كتب تركي الدخيل: لم يكن التحالف بين
السعودية والإمارات وليد اللحظة، كما أن تنمية العلاقات ليست لإغاظة أحد.
بعض الدول «الشقيقة» تخاف من أي ترابط وتعاون خليجي، تريد الدول ممزقةً ومتحاربة، وحين دافعت السعودية والإمارات عن البحرين إبان موجة التخريب والاضطراب غضبت قنواتهم واستشاط الإعلام الدائر في فلكهم.
لو تأملنا بنود مجلس التعاون الخليجي لرأينا أنها تؤكد على التحالف والتعاون والدفاع المشترك، وهذه الأخوة الاستثنائية بين البحرين والإمارات والسعودية تحديداً هي تجسيد لمبادئ مجلس التعاون والتي وضعت منذ ثلاثين عاماً، لكن بعض الدول تريد أن يكون لها «الصدر دون العالمين أو القبر»، من طينة من يقولون «الشيء ويفعلون نقيضه»، ومثل تلك الدول صغرت أم كبرت لا يوثق بها مع مرور الأيام وتصبح محط توجس وشك، فتضعف هيكليتها، وينحرج شعبها منها.
حدثان يعبران عن الأخوة
الإماراتية السعودية في أقل من أسبوع، أولهما: تكريم الملك عبدالله باختياره شخصية العام الثقافية ضمن جائزة الشيخ زايد للكتاب، والثاني:إطلاق اسم الملك عبدالله على شارع مهم وحيوي في قلب أبوظبي، هذا فضلا عن الزيارات والتآخي بين القيادتين. هذه الأخوة وهذا التفاهم والتواد بين القادة والزعماء، بين خليفة بن زايد وعبدالله بن عبدالعزيز هو التجسيد الحقيقي والطبيعي لعلاقة بين بلدين يربطهما التداخل الاجتماعي والقبلي والتاريخي، أما الدول المارقة التي تقوم بأعمال تآمر ضد جاراتها، وتؤوي المعادين والمطلوبين أمنياً، وتجنّس المتورطين، هذه لا معنى للتآخي معها أو التعاون، ذلك أنها غير مأمونة الجانب ولا مستقبل لاستراتيجياتها، بل تضرب «خبط عشواء» يمنةً ويسرةً.
لقد عاش الخليج خلال القرنين الماضيين وهو يحاول شق طريقه نحو المعاصرة والنمو، ولو قرأنا تاريخ المنطقة لعلمنا أنها جاهدت واجتهدت من أجل الخروج من نيران الجوع والحر والصحراء والمرض. غير أن التآمر القريب كان هو الذي يفتّ عضد الزعماء المخلصين.
لفت نظري في كتاب «خمسون عاماً في جزيرة العرب» لحافظ وهبه رسائله المخلصة للملك عبدالعزيز، هذا المستشار الذي بايع الملك على السمع والطاعة والإخلاص، كان حكيماً في مراسلاته ومشورته. ومما قاله للملك عن آل شريف وخطورتهم على مشروع توحيد البلاد: «أيها السلطان، أظن أنه لم يخف عليكم من اطلاعكم على مشاكل العرب، أن بعض الدول تحاول أن تنال من العرب والإسلام، ولكن لا بالجنود المسلحين، بل بأذنابها وسماسرتها، يحاولون النيل من العرب، والسيطرة على بلاد العرب، أولئك الذين اتخذوا منها سياجاً حول جزيرة العرب، لينالوا ما لا يستطيعون نيله بالسيف والنار». ثم يشير حافظ وهبه على الملك: «إن الحيل لا تفوت عليكم»!
لم تكن لدى الزعماء كلهم مشكلة في الذي يحاربك علناً ويحاول طعنك من الأمام، الكارثة أن يحاول البعض طعنك من الخلف، وهذه ضد شيم العرب في المعارك والمنازلات. هذا ما كان يغيظ الملك عبدالعزيز، تلك المناورات الخفية والحيل، وإلا لو أرادوا السيف والنار لجابههم بجيشه على الأرض.
من هنا يكون التحالف التاريخي بين الإمارات والسعودية ليغدو امتداداً لإرث طويل من التعاون والتعاضد ضد المناورات، والتخريب، والتآمر الخفي، والحيل المدسوسة.
ستبقى هذه البلدان عامرةً بالخير والرخاء والاستقرار.
(الاتحاد الإماراتية)