نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا للصحفي الفلسطيني محمد عمر، حول التقارب بين الأقلية المسيحية والأكثرية المسلمة في
غزة، حيث لا يفرق العدوان الإسرائيلي بين مسلم ومسيحي.
ويتحدث التقرير عن استهداف عائلة عياد يوم السبت الماضي بقذيفة إسرائيلية دون سابق إنذار فكان أول بيت من بيوت الأقلية المسيحية الصغيرة يقصف منذ بدء العدوان قبل ثلاثة أسابيع.
ويقول عمر إن القذيفة تسببت بدمار كبير للبيت، ودمرت أثاث ومحتويات المنزل كألعاب الأطفال التي كانت مبعثرة في كل مكان، إلا أن التكلفة في الأرواح هي الأفدح. فجليلة عياد كانت معروفة في المجتمع الغزي بأنها سيدة لا علاقة لها بالمجموعات المسلحة ويقول ابن أخيها فؤاد عياد: "نحن أقلية مسيحية لا علاقة لنا بحماس ولا بفتح - نحن منغلقون على أنفسنا ونتجنب المشاكل".
ويذكر أن زوج جليلة واسمه فؤاد أيضا كان واقفا بقميصه الأبيض المصبوغ بدماء زوجته وابنه – الذي كان أصيب إصابة بالغة في الضربة – وينظر بينما يقوم ابن أخ زوجته بإجراء المقابلات الصحفية.
ويقول التقرير إن قداسا أقيم الأحد الماضي لجليلة عياد في كنيسة بوفيريوس للروم الأرثوذكس، تلك الكنيسة التي كانت قد تحولت إلى ملاذ لا للمسيحيين فقط بل لمئات المسلمين الذين يبحثون عن مأوى مع تواصل العدوان.
يقول أبو خالد (45 عاما): "استضافتنا الكنيسة على مدى الأسبوعين الماضيين وقدمت لنا الغذاء والملابس وأي شيء نحتاجه وخسارتهم هي خسارتنا وألمهم ألمنا".
وفي القداس الذي أقيم لجليلة قال المطران ألكسيوس: "إنسانة أخرى بريئة فقدت حياتها"، وبكى أبناء الاقلية المسيحية الحاضرون في الكنيسة في جنازة أول ضحية تقدمها الأقلية المسيحية الصغيرة.
ويشير التقرير إلى أن الصحفيين الحاضرين تفاجأوا عندما شارك
المسلمون والمسيحيون بحمل نعش جليلة لتشيعها إلى مثواها الأخير، فيبدو أن الجروح المشتركة والغضب جسرت الهوة بين المجتمعين.
وكانت كنيسة الروم الأرثوذكس في غزة أصيبت بأضرار جراء إصابتها بقصف مدفعي تسبب بأضرار لخمسة عشر قبرا ولسيارة نقل الموتى الوحيدة بحسب كامل عياد أحد رعايا الكنيسية.
وقال أبو خالد للصحفي محمد عمر: "يجب أن يعرف العالم أن القذائف الإسرائيلية لا تميز بين مسلم ومسيحي".
وتحدث شاب حزين محاط بالحضور الذين ارتدو الأسود خلال القداس بكلمة بالنيابة عن طائفة الروم الأرثوذكس وتساءل عن دور المجتمع الدولي في التعامل مع الجرائم الإسرائيلية.
وقال: "هذه امرأة فلسطينية، عربية، مسيحية استشهدت بقصف إسرائيلي .. ضربتنا القنابل وقتلتنا دون تمييز بين مدني ومقاتل".
وكان القسيس السابق في الكنيسة اللاتينية، الأب مانويل مسلم، دائما من دعاة الوحدة الفلسطينية وقال: "عندما يدمرون مساجدكم صلوا في كنائسنا".
هناك حوالي 1500 مسيحي في غزة حيث تقف المساجد بجانب الكنائس في هذا الشريط الساحلي الصغير، ويرفض جورج عياد القريب من جليلة عياد القول بأن المسيحيين سيغادروا غزة بعد هذه الحادثة.
وقال: "هذا بالضبط ما تريده إسرائيل، ولكن إلى أين نذهب؟.. هذه بلدي ونحن
المسيحيون هنا في غزة منذ ألف عام وسنبقى".
وخلال القداس تمت تلاوة صلوات من الكتاب المقدس قبل نقل جثمان جليلة ووضعه في تابوت بسيط أبيض مثبت عليه صليب أسود.
وقام المسلمون والمسيحيون المشردون بحمل جثمان جليلة لدفنها في نفس المدينة التي ولدت بها في غزة. ووضع على تابوتها ايقونة ترمز لمريم العذراء و غنى أقاربها (هللويا) شكرا لله.