سياسة عربية

كوكبيرن: السعودية تدفع المعارضة السورية لإنهاء القاعدة

السعودية ما زالت تعيش حلم إسقاط النظام في سوريا - (تعبيرية)
السعودية ما زالت تعيش حلم إسقاط النظام في سوريا - (تعبيرية)
كتب باتريك كوكبيرن في صحيفة "ذي إندبندنت أون صاندي"، أن نظام بشار الأسد قوي، ولكن ليست لديه القدرة على توجيه الضربة القاضية للمعارضة التي يقول إنها ليست في وارد الوحدة. وضمن هذا السيناريو فإن عناصر الحرب الطويلة في سوريا ستظل قائمة ومعها استمرار الدعم الروسي لنظام دمشق. 

وفي بداية التقرير يقول كوكبيرن، إن رياح السياسة في الشرق الأوسط، لكنها تحمل معها أزمات وحروب. مشيرا إلى تغيرين مهمين حدثا هذا العام، الأول فشل محادثات "جنيف-2"، والثاني سحب السعودية للملف السوري من الأمير بندر بن سلطان، مدير الاستخبارات وتسليمه لوزير الداخلية، أحد أعضاء العائلة المالكة ممن لهم علاقة وثيقة بالولايات المتحدة ومعاد لتنظيم القاعدة. 

ويرى كوكبيرن أن أسباب فشل "جنيف-2" واضحة، وكذا نتائج هذا الفشل. فهي متعلقة بأولويات كل من الطرفين الذين شاركوا في جنيف. فالولايات المتحدة كانت واضحة  حسب تصريحات وزير خارجيتها، جون كيري أنها تريد مفاوضات سلام تؤدي بشكل أساسي لحكومة انتقالية بدون الأسد.

ولأن هذا الأخير لا يزال يسيطر على المراكز السكانية ومعظم الطرق الرئيسية، فإنه لن يتحقق هذا التغير الجذري في ميزان القوة حتى تتوقف المعارضة عن خسارة مواقع وتبدأ بتحقيق انتصارات.
  
وبناء عليه، يرى الكاتب أن تغيير ميزان القوة في ظل خلافات المعارضة قد يحتاج من المعارضة إلى سنوات في ظل خلافاتها وتراجعها وخسارتها للدعم الشعبي، أي قبل أن تتمكن المعارضة والداعمين الغربيين من فرض شروط الاستسلام على النظام. وربما تحقق هذا السيناريو سريعا حالة توقف حزب الله، وروسيا وإيران عن تقديم الدعم  للنظام، وهو أمر لم يحدث حتى الآن.
 
وفي سياق الأزمة الحالية في أوكرانيا بين الغرب وروسيا، فإنه ليس من السهل أن تتخلى موسكو عن سوريا، بل وستصبح أكثر تصميما لا تخسر موقعها كقوة عظمى في سوريا. 

ويكتب كوكبيرن: "قضيت أسبوعين في دمشق وحمص في نهاية كانون الثاني/ يناير وبداية شباط/ فبراير الحالي، وتشكل انطباع لدي بأن الحكومة في وضع قوي، سياسيا وعسكريا، أكثر من أي وقت، ومنذ أن بدأ ميزان القوة ينحرف لصالحها في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر 2012". 

ويقول إن مناطق المقاومة حول دمشق وفي أرياف حمص تعرضت للضغط بسبب الحصار المستمر والحواجز والإغلاقات، لدرجة دفعت عددا من قيادات المعارضة المحلية إلى القبول باتفاقيات هدنة. 

أما فيما يتعلق بالمناطق الواسعة والواقعة تحت سيطرة المعارضة، مثل الغوطة الشرقية التي تقول الأمم المتحدة إن فيها حوالي 145 ألف مواطن، فلا تزال المعارضة قادرة على الدفاع عنها.
 
ورغم أن الجيش السوري يقاتل على الخطوط المتقدمة من الجبهات، إلا إنه يعمل فوق طاقته ولا يستخدم أحسن ما لديه من قوات إلا في المعارك المهمة استراتيجيا، ويذكر قائلا: "لقد رأيت معركتين من هذا النوع، واحدة عند حي القدم، جنوب دمشق، عندما هاجمت المعارضة وسيطرت لوقت  قصير على الشارع جنوب العاصمة الذي يبدأ من دمشق حتى الحدود مع الأردن، ولم تكن معركة كبيرة. وقام الجيش بفتح الطريق بعد تكبده عددا من الإصابات، حيث لقيت بعضهم في مستشفى المزة العسكري، فيما تكبدت المعارضة خسائر كبيرة في صفوفها. أما المعركة الثانية، التي تقدم فيها الجيش نحو بلدة الزارة قرب قلعة الحصن في محافظة حمص التي اندلعت بسبب استمرار قطع المقاتلين خطوط الطاقة الكهربائية وأنابيب الغاز والنفط التي تمر من البلدة".

ويضيف الكاتب أن الجيش بدأ يعتمد كثيرا على وحدات الدفاع الشعبي التي تتكون عادة من المسلحين العلويين والمسيحيين ومقاتلين من حزب الله، كل هذا بسبب قلة عدد القوات القتالية المتوفرة لديه.

