لا توارب أو تتجمل فيما يتعلق بمصلحة "
إسرائيل"، حتى لو وصل الأمر إلى ممارسة أكثر الأساليب قذارة، سواء عندما كانت جزءا من العمل الاستخباري في جهاز الموساد، أو حينما مارست السياسة كوزيرة للخارجية أو رئيسة للوزراء.
ولدت تسيبي
ليفني في تل أبيب عام 1958، والدها إيتان ليفني أو كما يحلو للصهاينة مناداته "ليفني الرهيب"، كناية عن عنفه وإرهابه ضد القرويين الفلسطينيين وهو أحد قادة مذبحة "دير ياسين"، وإرهابي قديم حكم زمن بريطانيا بالسجن لمدة 15 عاما إلا أنه فرّ من السجن، والقائد السابق لشعبة العمليات في المنظمة الإرهابية "أتسل" التي كان يقودها مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق قبل العام 1948.
أما والدتها سارة فقد عملت مع عصابة للسطو المسلح، وكانت قائدة لإحدى خلايا منظمة "أراغون" المتطرفة التي ترأسها بالثلاثينات مناحيم بيغن.
والنشأة بين والدين من الإرهابيين انعكستْ على ليفني، بدءا من اختيارها لاسمها، وحتى تاريخها الإجرامي، حيث ترفض ليفني اسمَها الحقيقي تسيبورا؛ نظرا لأنه يعني عصفورة، وتصرُّ على اسم تسيبي بدلاً منه.
وعندما كانت صبية انضمت ليفني إلى حركة "بيتار" اليمينية وشاركت في المظاهرات ضد اتفاقية فك الاشتباك بين "إسرائيل" وكل من مصر وسوريا والتي سعى وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر للوصول إليها بعد حرب 1973.
قامت ليفني بخدمتها العسكرية الإلزامية في معهد لتأهيل الضابطات وحصلت على رتبة ملازم أول، وبعد نهاية خدمتها الإلزامية سجلت لدراسة الحقوق في جامعة "بار إيلان برمات غان" بين عامي 1980 و1984، لكنها ما لبثت أن أوقفت دراساتها وعملت في "الموساد" حيث قامت بالعديد من العمليات الخاصة، منها اغتيال مأمون مريش، وكان وقتها مساعدا للقيادي البارز في منظمة التحرير خليل الوزير (أبو جهاد) في أثينا.
واتهمت خلال هذه الفترة باغتيال عالم ذرة عراقي في فرنسا حيث عملت خادمة تحت اسم مستعار، في بيته، وصدرت بحقها مذكرة توقيف قضائية باسمها المستعار ثم باسمها الحقيقي، قبل أن ينجح اللوبي الصهيوني في فرنسا بوقف ملاحقتها قضائيا.
وانطلقت ليفني بعد ذلك للعمل الميداني، حيث تلقت تدريبات حول كيفية تجنيد الجواسيس، وجمع المعلومات، عندما كانت "إسرائيل" تهاجم العرب في أوروبا خاصة بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، وانتقالها إلى تونس. وكانت ضمن وحدة النخبة بحسب المدير السابق للموساد أفرام هالفي.
أكملت ليفني دراسة الحقوق وأصبحت محامية مستقلة واهتمت بالقوانين التجارية والعقارية. وفي 1983 تزوجت من المحامي نفتالي شْپيتْسِر، وأنجبت منه ابنين: عمري ويوفال.
صعدت ليفني بسرعة في الحياة السياسية والحزبية رغم أنها بدأت متأخرة في الاشتغال بالسياسة، ويرى مراقبون أن ذلك يرجع إلى الثقة التي منحها إياها أرييل شارون. وتعتبر تلميذةً وفية لشارون، صاحب أشهر المجازر ضد العرب.
ساهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتقديمها للمجتمع السياسي الإسرائيلي بتعيينها عام 1996 مديرةً لقسم الشركات الحكومية في وزارته، وبعد ذلك أصبحت تنتقل في العمل الحكومي، إلى أنِ انتُخبت نائبة عن حزب الليكود في انتخابات عام 1999، وتولَّت أول منصب وزاري في عام 2001، عندما أصبحت وزيرة للتعاون الإقليمي في وزارة شارون، وفي عام 2003 أصبحت وزيرة الاستيعاب، وكُلِّفت باستقبال المهاجرين الجُدد، وفي عام 2004 تولت إلى جانب هذا المنصب حقيبةَ العدل، ثم أصبحت وزيرة للخارجية في عهد شارون أيضا عام 2005.
وعندما قرر شارون ترْكَ "الليكود" عام 2005، على خلفية الخلاف حول الانسحاب من غزة، وتشكيله حزب كاديما، لم تتردَّد ليفني في الانضمام معه إلى "كاديما" ولم تكن هذه القطيعة مع "الليكود" سهلةً بالنسبة لامرأة تربَّت في أروقة هذا الحزب، الذي يرفع شعار "إسرائيل الكبرى".
و بعدما انسحب بنيامين نتنياهو مع باقي أعضاء حزب الليكود من الوزارة، وبعد نجاح حزب كاديما في انتخابات الكنيست عام 2006، قام إيهود أولمرت بتشكيل حكومةٍ وأسند لها منصب "الخارجية".
وبعد قضايا الفساد التي لاحقت أولمرت، جرَتِ انتخابات داخلية في "كاديما"، انتهت بفوز ليفني برئاسة الحزب عام 2008.
وليفني في سعيها لمسح مرحلة أولمرت حاولت استنساخَ الخط المتشدد لرئيسة وزراء "إسرائيل" السابقة غولدا مائير، التي كانت تجاهر باستخفافها بالعرب، وتقلِّل من أهمية عقد التسويات معهم. ورغم ذلك فهي ترفض أن تقارن بغولدا مائير، وتقول بأنها لن تكون غولدا مائير الثانية بل هي "تسيبي ليفني الأولى" .
وفي أيلول/ سبتمبر عام 2008 قدَّم أولمرت استقالته للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، وفي اليوم التالي كلَّف بيريز، ليفني بتشكيل حكومة جديدة، وبموجب القانون الإسرائيلي كان على ليفني إتمامُ هذه المهمة حتى تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2008، غيرَ أنها أعلنتْ عن فشلها في تشكيل حكومة جديدة.
وما لبثت أن أرغمت على تقديم استقالتها من "الكنيست" في أيار/ مايو عام 2012 بعد أسابيع من الإطاحة بها من زعامة " كاديما" إثر خسارتها أمام قائد الأركان الأسبق شاؤول موفاز.
وواجهت ليفني ملاحقات قضائية عام 2009 حيث أعلنت منظمات التضامن البريطانية وفريق الدفاع عن عائلات الضحايا الفلسطينيين صدور قرار قضائي باعتقال ليفني بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وأصدر قاض في محكمة بلندن أمر اعتقال بحق ليفني بتهم جرائم حرب ارتكبت خلال حرب غزة، وسط اعتقاد أن ليفني تم تهريبها من بريطانيا خاصة وأنها كانت مسؤولة سابقا في ما يسمى "البيوت الآمنة" في أوروبا التابعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، كما أكدت بعض الجهات أن وزارة الخارجية البريطانية حاولت تعطيل القضية والتأثير على قرار القاضي.