ملفات وتقارير

محادثات السلام السورية تعاني من "فوضى" قبل أن تبدأ

الجماعات المسلحة وصفت المعارضة بـ"الخائنة" - أ ف ب
الجماعات المسلحة وصفت المعارضة بـ"الخائنة" - أ ف ب
بدأت الوفود الدولية والسورية بالوصول إلى سويسرا الثلاثاء، عشية محادثات السلام التي لا يؤمن الكثيرون بإمكانية نجاحها، في حين لا تظهر مؤشرات على انحسار "الحرب الأهلية والعداوات السياسية الناجمة عنها".

واستشهد معارضو الرئيس السوري بشار الأسد، الذين تعرضوا لضغوط من داعميهم الغربيين؛ لحضور أول مفاوضات مباشرة مقررة الأربعاء، بأدلة "فوتوغرافية" جديدة على عمليات تعذيب وقتل واسعة النطاق من جانب حكومة سوريا، مجددين مطلبهم بضرورة أن يتنحى الأسد، ويواجه محاكمة دولية على ارتكاب جرائم حرب.

وقال محامون معنيون بجرائم الحرب إن مجموعة كبيرة من الصور هربها مصور بالشرطة العسكرية السورية، تقدم دليلا واضحا على أن حكومة الأسد ارتكبت عمليات قتل وانتهاكات تعذيب ممنهجة بحق 11 ألف معتقل.

وشبه واحد من بين ثلاثة مدعين دوليين سابقين لجرائم الحرب وقعوا التقرير، الصور "بالقتل الواسع النطاق" في معسكرات الموت النازية.

وتعطل وفد دمشق برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم لفترة وجيزة في أثينا؛ بسبب خلاف بخصوص ما إذا كانت عقوبات الاتحاد الأوروبي التجارية تسمح بتزويد طائرة الوفد بالوقود. 

وأكد الأسد أنه قد يخوض الانتخابات مجددا، وقال إن المحادثات ينبغي أن تركز على "محاربة الإرهاب"؛ في إشارة إلى خصومه.

وربما تشعر الأمم المتحدة وكل من روسيا والولايات المتحدة -اللتين تشاركان في رعاية المحادثات- بالارتياح على الأقل عندما يجلس الجانبان معا في فندق مونترو بالاس المطل على بحيرة جنيف.

وهددت الفوضى الدبلوماسية أمس الاثنين بإحباط المحادثات كلية، بعدما وجه الأمين العام للامم المتحدة بان جي مون دعوة لايران الداعم الرئيسي للأسد.

وسُحبت الدعوة بعدما هددت المعارضة بالانسحاب من المحادثات، وبعد ضغوط غربية، في حين أصرت إيران على أنها لم توافق على الشرط الذي وضعه بان للحضور؛ وهو تأييد مؤتمر السلام السابق في جنيف عام 2012 الذي دعا إلى تشكيل حكومة انتقالية.

ويبدو تضييق الخلافات بين الطرفين المتحاربين مهمة شاقة، ويؤكد دبلوماسيون في الأمم المتحدة أن اجتماع مونترو ما هو إلا بداية، ويحتمل أن تعقبه محادثات أخرى في جنيف بدءا من الجمعة. 

وربما تنتج عن الاجتماع بعض الاتفاقات لتخفيف معاناة المدنيين وتبادل السجناء.

وما يزال الطرفان ملتزمين بالقتال على الجبهات، وتبرأت أغلب جماعات المعارضة المسلحة من الائتلاف الوطني السوري؛ لموافقته على المحادثات.

وفي حين يملك وسيط الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي دعم القوى العالمية نظريا، فقد أظهرت الضجة بخصوص دعوة طهران كيف احدثت الحرب انقساما بين القوى الغربية وروسيا، ووضعت الدول العربية السنية التي تدعم المعارضة السورية في مواجهة إيران الشيعية.

لكن انتشار العنف الذي قتل بالفعل أكثر من 130 ألف شخص، وشرد ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 22 مليون نسمة، أعطى الجهود الدولية لإنهاء الصراع قوة دافعة مشتركة جديدة.

وقُتل أربعة أشخاص في تفجير بالضاحية الجنوبية معقل جماعة حزب الله في العاصمة اللبنانية بيروت الثلاثاء. 

وأرسلت الجماعة مقاتلين لدعم الأسد الذي ينتمي للأقلية العلوية الشيعية.

ومضى 18 شهرا على فشل مؤتمر السلام السابق جنيف1، كما لم تثمر كل المبادرات الدبلوماسية الأخرى.

