سياسة عربية

اختزال السباق الرئاسي بالجزائر بين بوتفليقة وبن فليس

قد تشهد الانتخابات الرئاسية دورا ثانيا - عربي 21
قد تشهد الانتخابات الرئاسية دورا ثانيا - عربي 21
تسود توقعات قوية، باللجوء إلى "دور ثان" لانتخابات الرئاسة المقررة يوم 17 نيسان/ أبريل بالجزائر، بسبب معاينات ميدانية لحملة دعاية انتخابية، أظهرت "ندية" بين الرئيس المترشح والمنتهية ولايته، عبد العزيز بوتفليقة، وبين غريمه الأول المترشح الحر علي بن فليس، في "ثنائية" استقطبت اهتمام الجمهور حتى وإن كان اهتماما محتشما في عمومه ورغم وجود ستة مترشحين للانتخابات.

وفي حال تأكد اللجوء إلى دور ثان لرسم هوية الرئيس المقبل للجزائر، فإن البلاد تكون شهدت لأول مرة منذ استقلالها، في تموز/ يوليو 1962، دورين، في انتخابات الرئاسة. أما الانتخابات النيابية فقد شهدت دورين لمرة واحدة عام 1990، لكن السلطة أوقفت المسار الانتخابي، قبل الخوض في الدور الثاني حينها، لما اكتسحت "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، مقاعد البرلمان، وهو ما أدخل البلاد في موجة عنف لأكثر من عشرية من الزمن سقط خلالها نحو 200 ألف قتيل. 

   وفي كل الانتخابات الرئاسية الماضية، حسمت النتائج لصالح "مرشح السلطة" ولم تجد المعارضة سبيلا لإيقاف ما تسميه دوما "مهزلة الانتخابات المزورة".

 لكن هذه المرة، فإن عوامل عديدة، دفعت إلى التكهن بأن المسار الانتخابي سيشارف على دوره الثاني، أبرزها "تراجع شعبية الرئيس المترشح" الذي فاز بانتخابات الرئاسة نيسان/ أبريل 2009، بـ 85  بالمائة من الأصوات، وذلك على خلفية مرضه، إلى جانب إسناده من قبل مسؤولين غير مرغوب فيهم شعبيا. 

علاوة عن ذلك، فإن هناك متغير "المقاطعة" الذي أثر بوضوح على مجرى حملة الدعاية الانتخابية، إثر عزوف المواطنين عن مؤتمرات المترشحين، واللجوء إلى العنف في مرات عدة.

غي أن هناك من يقول إن سيناريو الدور الثاني بين بوتفليقة والمعارض بن فليس، مستبعد بالنسبة لنظام تعوّد على حسم أموره من الدور الأول لصالح مرشحه، وهو يخشى مفاجآت قد يأتي بها الدور الثاني. وبالمقابل، فإن هناك من يرى أن هذا السيناريو نفسه قد تلجأ إليه السلطة عمدا، من خلال تفادي حسم فوز مرشحها مبكرا والدفع إلى دور ثان، لإعطاء انطباع بأن الانتخابات نظمت بنزاهة وشفافية، لكن بضمان أن تؤول نتيجة الدور الثاني إلى بوتفليقة بشكل مؤكد. 

  ويقول الكاتب والمحلل السياسي، حسان زهار في تصريح لـ"عربي21": " يساورني شعور غريب، بأن هناك سيناريو يتم التحضير له لتفادي تحويل يوم 18 نيسان/ أبريل إلى يوم أسود. وهذا السيناريو هو الإعلان عن عدم فوز أي مترشح، وترك الانتخابات تمر للدور الثاني، لتكون كما يقال "بالوطاج"، بين بوتفليقة وبن فليس!". (ويعني بكلمة "بالوطاج" الندية الشديدة التي ينتج عنها فائز بصعوبة كبيرة).
     
وعن سؤال "لماذا ستنتهج السلطة هذا السيناريو؟"، يجيب زهار: "هذا السيناريو في تصوري هو أفضل حل للخروج من عنق زجاجة ما بعد الرئاسيات، لكونه سيمتص غضبا كبيرا من لدن أعداء الولاية الرابعة لبوتفليقة، ويمكن القائمين على الانتخابات من الحديث عن رئاسيات حرة ونزيهة وإسكات المشككين في الداخل والخارج ".

 وكان مرشح حزب "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد، وهو أصغر المرشحين، أكد في قناة تلفزيونية خاصة السبت الماضي أنه "سيكون هناك دور ثان في الانتخابات بيني وبين بوتفليقة".

