مقالات مختارة

مسرحية «سلخانة الإخوان»

أحمد منصور
1300x600
1300x600
أصبحت القضايا المنظورة أمام القضاء المصري فيما يتعلق بمحاكمة معارضي الانقلاب أو ثوار25 يناير أشبه ما يكون بالمسرحيات، وأصبح لكل قضية اسم تتداول به إعلاميا والغريب أن القضاء المصري أصبح شبه متفرغ لمحاكمة معارضي الانقلاب وثوار 25 يناير بكل مستوياتهم وأعمارهم بدءا من أول رئيس منتخب بعد الثورة محمد مرسي ورئيس حكومته هشام قنديل، ومعظم أعضاء حكومته، وقادة الإخوان المسلمين وصحفيين وقضاة وإعلاميين ومحامين وأطباء وأساتذة جامعات وطلبة نساء ورجال وحتى أطفال.

وقد حاولت أن أقوم بإحصاء لعدد القضايا التي تنظر أمام القضاء فعجزت من كثرتها من ناحية ومن فبركة الكثير منها من ناحية أخرى وتحويل العشرات كل يوم إلى محاكم الجنايات والجنح حيث يتم تحويل الأشخاص للجنايات في يوم وليلة ثم تصدر الأحكام بعد جلسة أو جلستين كما أن بعض القيادات السياسية متهمة في عشرات القضايا.

مثلا الدكتور محمد البلتاجي يحاكم حتى الآن في تسع قضايا أمام دوائر جنايات مختلفة حيث إنه متهم في كل ما جرى في مصر منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، ويتم فبركة القضايا بطريقة عجيبة.

حيث إن هناك مجموعة من أزلام النظام الانقلابي يقومون بترتيب مع النائب العام بتقديم بلاغ في أي شخص أنه ارتكب جريمة ما وهذه الجريمة تكدر السلم والأمن وهذه الجريمة يمكن أن تكون مقالا أو تويتة أو برنامجا تليفزيونيا أو رأيا أدلى به في أي وسيلة إعلامية والنائب العام الذي لم يحرك أي بلاغ أو تحقيق في قتل الآلاف في رابعة وغيرها ولم يحرك أي بلاغات ضد رموز النظام الانقلابي أو رموز نظام مبارك أو غيرها سرعان ما يحرك البلاغ ويصنع منه قضية ويضع فيها ما يشاء من أسماء يتم توريطها في الموضوع دون أن يكون لها علاقة على سبيل تصفية الحسابات.

من ثم أصبح القضاء في مصر هو أقوى أذرع الظلم التي تستخدم في تصفية الحسابات السياسية والانتقام وأصبح كل شخص لا يأمن أن يوجه له اتهام بأي جريمة حتى لو كان في دولة أخرى والحكم عادة ما يكون جاهزا، ولأن النظام عانى من مشكلة تنحي القضاة عن نظر القضايا حتى إنه في الأسبوع الواحد كانت هناك أكثر من دائرة تعتذر وتتنحى لاستشعارها الحرج مما أوقع الانقلابيين في مأزق.

فقد قاموا بالإعلان داخل الدوائر القضائية عن القضاة المستعدين لنظر قضايا الإخوان ومعارضي الانقلاب دون أن يكون لديهم أي استعداد للتنحي، وتقدم عشرات القضاة الذين لهم خصومات مع الإخوان أو يطمعون في مناصب سياسية مقابل الخدمات التي سيقدمونها للنظام الانقلابي والأحكام الجاهزة التي سيصدرونها لتصدر المشهد، وتعهدوا بإصدار الأحكام القاسية بحق الإخوان ومعارضي الانقلاب ومنها الأحكام التي شهدناها سواء على فتيات 7 الصبح أو على طلاب الأزهر أو غيرها من الأحكام غير المعقولة لمجرد التظاهر أو حمل دبوس أو شعار ورأينا أطفالا في أفقاص الاتهام ينالون أحكاما مشددة ليكشف القضاء في مصر عن أقوى منظومة فساد وظلم وانتقام غير مسبوقة في تاريخ أنظمة القضاء.

وكان من أغرب هذه القضايا أني فوجئت ذات يوم بأني متهم في قضية تعذيب وهتك عرض لشخص لم أسمع به في حياتي ولم أسمع بالحادثة إلا من صفحات الصحف وعرفت هذه القضية إعلاميا بـ «سلخانة الإخوان» نكمل غدا.


(الوطن القطرية)
التعليقات (0)