 المحادثات تضفي شرعية للأسد

وقال دبلوماسي غربي: "في أفضل الأحوال سيعيد مؤتمر جنيف2 تأكيد الاتفاقات التي تم التوصل إليها في مؤتمر جنيف الاول، ويدعو إلى وقف لإطلاق النار وربما مبادلة السجناء وما إلى ذلك."
وأضاف: "في الوقت نفسه، فإن المشاركين في المحادثات يضفون بحكم الأمر الواقع شرعية على دمشق. إنهم يتحدثون مع حكومة الأسد على الطرف الآخر من الطاولة، وبذلك يستمر العرض بينما يبقى الأسد في السلطة."

جاموس: لن تقبل إلا برحيل الأسد ونظامه

عضو وفد المعارضة بدر جاموس الأمين العام للائتلاف الوطني السوري، شدد -لدى وصوله إلى سويسرا الثلاثاء- على أن الائتلاف لن يقبل بأقل من رحيل الأسد وتغيير النظام و"محاسبة القتلة".

فصائل تصف المعارضة بالخائنة

وفي مقابل ذلك، تزيد المحادثات من حدة الصراع الداخلي بين فصائل المعارضة المتنافسة، وتقاطع الفصائل الإسلامية السنية القوية التي تسيطر على أراض واسعة في سوريا المؤتمر، ونددت بالمعارضة في المنفى، ووصفتها بالخائنة لمشاركتها.

ولم توجه الدعوة الى الفصيل الكردي الرئيسي الذي يسيطر على جزء كبير من شمال غرب سوريا.

وطالما أصرت الدول الغربية على أن تؤيد طهران البيان الختامي لمؤتمر جنيف 2012 قبل أن تتمكن من حضور محادثات الغد.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن وزير الخارجية الإيراني أبلغه أن طهران قبلت بيان 2012 الذي يشمل مطلبا بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا، لكن ايران قالت إنها لم تقبل بهذا.

ووصف دبلوماسي غربي ما حدث أمس الاثنين بأنه "فوضى حقيقية"، وقال إن بان ارتكب خطأ كاد يلغي المؤتمر برمته، واستبدال اجتماع ثنائي بين الولايات المتحدة وروسيا به.

وحمل عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني واشنطن المسؤولية عن الارتباك، وقال للتلفزيون الرسمي: "قلنا مرارا إن إيران لن تقبل بأي شروط مسبقة."

وأضاف: "كنا مستعدين للمشاركة في مؤتمر جنيف2، لكننا لن نشارك؛ بسبب إصرار أمريكا غير المنطقي على فرض شروط مسبقة على إيران."

محامون: رواية المصور دليل جدير بالتصديق

وبدت العواقب القاتمة للحرب السورية جلية في صور أجساد المعتقلين التي ظهر عليها الوهن والانتهاكات، وتضمنها تقرير طلبت إعداده مؤسسة كارتر راك للمحاماة التي استعانت بها قطر الداعمة للمعارضة.

وقال التقرير الذي أعده ثلاثة من كبار المحامين عملوا في السابق في محاكم دولية لجرائم الحرب، وثلاثة خبراء في الطب الشرعي، إنهم يعتقدون أن الصور ورواية المصور دليل جدير بالتصديق على أن حكومة الأسد عذبت وقتلت ما يصل إلى 11 ألف شخص بصورة ممنهجة.

وأضافوا أنهم فحصوا 55 ألف صورة حصلوا على معظمها من مصدر قال إنه مصور في الشرطة السورية، شملت مهام عمله توثيق الوفيات في سجون الأسد نيابة عن السلطات.

وانشق المصور الذي كان يلتقط في بعض الاحيان 50 صورة يوميا، وبحوزته نسخ رقمية من الصور. ويعتقد المحامون أنه مصدر جدير بالثقة.

سيلفا: الصور تذكر بمعسكرات الموت النازية

وكتب المحامون: "ظهرت على جثث صورها منذ بدء الحرب الاهلية علامات على التجويع والضرب الوحشي والخنق وأشكال أخرى للتعذيب والقتل، وفي بعض الحالات كانت الجثث بلا أعين".

وقال أحد المشاركين في إعداد التقرير، وهو ديزموند دي سيلفا كبير المدعين السابق بمحكمة جرائم الحرب الخاصة بسيراليون، وأحد أكبر المحامين في بريطانيا، إنة. الأدلة وثقت "أعمال قتل واسعة النطاق" تذكر بمعسكرات الموت النازية.

واستدرك بأن هذا لا يعني أن معارضي الأسد لم يرتكبوا جرائم خطيرة، ذاهباً إلى أن كلا الطرفين (النظام والمعارضة) ارتكبا الجرائم.
التعليقات (0)