العسكر وكيل واشنطن وقوى داخلية وخارجية، جميعهم كانوا يرون "الإخوان" خصما حقيقيا، ليس لمجرد كونهم تنظيما بل لأنهم أحد تشكلات
الإسلام السياسي، و هو مظلة حقيقية لبقية أصناف العمل الإسلامي، كما أنهم شكلوا خطرا حقيقيا على مصالحه الاقتصادية والسياسية وبالأخص بعد حرب غزة الأخيرة ومشروعي القناة و عمليات الضغط على رجال أعمال الداخل، كما أنه شكل تهديدا مباشرا لمصالح إسرائيل في المنطقة ورؤية واشنطن للشرق الأوسط .
العسكر وداعموهم العرب والغربيون وظفوا كل الأدوات ضد هذا التحول بداية من "سذاجة وبلاهة" طيف من قيادات الجماعة وانتهاء بعهر "المعارضة" وسطحية بعض الثوريين، مرورا بالفلول ومالهم السياسي، و (المحليات -
شبكات البلطجة - بيروقراطية الدولة المتعاونة أمنيا)، بالإضافة إلى القضاء كلاعب رئيسي، و بالطبع الداخلية بكل أقسامها و الشؤون المعنوية في الإعلام !
عنوان المعركة الآن وإن كان خفيا سابقا، واضح جلي لا لبس فيه، كذلك انكشفت تماما لدينا شبكات التعاون الإقليمي كالإمارات والسعودية والأردن والكويت وإسرائيل وتصريحات خارجياتهم ومسؤوليهم لا تتوارى خلف مداهنة أو مداراة بل صريحة واضحة في إعلان حربها على "الإسلاميين"، وهذا ما كنا نردده بالأمس وكان البعض يتهمنا بالغرق في المؤامرة فإذا به هو الغارق في سطحيته وبلاهته وتخندقه في أعراض الصراع المحلية !
لن تقف المعركة الإقليمية على الإسلاميين حتى تحقق أهدافها المعلنة وهي "إنهاء" وجودهم الكامل ليس عبر إعدام عناصرهم بل عبر تفكيك كل كيانات وجودهم كما أن هذا سيتوازيه حرب "فكرية" ضد مقومات التصور الإسلامي السياسي عبر توظيف شبكات المثقفين العلمانيين وتوظيف شبكات الفقهاء
المتصوفين والمتسلفين من أنصار
الطاغوت والسلطان !
لن تكون هناك مواجهة حقيقية سليمة إذا استمر "الإسلاميون جميعا في الغرق في الشأن المحلي فقط ومحاولة استرضاء الداخل والخارج بل يجب أن تحدث عملية إعداد فكري وسياسي جيد للصف للفهم أولا بطبيعة المعركة بعيدا عن التفسيرات السطحية وبعيدا عن ادعاءات العصمة والفهم ، بقدر ما يجب أن يكون الإعداد منوطا بتفسير حقيقي وفكري لطبيعة المعركة وميدانها المتسع والمتصل لمائة عام مضت !
إحياء "الأمة" و تجذير الدين في المجتمع لا كظاهرة وعبادات فقط وانما كمنهج واعتقاد وتصور سياسي وعقدي هو منطلق هام ورئيسي بجانب مواجهة الطغيان ، فلا يمكن حصر المعركة في الجانب الميداني دون معركة الأفئدة والعقول التي ستظل هي الأساس في وجودنا فما عمليات التدافع إلا لإيجاد بيئة أفضل لمعارك الأفئدة والعقول في مساحات العقائد والأفكار !
معركة المجتمع وتجذير التصورات الإسلامية ستظل هي سبب وجود الإسلاميين كحالة متمايزة منذ بدايات القرن العشرين و منذ سقوط الخلافة في حربهم ضد الهجمة الغربية ولذا استشهد البنا و قطب وعودة وعبدالله عزام و كل من تلاهم ممن وقف أمام ماكينة القتل الفكري والعسكري للأمة ، ولا يجب أبدا أن نتصور أن مواجهتنا مع العسكر قضية سياسية تقبل التمييع أو تلهينا عن حقيقة ما قاله من نصبوا العسكر علينا!