سياسة عربية

كيف أنقذ "المجلس السني" من التفكك قبل انتخاب رئيس برلمان العراق؟

دعا الرئيس مسعود البارزاني إلى تغيير آلية انتخاب رئيس جمهورية العراق- صفحة مجلس النواب
دعا الرئيس مسعود البارزاني إلى تغيير آلية انتخاب رئيس جمهورية العراق- صفحة مجلس النواب
شارك الخبر
تدارك المجلس السياسي الوطني (السني) خلافاته في الدقائق الأخيرة التي سبقت انتخاب رئيس للبرلمان العراقي، وذلك بعدما أوشك على الانهيار في أول اختبار له بعد أقل من شهر على تشكيله باعتباره "خيمة جامعة" للقوى السنية الفائزة في الانتخابات البرلمانية.

وأثار إعلان ترشيح هيبت الحلبوسي لمنصب رئيس البرلمان، مساء الأحد، جدلا واسعا عن مصير "المجلس السني"، خصوصا بعدما رفضه زعيم تحالف "العزم" مثنى السامرائي، وأكد ترشيح نفسه للمنصب ذاته، قبل أن يتراجع عن قراره أثناء انعقاد جلسة البرلمان في اليوم التالي.

وحصل الحلبوسي على 208 أصوات بعد جولة تصويت شهدت تفوقا واضحا لمرشح "المجلس السياسي الوطني"، متقدما بفارق كبير على منافسيه النائبين عامر عبد الجبار (9 أصوات)، وسالم العيساوي (66).

"تدخل المايسترو"
وبخصوص مدى نجاح المجلس السياسي السني في اجتياز الاختبار الأكبر وانتخاب رئيس للبرلمان، كشفت مصادر سياسية خاصة أن "المجلس كان على وشك الانهيار بعد إصرار مثنى السامرائي على الترشح، لكن تدخل رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان وضغطه على الأخير حسم الموضوع".

وقال المصدر لـ"عربي21"، طالبا عدم الكشف عن هويته إن "زيدان لم يضغط على السامرائي فحسب، وإنما ضغط قبل ذلك على زعيم تحالف الحسم ثابت العباسي، ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري (أبو مازن)، المنضويان ضمن المجلس، لإنهاء اختيار رئيس البرلمان والقبول بترشيح هيبت الحلبوسي".

ولفت إلى أن "قادة المجلس تعهدوا للسامرائي بإعطائه وزارتين في الحكومة الجديدة واحدة منها سيادية، وأنه على الأغلب سيكون لتحالفه (العزم) وزارتي التخطيط والتعليم العالي بدلا من وزارة التربية التي أسندت إليه في حكومة محمد شياع السوداني".

من جهته، قال الإعلامي العراقي، هشام علي في تدوينة على "أكس" اليوم الاثنين، إن "المايسترو لا يحتاج إلى الكلام ليقود الفرقة، إشارة واحدة كافية حين يكون الجميع قد فهم دوره مسبقا".

وفي إشارة إلى القاضي فائق زيدان، أوضح علي أن "إدارة الإيقاع تتطلب رجلا فائق الذكاء، يمتلك معرفة دقيقة بمواضع الصمت قبل الصوت، وباللحظة التي ينبغي فيها كبح النشاز، كي لا يختل المزاج العام ولا تُكسر التوقيتات الدستورية للحن".

وعلى الصعيد ذاته، قالت منصة "الجبال" العراقية، إن "السامرائي كان مرشحا حتى صباح اليوم (الاثنين)، ومصرّ على الترشيح، لكنه تلقى اتصالات من قادة الإطار التنسيقي، ومن بينهم رئيس منظمة بدر هادي العامري، ورئيس هيئة الحشد فالح الفياض، وشخصيات أخرى يطالبونه بالانسحاب، والإبقاء على الإجماع السني، بترشيح هيبت الحلبوسي لمنصب الرئاسة".

وأضاف أن "السامرائي تلقى اتصالات من قادة في المجلس السياسي، بينهم رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، وقيادات سياسية سنية أخرى، يؤكدون له بأن تحالف العزم، سيحصل على وزارتين، وهي التعليم العالي، ووزارة الصناعة، ورئاسة ثلاث لجان نيابية، ومنصب نائب رئيس الجمهورية، في حال الاتفاق مع القوى السياسية".

وأشارت المنصة إلى أن "الحلبوسي (زعيم حزب تقدم)، وعد بإعادة الهيكلة الإدارية في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، بما يمنح تحالف العزم مناصب في تلك المحافظات".

