فنون منوعة

ساحة جامع الفنا بمراكش تستقبل نجوم السينما

جامع الفنا- مراكش
جامع الفنا- مراكش
تنبسط ساحة "جامع الفنا" فسيحة وسط مدينة مراكش، أحد أهم المدن التاريخية في المغرب، والتي من المرتقب أن تصبح المدينة، خلال الأيام القادمة، محط أنظار العالم، لاستقبالها فعاليات تظاهرتين عالميتين، "المهرجان الدولي للفيلم"، و"مسابقة كأس العالم للأندية".

وكدأبها لمئات السنين تعيش ساحة "جامع الفنا" على وقع زمنها الخاص، صاخبة بأهازيج روادها من الفنانين الفلكلوريين، وغاصة بزوارها المتحلقين حول رواة الأحاجي ومروضي الأفاعي وأصحاب ألعاب الخفة الذين صنعوا منها ساحة فرجة ورواية للتاريخ، إلا أن تلك العادات ستكسر مساء اليوم باختضانها فعاليات "المهرجان الدولي للفيلم".

وساحة جامع الفنا هي ساحة أثرية، وسط مدينة مراكش وتشير الروايات التاريخية إلى أن بجوارها كان يوجد جامع، وتم تحويل ساحته إلى مركز للتسوق يأتي الفنانون لتقديم عروضهم وجني بعض المال. 

ففي ساحة "جامع الفنا" لا تهدأ الأنغام الشعبية والحوارات الافتراضية بين شخوص المسرحيات الهزلية، التي تؤدي أدوارها في حلقة دائرية أو كما تسمى باللهجة المحلية "لْحَلْقَة"، حيث يتجمع الناس حول الممثلين في دوائر تتوزع على مختلف أرجاء الساحة، التي يقول عنها أهل المغرب أنها أكبر خشبة مسرح عفوية ببلادهم.
فـالـ"لْحَلْقَة" الشعبية تقدم أحد أقدم الاستعراضات الفلكلورية التي يمتزج فيها العزف بالتمثيل وسرد العبر والحكم ونظم الأشعار، ويبدعها فنانون مايزالون يحافظون على هذا الموروث وإن كانوا قد أصبحوا قلّة.

 إلا أن فناني ورواد ساحة "جامع الفنا" ومع انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمدينتهم مراكش مساء اليوم، سيتمكنون وعلى مدى تسعة أيام من متابعة أهم نجوم السينما العالمية الذين قدموا إلى مراكش لحضور الهرجان، كالممثلة الأمريكية شارون ستون والمخرج العالمي مارتن سكورسيس والمخرج التركي فاتح أكين، وعدد آخر من نجوم الفن السابع الذين ينتمون لـحوالي 23 دولة.

وتم نصب شاشة عملاقة وسط الساحة الأثرية لعرض بعض أفلام المهرجان، حيث سيتابعها زوارها تلك الأفلام وهم يرتشفون الشاي بالنعناع بالمقاهي القديمة بالساحة أو يتناولون وجبة مغربية تقليدية.

فساحة جامع الفنا التي يعود تاريخ وجودها لعهد الدولة المرابطية (1056-1147 م)، وصنفتها منظمة "اليونيسكو" إرثاً عالمياً مشتركاً، اشتهرت بالطابع المسرحي العفوي الذي يميز عروض روادها، والتي جعلتها أحد أشكال الفرجة التقليدية التي كان يقبل عليها أهل المدينة طلبا للمتعة، وهو ما دفع القائمين على "المهرجان الدولي للفيلم" بمراكش إلى عرض أفلام خاصة ليتابعها عموم الناس في الهواء الطلق برحاب ساحة جامع الفنا، في توليفة تجمع الإرث المسرحي القديمة ممثلا في الـ "لْحَلْقَة" وإبداعات السينما العالمية المعاصرة.

فبعد أن يفرغ رواد وفنانو الـ"لْحَلْقَة" من استعراضاتهم اليوم، سيتحلّقون مساءا، وطوال أيام المهرجان الذي تنطلق فعاليات دورته 13 مساء اليوم وحتى 7  كانون الأول/ ديسمبر القادم حول شاشة عرض ضخمة لمتابعة الأفلام العالمية، لتشكل الساحة ميدان التقاء بين فن المسرح الشعبي كما خبرته قبائل المغرب القديمة، والسينما العالمية التي أضحت مدينة مراكش ملتقى سنوي يعرض أهم انتاجاتها ويجمع أبرز روادها.

ومن المرتقب أن تعرض في هذه الساحة التاريخية عدد من الأفلام العالمية، كالفيلم الأمريكي "أعداء الشعب" للمخرج مايكل مان، والفيلم الهندي "رام - ليلا" لمخرجه سينجاي ليلا بهنسالي، والذي وقع عليه اختيار إدارة المهرجان ليمثل فيلم افتتاح الدورة الحالية من هذا الحدث الفني الدولي، كما سيتابع جمهور ساحة جامع الفنا في فضائها الرحب أعمال أخرى كالفيلم المغربي "كان يامكان " للمخرج المغربي سعيد الناصري.

وإن تزينت مدينة مراكش استعدادا لهذا الاحتفال الفني، وترقبا لآخر كروي حيث تجري بعض مباريات تصفيات كأس العالم للأندية (من 11 إلى 21  كانون الأول/ ديسمبر) بالمدينة، إلا أن ساحتها التاريخية "جامع الفنا" تواصل ضبط توقيتها لاستقبال حدثها الخاص، فيتابع روادها وفنانوها باهتمام صخب التحضيرات التي ترافق هذه المناسبات العالمية، ويأملون أن تنعكس إيجابا على مدخولهم مما يجنونه من عائدات السياحة بهذا الموقع التاريخي.

غير أنهم يؤكدون أنهم سيواصلون ما اعتادوا عليه على مدار سنين طوال باستقبال نهارهم بالعزف على الأوتار ونظم الأشعار الزجلية المرتجلة، فيما يمسون ليلا على ضوء فوانيس تقليدية ينيرون بها ظلمة ساحتهم، ويسردون أحاجي يزينون بها الأمسيات حتى ساعات الصباح الأولى.

 
التعليقات (0)