في ذروة الحرب التي اندلعت في
حلب العام الماضي افتقد السوريون مكوناً من أهم مكونات المائدة اليومية وهو الخبز، ذلك أن النظام استهدف المخابز والطوابير الممتدة أمامها، وفي حينه وضع بعض السوريين أغان على "اليوتيوب" تتغزل برغيف الخبز المحبوب الذي كان على السكان الإنتظار لساعات طويلة كي يحصلوا عليه.
ومع تزايد القتل أمام المخابز التي استهدفتها طائرات النظام اضطر السكان في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة البحث عن وسيلة أخرى لتجنب الضحايا المدنيين، وللتأكد من حصول من تبقوا أحياء على خبزهم اليومي. فلم يعد السكان مضطرون للوقوف في الطوابير، بل أوكلت المهمة لمراكز توزيع صغيرة غير واضحة مثل المخابز. وأصبح محل تصليح الدراجات مركزا للتوزيع، كذلك البقالة أو محل بيع الأدوات الكهربائية كونها لا تجلب النظر، ولم يعد الناس يقفون أمام المخابز ومعها اختفت الغارات التي كان يقوم بها طيران النظام.
ونقل تقرير في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عن أبو محمد عضو "لجنة المخابز في حي البستان والكلاسة" في حلب، قوله "لقد انشأنا هذه المراكز لحماية المواطنين". ويقول صاحب مخبز في الكلاسة "الفكرة هي تجنب الازدحام، وعندما يأتي الناس لشراء الخبز نوجههم لمراكز التوزيع لأننا لو بعنا واحداً فيجب أن نبيع الآخرين". ويقول التقرير إن مقاتلاً تابعاً لجبهة النصرة يقف أمام المخبز كي يحرسه ويتأكد من تطبيق القانون، ذلك أن فكرة توزيع الخبز على مراكز متعددة في المدينة اقترحها أحد مسؤولي الجبهة ومن ثم انتشرت في كل المناطق التي تقع تحت سيطرة المقاتلين. ويتم ضمن هذا النظام إعداد الخبز ومن ثم تنقله شاحنات لـ 15 مركزاً.
وعانى سكان حلب عام 2012 من نقص حاد في الطحين والمواد الغذائية إضافة لتوقف العديد من المخابز عن العمل، والقليل الذي ظل يعمل تعرض لقصف مستمر من القوات
السورية. وبحسب تقارير أعدتها منظمات حقوقية فقد تم قصف أكثر من 34 مخبزاً منذ بداية الإنتفاضة عام .2011 وخلفت وراءها 300 قتيلاً. ففي كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي قتل 90 شخصا بعد استهداف مخبز في ريف حماة بعد سيطرة المقاتلين عليها بأيام. ويتهم ناشطون وعاملون في مجال حقوق الإنسان الحكومة باستهداف المدنيين ومحاولة إعاقة الحياة اليومية.
ويقول التقرير إن محلا لإصلاح الدراجات يتحول كل صباح الى "سمّان". وضمن النظام الجديد لتوزيع الخبز، تحصل كل عائلة على بطاقة تحصل عليها من لجان الإغاثة ويتم فحصها في كل عملية شراء للخبز، ففي مدينة تسودها الفوضى أصبح توزيع الخبز موضوعاً للمراقبة الشديدة. وعلى الرغم من تراجع الخطر أمام المخابز في حي البستان والكلاسة إلا أنه مستمر في أحياء أخرى. ففي تشرين الأول/ اكتوبر الماضي سقط 25 وجرح 50 بعد سقوط قذيفة على مركز بلدة السفيرة التي يقع فيها المخبز الوحيد العامل فيها.
ونقل عن ناشط قوله أن 150 شخصا كانوا أمام المخبز بعد إغلاق المخابز الأخرى في البلدة أبوابها نظرا لنقص الطحين. ويشير التقرير إلى أن شراء الخبز من مراكز التوزيع يعني عدم تناوله طازحاً من الفرن كما تعود السوريون. ويذكر بمثل سوري معروف "ما بيضحك للرغيف السخن".