ولفتت إلى أن "السامرائي خشي من الذهاب بالترشح بمفرده، ومعارضة رغبة الإطار (الشيعي)، وبهذا سيخر المناصب الوزارية، وحضوره في المشهد السياسي، فقرر الانسحاب، بعد اجتماع عقده، مع ثلاثة من قيادات التحالف، وقرر الخروج ببيان الانسحاب".

اظهار أخبار متعلقة


"انعكاس إيجابي"
وبخصوص مدى تماسك المجلس السياسي الوطني (السني)، استبعد المحلل السياسي، نجم القصاب، أن يتفكك المجلس في المستقبل، لأن الكتلة السنية الأكثر عددا هي لدى حزب "تقدم"، وأنه ثمة تفاهمات سابقة بين محمد الحلبوسي وزعيم حزب "السيادة" خميس الخنجر على دعم مرشح تقدم لرئاسة البرلمان.

وأكد القصاب لـ"عربي21" أن "باقي القوى السياسية السنية المنضوية ضمن المجلس السياسي الوطني السني، سيحصلون على مناصب تنفيذية، بالتالي لا اعتقد أن تخرج بعض الأسماء وتنشق عن هذه الكتل البرلمانية.

وحول مدى انعكاس حسم انتخاب رئيس البرلمان على اختيار رئيسي الجمهورية والحكومة المقبلين، قال غانم العابد إن "اتفاق البيت السني على مرشح واحد من دون تدخل في القرار السني، سيجعل من البيتين الكردي والشيعي، تقديم مرشحيهم مثلما حصل مع مرشح تقدم صاحب الأغلبية السنية".

وأضاف العابد لـ"عربي21" أنه "بعد تسمية هيبت الحلبوسي لمنصب رئيس البرلمان، فإن باقي الأطراف ضمن المجلس السياسي الوطني رغبت في الوزارات المخصصة للمكون السني، وهي مقتنعة بذلك".
وأوضح الخبير السياسي العراقي، أن "هذا الشيء ينعكس أيضا على اختيار الأكراد لمرشح رئيس الجمهورية والذي سيكون من نصيب الحزب الديمقراطي الكردستاني صاحب الأغلبية، واختيار الشيعة لمرشح رئيس الوزراء".

وأردف: "الإطار التنسيقي صرح أن من يمتلك الأغلبية العددية من القوى الكردية والسنية سنصوت له في المناصب الرئاسية، بالتالي الحزب الديمقراطي الكردستاني لديه طموح برئاسة الجمهورية كونه الكتلة الأكبر كما هو الحال مع حزب تقدم عندما قدم هيبت الحلبوسي".

وبحسب العابد، فإن "البعض يتوقع أن يولى هيبت الحلبوسي رئاسة البرلمان لفترة زمنية ليست بالطويلة، وإنما لحين استعادة محمد الحلبوسي علاقته مع الأطراف الشيعية والكردية التي وضعت (فيتو) على عودته للمنصب، وفي حال نجح في ذلك فإنه سيعود لشغل الموقع مرة أخرى".

دعا الرئيس مسعود البارزاني إلى تغيير آلية انتخاب رئيس جمهورية العراق لكي يمثل رئيسُ الجمهورية شعبَ كوردستان "تمثيلا حقيقيا"، مؤكداً ضرورة ألا تعتبر أي جهة بعد الآن هذا المنصب "ملكية خاصة أو حكرا عليها"، في إشارة إلى استحواذ الاتحاد الوطني الكردستاني على الموقع منذ 2010".

وطرح البارزاني، ثلاثة نقاط كآلية انتخاب رئيس الجمهورية الذي يذهب إلى المكون الكردي طبقا للعرف السياسي في العراق، بالقوى: أما أن يتم تحديد شخص من قبل برلمان كوردستان كممثل للكرد لتولي منصب رئيس الجمهورية.

أما الخيار الثاني، في أن "تجتمع كافة الأطراف الكردستانية وتتفق على شخص لهذا المنصب. أو أن يقوم النواب والكتل الكردية في البرلمان العراقي باختيار شخص لتولي المنصب".

وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، اعتمدت القوى السياسية على عرف سياسي يقضي بتولي العرب السنة رئاسة البرلمان، والأحزاب الشيعية رئاسة الوزراء، والكرد منصب رئاسة الجمهورية الذي شغله الرئيس الراحل جلال الطالباني ومرشحون عن الاتحاد الوطني الكردستاني من بعده.

التعليقات (0)