لكنّ جل الاجتهادات السياسية تقول إنه، إن كان هناك دور ثان فسيكون بين بوتفليقة وبن فليس، بالنظر إلى العلاقة المشحونة بين المرشحين منذ انتخابات الرئاسة التي نظمت في نسيان/ أبريل 2004.
ويقول زهار:  "سيناريو الدور الثاني لا يعني سوى أمر واحد، هو ترك الانتخابات تسير فعلا في حرية وشفافية كاملة، ولو في شوطها الأول طبعا، وانكفاء الخفافيش وطيور الظلام عن الاستمرار في لعبة ملء الصناديق بأصوات المقاطعين والموتى وحتى الحيوانات".

ويتابع: "الدور الثاني أو "البالوطاج" في حد ذاته سيكون حدثا كبيرا في الجزائر، لكونه يحدث لأول مرة في تاريخ البلاد، وسيجبر الخارطة السياسية الحالية على التغير، وسيدفع المقاطعين للانتخابات إلى الانخراط فيها مجددا والاصطفاف بكل تأكيد خلف مرشح المعارضة" .

وخارج بوتفليقة وبن فليس، فإن المترشحين الأربعة، لا يريدون سماع أن هناك دورا ثانيا في الانتخابات، لأنه إن تأكد فعلا فسيكونون خارج اللعبة. 

ويتابع زهار: "المترشحون الخاسرون، سيظهرون حقيقتهم كاملة. فتواتي (مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية) المعارضة، أعلن أنه لن يمنح أصواته في الدور الثاني لبوتفليقة، وهو نفس الموقف المتوقع من رباعين (مرشح حزب عهد 54) المعارض، بينما من الواضح أن حنون (مرشحة حزب العمال اليساري) وبلعيد، لأسباب موضوعية سيلتحقان ببوتفليقة!".

وكما يرى المتحدث، فإنه "قد يكون مجرد شعور ووسوسة عابرة، أو سيناريو يتم التحضير له، لكنه مع ذلك سيناريو ووسوسة مثيرة، تحل بعض الإشكالاات والعقد و تذهب بعض البلاء والأمراض ولو مؤقتا، لكنها لا تمنع من نزول القضاء والقدر".

الخبير في الشؤون السياسية، محمد دخوش، في رده على سؤال "عربي21" الذي فحواه "هل تعتقد أنه سيكون هناك دور ثان بالانتخابات الرئاسية؟"، قال: "لا أعتقد ذلك، فمن طبع بوتفليقة أن يحسم المعركة في دور واحد"، ولكن المشهد الحالي ليس كما في السابق؟ يرد دخوش: "إن دورا ثانيا سوف يعطي للحراك الجاري فرصة أكبر كي يتسع وقد يتحول إلى عنف غير محسوب، وإن كان مؤكد أن بوتفليقة لن ينال كما في السابق 90 بالمائة".

ويؤكد دخوش: "بوتفليقة ومحيطه يريدون  الفوز بأول جولة وقد حددوا النسبة  تقريبا ما بين 60 و70، وهم يتخوفون من الدور الثاني لأنه ستكون فرصة لتحالفات جديدة قد تفسد عليهم الطبخة، خصوصا وأن الحراك الاجتماعي يتسارع وقد يتحول إلى سخط عام يصعب التحكم فيه".

ويتداول في أروقة "جبهة التحرير الوطني" (الحزب الحاكم) أن سبرا للآراء أجرته قيادة الحزب سرا، أشار إلى أن بوتفليقة سيفوز بنسبة 63 بالمائة من الأصوات، ما يعني أنه لن يكون هناك دور ثان، لكن سبرا للآراء آخر قامت به قناة "الشروق" أظهر أن غريمه علي بن فليس سيكون الفائز وبنسبة متقاربة، علما بأن قناة "النهار" المحسوبة على بوتفليقة، شرعت في عرض سبر للآراء، لكنها أوقفت عملية التصويت، بسبب انحياز غالبية المصوتين للمترشح بن فليس.

لكن هناك إجماعا بين السياسيين والخبراء الاجتماعيين، على أنه في غياب مؤسسة مستقلة ترصد توجهات الناخبين في الجزائر، لا يمكن تحديد هوية الفائز بالانتخابات قبل الأوان.
التعليقات (1)
بلنواري
الثلاثاء، 08-04-2014 05:30 م
فعلا هناك قطبية ثنائية، في هده الانتخابات/ بوتفليقة وبن فليس اما الباقون فهم مثل الارانب واذا لم تحسم الامور في الدور الاول فان الارانب يمنحون اصواتهم لبوتفليقة