تكاد دموع اولئك التماسيح "اصدقاء سوريا" تفيض على انهر الدم في سوريا وآخرها تلك التي فاضت في حلب امس، في حين يتوقف عدّاد الموت مع توقف الحد الادنى من الاخلاق في عواصم كثيرة استسلمت لمقاولي الموت في موسكو وواشنطن على السواء!
هكذا وبعدما قرأ العالم تحذير الامم المتحدة من ان عدد اللاجئين السوريين سيرتفع في الاشهر المقبلة الى اكثر من سبعة ملايين، وهو ما سيؤدي الى نسف التوازنات الديموغرافية في بلدان الجوار وخصوصاً لبنان، وبعدما جلس العالم متفرجاً على الكارثة ثلاثة اعوام، لم يتردد "اصدقاء سوريا" الذين اجتمعوا في لندن في ابلاغ ممثلي الائتلاف قراراً صريحاً باعدام المعارضة:
"لا يمكن السماح برحيل الاسد الآن، فنحن نعتقد ان المسلحين الاسلاميين والفوضى سيسيطرون على سوريا". اكثر من هذا بدا في الكواليس ان "لوثة" سيرغي لافروف بدأت تصيب حتى الاميركيين، حيث اعلن البعض انه لا يمانع في ان يترشح الاسد مجدداً في السنة المقبلة، ربما مكافأة له على استخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه وعلى قتله اكثر من 150 الفاً وتشريده الملايين، ولان كل هؤلاء من "الارهابيين" الذين يجب القضاء عليهم في نظر الرفيق لافروف والمستر كيري!
في لندن قيل للوفد المعارض كونوا خلاّقين اكثر واقبلوا بترتيبات انتقالية تسمح باستمرار الامساك بالحكم، فلكي يتم التوصل الى اتفاق تقبله واشنطن وموسكو في جنيف من الضروري ان تشاركوا في ادارة مرحلية يديرها علوي قوي.
من هو العلوي القوي غير بشار الاسد ؟
لا احد، اذاً يضغط الروس والاميركيون و"اصدقاء سوريا" على المعارضة لكي تختار واحداً من ثلاثة امور : إما ان تشرب كأس السم وإما ان تعلّق على مشنقة الاسد وإما ان تتشرد في العالم المليء بالمآسي والتوحش!
قمة المساخر ان يصنع الاسد ترسانته الكيميائية ويستخدمها فيحصل على مكافأة لأنه وافق على تسليمها بما يسرّ قلب اسرائيل، وان يخلق "وحش الارهاب" كما قال كيري، فيحصل على مباركة اميركا وروسيا لبقائه في السلطة، كي يحارب الوحش الذي صنعه او يعيده الى القفص كما كان يوم استخدمه ضد الاميركيين في العراق!
لكنها تكراراً مسخرة مؤتمر "جنيف - 2" وقد بات مناسبة فاشلة لتسويق العار الذي صنعه الروس والاميركيون بالتكافل والتضامن، بمعنى ان المراهنة على بقاء النظام لمحاربة الارهاب، الذي ولد من رحم النظام، هي تفاهة وصفاقة لن توقف الحرب، فموسكو وواشنطن لا ترغبان في اقفال "المسلخ السوري" الذي يستجلب الارهابيين من العالم ويقتلهم، وما الهم أن دمّرت سوريا على يد ارهابيي نظام الارهاب ومنظمات الارهابيين ليسر قلب موسكو وواشنطن... وتل ابيب!