حذرت صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية من مخاطر تقسيم
ليبيا بعد عزل رئيس الوزراء الليبي على
زيدان عقب "مهزلة" المواجهة بين حكومة طرابلس والجماعات المسلحة حول ناقلة النفط الكورية حيث كشفت المواجهة عن الدور الذي يلعبه النفط في تقسيم ليبيا.
وجاء في التقرير الذي أعده كريس ستيفنز التطورات التي رافقت عملية وصول وخروج ناقلة النفط الكورية "مورنينغ غلوري" التي يمكن أن تحمل بـ 21 ألف طن من النفط ومحاولة السيطرة عليها أدت لعزل رئيس الوزراء وتركت الحادثة أثارا على البلاد التي تقف على حافة حرب أهلية.
وتقول الصحيفة إن زيدان تعامل مع وصول
السفينة بنوع من القلق وأضافت إلى متاعبه الأخرى، فرغم أن ليبيا تحتوي على أكبر احتياط للنفط في افريقيا لكن حكما من أربعة عقود للعقيد القذافي خلف وراءه بلدا يحتاج لإعادة بناء شاملة ، فلا مدارس ولا مستشفيات أو محاكم ومؤسسات ولا طرق وبنى تحتية.
كما واجه زيدان نفسه مواجهة مع المؤتمر الوطني الذي يسيطر عليه الإسلاميون.
وعندما اختطف لفترة قصيرة في تشرين الأول/اكتوبر خرج زيدان ليتهم الإخوان المسلمين وحزبهم "العدالة والبناء". ومنذ تلك الفترة قاد الإسلاميون وحلفاء آخرون حملة لعزل زيدان عن الحكم وحملوه مسؤولية المشاكل في البلاد.
وأشار التقرير إلى الفصائل المسلحة التي تخوض معارك تتغير فيها الولاءات بشكل مستمر وتعمق الأزمة الإقتصادية وتمنع المستثمرين الأجانب من القدوم للبلاد.
وقال الكاتب إن وصول "موريننغ غلوري" جاء في وقت عطلت فيه الميليشيات موانيء تصدير النفط ويعاني قطاع النفط الليبي منذ الصيف حالة شلل بسبب مطالب الميليشيات المسلحة بتوزيع عائدات النفط على الأقاليم بطريقة عادلة.
وهنا يبرز دور إبراهيم الجتران الذي ذبح جملا لاستقبال السفينة الكورية، وهو أحد قادة الفصائل أثناء الثورة ويقود وحدة حراسة المنشآت النفطية، وفي العام الماضي أعلن عن المكتب السياسي للحكم الذاتي في إقليم لبرقة، وهي المنطقة التي تحتوي على ثلثي نفط ليبيا وقام بالسيطرة على موانيء تصدير النفط، ويتهم معارضو الجتران بمحاولته الإنفصال عن بقية ليبيا، وهو ما ينفيه المتحدث باسم الجتران الذي قال "كل هذا هو ضد الإخوان المسلمين وليس الطرابلسيين"، مضيفا "لا نريد الإستقلال، ولكن إن كان الإخوان المسلمون أقوياء وادى الأمر لحرب أهلية فسنجبر على إعلان الإستقلال".
وأضاف التقرير أن وصول الباخرة مورنينغ غلوري أثار قلق العواصم الغربية التي تنظر للوضع بنوع من الترقب بسبب تزايد قوة المتشددين الإسلاميين والمهاجرين غير الشرعيين القادمين من إفريقيا.
وتعتبر ليببا مهمة للغرب في ظل الأزمة الأوكرانية والتي وضعت مسألة الطاقة والغاز الروسي المصدر وباتت أنابيب الغاز الليبي الذي ينقل لإيطاليا مهمة بدرجة كبيرة.
ويسرد الكاتب تطورات الأوضاع حيث ملأت السفينة خزاناتها بنفط خام قيمته 33 مليون دولار أمريكي وبدأت بالتحرك من الميناء، وعندما أمر زيدان بملاحقة وضرب السفينة وجد أن ترسانته العسكرية فارغة، ورفضت القوات الجوية الإستجابة له بسبب تمردها ورفضها لتغيير القيادة ومن هنا طلب من قوات درع ليبيا ملاحقة السفينة، وقامت مجموعة في مصراتة وحاولت ملاحقة السفينة الكورية، وتظهر الصور والحوارات التي جرت بين طاقم السفينية والمسلحين الذين لاحقوها إن مقاتلي مصراتة فعلا حاصروها، لكن السفينة، كانت أسرع من زوارق المقاتلين وخرجت من المياه الإقليمية الليبية.
كان حادث السفينة القشة الأخيرة التي قصمت ظهر حكومة زيدان، حيث اجتمع المؤتمر الوطني وعزله، وعين بدلا عنه عبد الله الثني، وزير الدفاع السابق، وبعد ذلك بساعات أعلن النائب العام عن تهم لزيدان بالفساد ومنعه من السفر. وعليه قرر الهروب.
وفي مساء يوم عزله وصلت طائرة خاصة لمطار طرابلس الدولي، أخبر قائدها برج المراقبة أنه جاء لنقل دبلوماسيين أجانب. وعندما حاول مسؤول امني فحص الجوازات تم احتجازه فيما كان زيدان على متن الطائرة التي تحركت نحو ألمانيا.
وبعد وصوله إلى هناك أعلن أنه بريء من كل التهم وشجب قرار عزله، وزعم أن 113 من أعضاء المؤتمر الوطني صوتوا أي أقل من النسبة المطلوبة 120 صوتا.
وفي لقاء مطول مع قناة فرنسية قال إنه قرر الهرب بعد تحذيرات نقلها له صديق أخبره أن حياته في خطر، واتهم الإسلاميين بالوقوف وراء قرار عزله.
ويشير التقرير إلى أن المشاكل انتشرت في كل أنحاء البلاد من مصراتة إلى الحدود التونسية في الغرب وفزان في الجنوب. وفي الوقت الذي قوت عملية عزل زيدان يد الإسلاميين في المؤتمر الوطني إلا أن الكثيرين غير راضين عنه بسبب بقائه في السلطة بعد انتهاء مدته القانونية الشهر الماضي، وهناك الكثير من الليبيين يعتقد أن التقسيم في ليبيا بات ممكنا.
وينقل عن أوليفر كولمان من الشركة الإستشارية مابلكروفت قوله "تقف الظروف الحالية أمام الحل السياسي" وأضاف "هناك غياب واضح في الشخصية القادرة على جسر الخلافات بين الفصائل الليبية. وستكون هناك صعوبة بمؤتمر يتسيده الإسلاميون التحاور مع الجتران، هذا إذا أخذنا بعين الإعتبار عداءه للإسلاميين".
والسؤال الذي يظل بدون إجابة هو عن مصير "مورنينغ غلوري"، فآخر مرة شوهدت فيه متجهة شرقا قرابة السواحل المصرية، ولم يعد أمرها مهما لأن ناقلة أخرى اقتربت من مناطق الفصائل المسلحة مما يعني استمرار العنف.