 ومن ناحية أخرى، فقد اعتمدت استراتيجية النظام على عزل المناطق وقطع الماء والكهرباء ومنع وصول الطعام، ومن ثم ضربها بالقذائف المدفعية والبراميل المتفجرة التي تلقيها المروحيات حيث يتم إفراغها من سكانها، وحتى الآن أثبتت هذه السياسة نجاحها، على الرغم من الشجب الدولي. ويقول الكاتب إن ماهو واضح هو أن المقاتلين فشلوا  حتى الآن في هزيمة الحكومة التي لم تكن هي نفسها قادرة على هزيمتهم.

أما التغير الثاني، فهو ما يجري على الملف السعودي من تهميش لدور الأمير بندر الذي كان مسؤولا، بصفته مديرا للمخابرات السعودية، عن تنظيم عملية إمداد المعارضة بالسلاح وتمويلها. وما جرى اليوم هو سحب هذا الملف منه وتسليمه للأمير محمد بن نايف الذي يشرف على  المعركة ضد القاعدة  داخل المملكة، ويعتبر من أكثر المؤيدين للولايات المتحدة داخل العائلة المالكة. 

وبالإضافة لمحمد بن نايف، فإنه يلعب الأمير متعب بن عبدالله، النجل الثالث للملك عبدالله الذي يترأس الحرس الوطني السعودي، دورا مهما في تحديد السياسة السعودية تجاه سوريا. 

ويعتقد الكاتب أن هذه التغييرات لا تعبر عن تغير في وتيرة الدعم السعودي للمعارضة، بل وتشير إلى استراتيجية أكثر قربا من الولايات المتحدة، وتحولا عن سياسة المواجهة التي تميز بها الأمير بندر.
فقد شجب الأمير بندر صراحة  قرار الرئيس باراك أوباما بعدم ضرب النظام السوري في أيلول/ سبتمبر العام الماضي. 

ويعتقد الكاتب أن تعيين الأمير محمد الذي كان هدفا لهجوم من لقاعدة عام 2009 سيحرف اهتمام السعودية في سوريا، وسيجد المقاتلون السوريون أنفسهم يقاتلون على جبهتين: الحكومة وجماعات القاعدة. 

ويعتقد كوكبيرن أن التدخل السعودي في سوريا سيكون بحسب الأمريكيين أصعب مما يبدو في الظاهر، فسيجد السعوديون أنفسهم أمام تحدي حل انقسامات المعارضة التي تراجعت شعبية  فصائلها منذ عام 2011 و 2012. 

ويرى أن دعوة مسؤولي المخابرات لدعم "الفصائل المعتدلة" أثناء اجتماعهم الأسبوع الماضي في واشنطن، يعني وضع ضغوط عليها لهزيمة القاعدة ومواجهة الحكومة. ومنها، فإن فكرة اعتبار هذه الجماعات أو تلك معتدلة نابعة من كون الداعم لها هو الغرب والحلفاء العرب، وما جرى لا يعدو كونه علاقات عامة ولن تمر على السوريين بدون تعليق. وليست  سوى عملية علاقات عامة ولن تقنع السوريين. 

 ويتطرق الكاتب إلى فكرة أخرى وهي تقديم الأسلحة الثقيلة للمقاتلين، حيث يقول إنه من السذاجة الاعتقاد بأن إمداد المقاتلين في هذه الظروف بأسلحة مضادة للطائرات والدبابات سيكون عاملا في تغيير ميزان المعركة. 

ويقول: "عادة ما يرى الصحافيون وضباط الاستخبارات أسلحة من هذا النوع  كوسيلة لتغيير ميزان المعركة. وعلى ما يبدو فإن هذه الفكرة مرتبطة بحرب أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، وكيف غيرت صواريخ "ستينغر" التي أمدت الولايات المتحدة المجاهدين بها، ميزان المعركة وعجلت رحيل قوات السوفييت".  

ويضيف: "قبل عدة أعوام، سألت جنرالا سوفييتيا بارزا عن الدور الذي لعبته صواريخ (ستينغر)، وبدا عليه الاستغراب من طرح السؤال، وقال إنها لم تؤثر كثيرا، وكل ما حدث هو أن مروحياتنا كانت مضطرة للتحليق على علو منخفض وتطير بسرعة، وأصبحنا نعتمد أكثر على الدبابات". 

وينهي بالقول إن تعيين الأمير محمد بن نايف قد يعني تركيزا أقل على الهجمات العسكرية في سوريا وزيادة الضغوط الدبلوماسية على روسيا وإيران وحزب الله، كي تتخلى عن الأسد. 

وفي النهاية، يعتقد أن أحد أهم الأخطاء التي وقعت فيها المعارضة ومن يدعمونها، هو أنها سمحت بدخول السؤال حول من يحكم دمشق في الحرب الباردة والساخنة بين إيران وأعدائها وبين السنة والشيعة، وهي نزاعات قائمة منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. وقد تحاول السعودية تخفيف التصعيد في هذه النزاعات، ولكن حتى الآن لا توجد إشارة لحدوث هذا و"للأسف، فلا توجد أي إشارة عن اختفاء عناصر الحرب الطويلة في سوريا" كما يقول.
التعليقات (0)