وصف المعلق الأمريكي المعروف
ديفيد إغناتيوس العاصمة
الإيرانية طهران بالمدينة العالقة بين بيونيانغ (كوريا الشمالية) ولوس أنجلوس (أمريكا)، فمن جهة تبدو مدينة مترامية الأطراف؛ سكانها متعلمون وحداثيون، وبدأت فيها شعارات الثورة الإسلامية تختفي بشكل واضح، لكنها لم تخف من جهة أخرى جذورها المتشددة التي لا تزال قوية.
هذا ما يبدو من مكتب رئيس تحرير صحيفة "كيهان" المحافظة، كم لاحظ إغناتيوس، حيث يبرز شعار مؤسس الجمهورية آية الله الخميني "لن ننكس الراية التي رفعتها".
وقال إغناتيوس في "واشنطن بوست" إن إيران تعيش معركة داخلية، حول اتفاق النووي الذي وقعه وزير الخارجية محمد جواد ظريف مع مجموعة (5+1) الشهر الماضي.
ولاحظ الكاتب وجود رغبة شعبية بالخروج من قيود الثورة الإسلامية، وتعب سنوات الحصار. فقد التقى في طهران شخصا ذهب للسليمانية حيث استمتع هناك بموسيقى "البوب" بحرية. ويبحث الإيرانيون الآن عن الرحلات السياحية الرخيصة، ففي الماضي كانوا يسافرون لدبي واسطنبول، لكن غلاء تذاكر السفر جعلهم يبحثون عن مناطق أخرى ذات كلفة منخفضة مثل يريفان، عاصمة أرمينيا، وتبليسي عاصمة جورجيا.
لكن هذا الحال لا يعجب حسين شريعتمداري، محرر صحيفة "كيهان؛ الصحيفة الرئيسية والمحافظة في إيران، مع أنه يعرّف نفسه في بطاقته بأنه "ممثل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية".
ويقول إغناتيوس "عندما تستمع إليه وهو يدافع عن سياسات إيران الثورية، تستنتج صعوبة التوصل لاتفاق حول المشروع الإيراني الذي يرغب الكثير من الإيرانيين الذين تحدثت معهم هنا بتوقيعه".
ويرفض ممثل المرشد الأعلى شريعتمداري بصراحة وبلغة واضحة تقديم تنازلات للغرب، مشيرا إلى أن النزاع هو بالضرورة حول الهوية؛ "هوية الطرفين هي جزء من النزاع" كما يقول. ويضيف أن هذا "لن يحدث، لان المسألة بنيوية، ولن يتم حل المشكلة إلا بتخلي طرف عن هويته".
ويقول إغناتيوس إن محرر "كيهان" يحاول استخدام صوته المؤثر لمعارضة اتفاق النووي، فهو "يقول بشكل صريح إنه كان على إيران ألا توقع الاتفاق الذي جمّد نشاطاتها النووية مدة ستة أشهر، ويناقش أن ظريف ضلّل كلا من
روحاني والمرشد الأعلى علي
خامنئي عندما قال إن الاتفاق يضمن لإيران حق تخصيب اليورانيوم"، مضيفا هذا "السيد لم يقل الحقيقة".
ويتساءل الكاتب الأمريكي هنا "هل بإمكان المتشددين مثل شريعتمداري والحرس الثوري منع الاتفاق؟".
يجد الكاتب في كلام مصرفي إيراني تعبيرا حقيقيا عن داخل إيران: "ربما كان المصرفي الإيراني محقا عندما أخبرني أن ظريف حصل على دعم 90% من الشعب الإيراني كي يفاوض لتحقيق الاتفاق الذي ينهي العقوبات ويخفف من عزلة إيران، لكن الطليعة الممثلة بشريعتمداري والحرس الثوري قد تمتلك القيادة العليا".
ويشير الكاتب إلى وعي الرئيس روحاني بهذا الوضع، عندما أخبر كاتب المقالة في لقاء معه في نيويورك قبل شهرين عن اعتقاده بضرورة تقليل تأثير الحرس الثوري، وهو نفس ما قاله أثناء الحملة الانتخابية الصيف الماضي، ولكن شريعتمداري يرى في هذا الكلام "مجرد دعاية انتخابية".
ويقول إغناتيوس إن "زيارة لطهران تظهر الصراع الداخلي الذي يواجه الاتفاق النووي، ويدور بالضرورة حول الهوية كما تحدث محرر صحيفة كيهان. ويبدو هذا واضحا من التلميحات المتبادلة بين ظريف وناقديه، بمن فيهم قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري. ويعتقد الكاتب أن القيادة الإيرانية تسمح بهذا النقاش لتعزيز نفوذها في المفاوضات ولتشجيع التنازلات للمعتدلين الذين يواجهون المتشددين.
ولكن التوتر الداخلي لا يمكن رصده داخل المؤسسة الحاكمة، بل وبين الناس العاديين. فالدعم الشعبي لروحاني نابع من الإجهاد الذي أصاب الإيرانيين بعد سنوات محمود أحمدي نجاد التي يربطها الإيرانيون بالسياسات الاقتصادية السيئة؛ الفساد والمحسوبية.
وكان الإيرانيون قد صوتوا ا لصالح روحاني بنسبة 51 في المئة، لكنه لو ترشح مرة أخرى فقد يحصل على نسبة أعلى، كما يُنقل عن الصحافي سعيد ليلاز الذي قال "ندعمه بدون شروط". ويعتقد ليلاز أن روحاني حصل على دعم خامنئي وإلا لانهار النظام، وهو رأي متداول بين الإيرانيين.