لم يكد محبوه ومتابعوه يفيقون من صدمة وفاته في أحداث أول أفلامه "الميدان"، المرشح لجائزة الأوسكار، إلا وفوجئوا بتدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بعد منتصف ليل الأربعاء الماضي، يقول فيها: "أمن الدولة تحت بيتي الآن، هيكسروا الباب وسيتم القبض علي، أسألكم الدعاء".
ثم انقطعت أخبار الفنان
المصري الشاب
مجدي العطار تماما إلى أن ظهر نجله عاصم بتدوينة، مساء الجمعة، يشرح فيها تفاصيل ما حدث لوالده قائلاً: "في الثانية بعد منتصف الليل كنت مستيقظا مع والدي، فسمعت أصواتًا غريبة على الباب، نظرت سريعًا من شرفة المنزل، فرأيت 7 سيارات مصفحة وسيارة مدرعة يعتليها مدفع، فقلت لأبي حاول تهرب لأن أمن الدولة تحت البيت، والحمد لله نجح في أن يصعد لأعلى المنزل بسرعة، وقفز إلى البيت الآخر، ثم انقطع الاتصال".
واستدرك عاصم تفاصيل ما حدث: "كما عهدنا، أمن الدولة أخرجونا من المنزل، ولم يشفع بكاء إخوتي الصغار خوفًا من الضباط الذين يرتدون قناعًا لا يُظهر إلا أعينهم فقط، ودخلوا المنزل بعد تكسير الباب، ثم فتشوه ولم يتركوه إلا بعد أن جعلوه كأنه مدمر نتيجة حرب".
لكن العطار، الذي لعب أول بطولة له في "الميدان"، لم يغب كثيرًا عن محبيه، إذ خرج بتدوينة على "فيس بوك"، السبت، كتب فيها حوارًا جرى على لسانه مع "عايدة"، بطلة فيلم "الميدان" في إحدى مشاهده، وفيه يصور صعوبة إلقاء أمن الدولة القبض على أحد.
وبحسب مصادر مقربة من العطار، فقد تلقى، عبر حسابه على "فيس بوك"، تحذيرات من محبيه بأنه "سيكون مطلوبا أمنيا بعد منع عرض الفيلم في مصر، ومحاولات حذفه من على موقع يوتيوب"، إلا أنه لم يهتم بها ولم يكلف نفسه مشقة الرد عليها.
وأضافت المصادر أنه "بمرور الوقت يبدو أن العطار اكتشف واقعية تلك التحذيرات، فكتب في بطاقة تعريفه على فيس بوك: الحرية شجرة لا تروى إلا بالدماء".
وأرجع نشطاء سياسيون على مواقع التواصل الاجتماعي سبب مطاردة العطار تحديدًا إلى أنه جسد في الفيلم تجربته الشخصية التي تتضمن مشاركته في
ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 منذ اليوم الأول لاندلاعها، واختتم دوره في الفيلم بأنه نال "الشهادة" في سبيل انتصار الثورة، التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك.
في مقابل رواية العطار، نفى مصدر أمنى مسؤول ما تردد عن محاولة القبض على بطل "الميدان" أو مداهمة منزله وتحطيمه على خلفية الفيلم.
قبل أن يستدرك المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، قائلا: "من الجائز أن تكون قوة من الشرطة تحركت لإلقاء القبض عليه تنفيذا لقرار من النيابة، بضبطه وإحضاره فى قضية ما، ولم تعثر عليه وانتهى الأمر، دون أن يكون أفراد القوة على معرفة به كفنان".
وأضاف أن "الأجهزة الأمنية تنفذ قرارات بضبط وإحضار أعداد كبيرة من المنتمين إلى جماعة الإخوان من المتورطين فى قضايا العنف والتحريض عليه، وقد يكون العطار أحدهم؛ لأنه من نشطاء الإخوان، لكن دون أن يكون هناك أي علاقة لذلك بالفيلم".
ورشحت إدارة الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون فيلم "الميدان" للحصول على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي ضمن 147 فيلمًا وذلك في الدورة السادسة والثلاثين من عمر المهرجان، ليصبح بذلك أول فيلم مصري يرشح لهذه الجائزة ويصل للمرحلة النهائية، والتي من المقرر أن تعلن الجوائز عنها في الثاني من شهر مارس/ آذار المقبل.
وفيلم "الميدان"من إخراج جيهان نجيم، وهي مصرية الأصل وأمريكية الجنسية، تخرجت في جامعة هارفارد الأمريكية عام 1996 وأخرجت العديد من الأفلام التسجيلية.
ونجح فيلمها الأخير، "الميدان"، في حصد جوائز مهمة من مهرجانات عدة، أبرزها مهرجان "تورنتو" الإيطالي، وجائزة "المهر العربي" من مهرجان دبي بالإمارات، وجائزة "الرابطة الدولية للفيلم الوثائقي" في لوس أنجلوس، وجائزة "الجمهور" في مهرجان صنداس بولاية أوتاه الأمريكية، إضافة إلي عرضه في الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا رغم منعه من العرض في مصر.
ويقدم الفيلم موضوعه من خلال ثلاث شخصيات رئيسية لشباب شاركوا في ثورة يناير/ كانون الثاني، وأصبحوا الآن يتساءلون بحيرة عن مصيرها ومسارها، وهم: مجدي الإخواني، وخالد المنتمي إلى أسرة يسارية تاريخيا وينتمي إلى مجتمع منفتح ديمقراطي هو المجتمع البريطاني، وأحمد الذي لا يمتلك منطلقات أيديولوجية معينة بل تشغله فقط فكرة التغيير إلى الأفضل.