تشهد مدينة أبو ظبي عاصمة
الإمارات، السبت، تدشين "
مجلس حكماء المسلمين"، الذي يقول مؤسسوه إنه سيكون أهم مجمع ديني يضم كبار علماء الإسلام "ذوي المنهج المعتدل" ويضم بين أعضائه نخبة من العلماء والمفكرين والخبراء في العالم الإسلامي.
ومن المقرر أن يترأس المجلس الوليد عالم الدين الموريتاني "عبد الله بن بيه" على أن يتولى شيخ
الأزهر أحمد الطيب الرئاسة الشرفية.
ويقول مؤسسو المجلس إن هذه الخطوة جاءت عقب تراجع الدور الدعوي لاتحاد علماء المسلمين الذى يترأسه الدكتور يوسف
القرضاوي، وقالت إن الاتحاد دأب خلال الأعوام الأخيرة على تأجيج الفتن بين شعوب الدول العربية وعمل على التدخل السافر فى شؤونها وتحريض الشعوب ضد أنظمتها، بالإضافة إلى دعمه لجماعة الإخوان المسلمين.
ولم يتوقف القرضاوي عن مهاجمة الشيوخ المؤيدين للسلطة الحالية في مصر وعلى رأسهم شيخ الأزهر، وقدم استقالته في كانون أول/ ديسمبر الماضي من هيئة كبار علماء الأزهر، قائلا إن الأزهر "فقد قدرته على القيام بدوره باعتباره مؤسسة إسلامية علمية عالمية".
شيوخ معتدلون
وجاء تأسيس هذا المجلس كتنفيذ لتوصيات البيان الخامس لمنتدى "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" الذي استضافته "أبو ظبي" في شهر آذار/ مارس المنصرم، وشارك فيه نحو 250 عالماً ومفكراً إسلامياً من مختلف أنحاء العالم، عدد منهم أعضاء سابقين في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وأوصى المشاركون بتأسيس مجلس إسلامي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، يضم مجموعة من علماء الدين والخبراء والوجهاء، كما دعوا إلى اتخاذ إجراءات تسهم في ترسيخ ثقافة السلام في المجتمعات المسلمة.
وتطلق وسائل الإعلام العربية مصطلح "رجال الدين المعتدلين" على رجال الدين المقربين من السلطات الحاكمة في تلك البلدان والذين يهاجمون باستمرار الحركات الإسلامية وأعضاءها.
وفي العام الأخير تفاقم هذا العداء من جانب الشيوخ المؤيدين للسلطة -أمثال علي جمعة وسالم عبد الجليل أحمد كريمة- تجاه معارضي الانقلاب في مصر، حتى وصل إلى التحريض بشكل سافر على قتل المعارضين باعتبارهم خوارج وخونة للدين والوطن.
وكشفت صحيفة اليوم السابع المصرية، الثلاثاء الماضي، أن وزارة العدل والنيابة العامة، بدأت الأسبوع الماضي إعادة فتح ملف المطلوبين قضائيا على ذمة قضايا فساد مالي -وينتمون إلى نظام مبارك- أو عدد من أعضاء جماعات إرهابية وبعض قيادات الإخوان المسلمين، وأنه تم إخطار الإنتربول الدولي لاعتقالهم وتسليمهم إلى مصر، وضمت قائمة الأسماء المطلوبة الشيخ يوسف القرضاوي المتهم بالتحريض على مصر.
تفكيك المنظمات المشبوهة
وكان الشيخ "عبد الله بن بيه" ، رئيس مجلس الحكماء، كان نائبا للشيخ للقرضاوي في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قبل أن يتقدم باستقالته في كانون أول/ ديسمبر 2013 اعتراضا على خطاب الاتحاد الذي يدعو للفتن، على حد قوله.
وقال بن بيه -في خطاب استقالته- إن موقعه في الاتحاد أصبح يتعارض مع سبيل الإصلاح والمصالحة الذي ينتهجه، متهما جماعات لم يسمّها بمحاولة خطف الإسلام وتشويهه والبعد به عن السماحة والوسطية.
وأكد بن بيه -في تصريحات صحفية- أن "مجلس حكماء المسلمين" سيعتمد الخطاب الإسلامي الوسطي منهجا له، بعد أن تم تسييس اتحاد علماء المسلمين، ما أدى إلى ابتعاده عن الأهداف التى أنشئ من أجلها.
وأضاف أن المجلس سيتولى بيان الحقائق و"تفكيك المنظمات المشبوهة" التى أضرت بالإسلام وحولته من دين ينتهج السلام والمحبة وينشر السماحة بين الناس إلى دين للقتل والخراب والتطرف.
وفي أواخر حزيران/ يونيو الماضي، أجلت محكمة القضاء الإداري في مصر دعوى تطالب بإلزام شيخ الأزهر بسحب جميع الشهادات العلمية الأزهرية الحاصل عليها الدكتور القرضاوي، وقالت الدعوى إنه ارتكب جرائم تندرج تحت بند "الخيانة العظمى" ولا يستحق أن ينتسب إلى الأزهر الشريف.
خريطة طريق أخرى
وحسب تقارير صحفية، فإن من أهداف تدشين هذا المجلس، قيام أعضائه بالسعي للم شمل الأمة الإسلامية ومواجهة "الأيديولوجيات المتطرفة"، التي تخالف القيم الإنسانية ومبادئ الإسلام السمحة.
وتعد ادعاءات مواجهة التطرف إحدى أهم الحجج التي يتذرع بها قادة الانقلاب في مصر ومؤيدوهم في الخليج العربي لتبرير إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي، والقمع الذي يتعرض له رافضو الانقلاب وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين.
وعقب إنقلاب تموز/ يوليو أصبحت دولة الإمارات -ومن بعدها السعودية- أكبر داعم للسيسي، حيث منحته ما يقارب 8 مليارات دولار خلال عام واحد، كما استضافت -ولا تزال- اجتماعات ولقاءات لخصوم الإخوان.
وكان "اتحاد علماء المسلمين" قد أثار جنون قادة وداعمي الانقلاب في مصر حينما أصدر في أيار/ مايو الماضي، وقبل انتخابات الرئاسة بعدة أيام، فتوى -موقعة من 160 عالماً من مختلف دول العالم- تؤكد أن المشاركة بالتصويت في تلك الانتخابات حرام شرعا.
وأعلنت وثيقة تأسيس المجلس أن أعضاءه سيعملون على وضع "خريطة طريق" -وهو نفس المصطلح الذي أطلقه السيسي على الإجراءات التالية لعزل الرئيس مرسي- تسهم في "إطفاء الحرائق" التي تجتاح الأمة، والتصدى لشرور الطائفية والعنف التي تعصف بالعالم الإسلامى منذ عقود.