزراعة بوسائلها الأولى، مستخدمين الثيران لحرث الأرض، ومعرضين عن استخدام المبيدات. ويقول زعيم القرية عبد الخالق، وهو "شاب" نسبيا في الخامسة والسبعين من عمره، إن الرجال والنساء يستيقظون عادة عند الرابعة فجرا، ويعملون في قطع الحطب وبناء المنازل ورعاية الماشية حتى غروب الشمس، وهي وتيرة صارمة، إلا أنها تعد واحدا من أسباب ارتفاع أعمار السكان.
وبحسب محمد سابال خان، المسؤول في دوائر السجلات المدنية، فإن 60% من السكان فقط يدخلون في التعداد الرسمي، مؤكدا وجود عشرات الأشخاص فوق سن التسعين أو المئة في كل قرية من قرى الوادي، وهو أمر فريد في بلد لا يزيد متوسط الأعمار فيه عن 64 سنة لدى الرجال، و66 لدى النساء، بحسب منظمة
الصحة العالمية، ويعد من أسوأ ثلاث بلدان لكبار السن بسبب انعدام الأمن وصعوبة تحركهم.
يؤكد سابات خان أن عمره مئة وعامان، علما أنه بحسب السجلات الرسمية في الثانية والتسعين. ويفسر طول عمره بنمط الحياة الصحية في الوادي، ويقول "إنها نعمة من الله..لقد عشت طويلا ولم أعرف المرض في حياتي".