وصل غينادي غاتيلوف مبكراً الى
جنيف لسببين، اولاً لإنتشال وفد النظام من التخبط والانكشاف بسبب ادائه الترهيبي وتلطيه وراء موضوع الارهاب لنسف المؤتمر وتحميل المعارضة المسؤولية، وثانياً لمحاولة تحسين الصورة
الروسية السيئة بسبب حماية النظام وتبرير مذابحه وحتى معارضة الممرات الانسانية، وهو ما دفع جون كيري الى "توجيه رسالة شديدة اللهجة الى سيرغي لافروف" على ما اعلن باراك اوباما.
فيصل
المقداد بدا محرجاً عندما وقف امام الصحافيين ليلحس بيانه الكاذب، الذي كان قد ادلى به قبل ساعات، عندما قال ان "وفد الائتلاف رفض البحث في موضوع الارهاب"، ثم اضطر الى ان يعلن موافقة النظام على اقتراح المعارضة الداعي الى طرد المقاتلين الاجانب من البلاد، بما يثبت ان الوثيقة التي قدمها وفد الائتلاف تدعو الى طرد الارهابيين الذين دخلوا الى القتال في سوريا!
غاتيلوف الذي التقى المعلم والابرهيمي واحمد الجربا، دعا صراحة الى تعويم اقتراح التوازي في بحث النقاط، بعدما أصر وفد النظام على البدء بموضوع "الارهاب" زاعماً ان المعارضة ترفض الامر لانها ارهابية، بينما تمسك وفد المعارضة ببحث موضوع "الانتقال السياسي" وفق ما تضمنته دعوة بان كي - مون الى المؤتمر.
مفاجأة غاتيلوف انه قال: "لا ضرورة للفصل بين البنود بل الخوض في اكثر من محور وبحث كل المسائل الملحّة، وهي محاربة الارهاب وإيصال المساعدات الانسانية والبحث في المستقبل السياسي لسوريا". هذا كلام روسي جديد، فقبل ساعات كنا نقرأ تصريح لافروف الذي وصف القرار المتعلق بالممرات الآمنة بأنه "معزول عن الواقع"، بينما كان اوباما يخاطب الروس بالقول "ان الاولوية هي لحماية ارواح السوريين ومن غير المقبول استمرار سياسة التجويع. ليس في وسعكم القول انكم تشعرون بقلق على سلامة الشعب السوري في الوقت الذي يموت جوعاً"!
هل تنطوي اشارة غاتيلوف الى مستقبل سوريا السياسي على تسليم ضمني بحتمية التغيير. فقبل ساعات كان لافروف يسعى لترسيخ بقاء بشار الاسد، مسقطاً موضوع "الانتقال السياسي" ومذكّراً بقمة الثمانية الكبار في دبلن، التي دعت الى شراكة بين النظام والمعارضة لمكافحة الارهاب، فهل هناك ما يشجع على الاعتقاد بوجود رغبة روسية مستجدة لمنع جنيف من الانهيار، انطلاقاً من التوافق على اقتراح المعارضة "طرد المقاتلين الاجانب من البلاد"؟
الامر ليس مشجعاً لأن المقاتلين الاجانب يقاتلون ضد النظام ومع النظام، وهذه عقدة كبيرة، لذا تبدو شهادة مدير الاستخبارات جيمس كلابر امام الكونغرس اكثر واقعية: "انها كارثة رهيبة، تسعة ملايين لاجئ واكثر من 134 الف قتيل، هذه كارثة تنذر بشر مستطير"!
لكن الروس والاميركيين شركاء مضاربين للنظام في صنعها ورعايتها!
(النهار اللبنانية)