نشر موقع "
كونفيرزيشن" مقالا، لأستاذة التغذية البشرية في جامعة أوتاغو، شيلا سكيف، قالت فيه إنّ: "تحديثاً طال انتظاره من خبراء حول التغييرات الغذائية اللازمة لدعم صحة الإنسان والكوكب يُظهر دعما واضحا لاتباع نهج قائم على النباتات".
تقول لجنة EAT-Lancet إنّ: "التحول نحو نظامها الغذائي الصحي الداعم للكوكب، الذي صدر الأسبوع الماضي، يمكن أن يمنع 40,000 حالة وفاة مبكرة يوميا في جميع أنحاء العالم، ويخفض انبعاثات الميثان الزراعي بنسبة 15% بحلول عام 2050".
وأضافت: "يشجع هذا
النظام الغذائي على تناول المزيد من الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات، مع كميات معتدلة من اللحوم والأسماك والدواجن ومنتجات الألبان".
وتابعت: "تخيل طبقا، نصفه مليء بالخضراوات والفواكه (بنسبة خضراوات أكثر من الفاكهة). أما النصف المتبقي، فسيكون معظمه من الحبوب الكاملة والبروتينات النباتية. هناك مساحة لكميات صغيرة من المنتجات الحيوانية والدهون الصحية، ولكن مع القليل جدا من السكر المضاف. والجدير بالذكر أن الزبدة لم تُذكر".
"الجانب الأكثر إثارة للجدل هو توصية اللجنة بشأن اللحوم: 14 غراما فقط يوميا من اللحوم الحمراء و29 غراما يوميا من الدواجن - أي ما يعادل تقريبا شريحة لحم صغيرة واحدة، أو شريحة لحم ضأن واحدة، أو فخذي دجاج أسبوعيا" وفقا للمقال نفسه.
وأبرز: "يبدو أن النظام الغذائي التقليدي في نيوزيلندا بعيد كل البعد عن هذه التوصية. لكن الدراسة الأخيرة للفتيات المراهقات التي أجرتها الأستاذة شيلا سكيف في جميع أنحاء البلاد تشير إلى تحول جارٍ، حيث تتبنى معظمهن نظاما غذائيا نباتيا في الغالب".
كيف نعرف ما هو الأفضل للأكل؟
تؤثر عوامل عديدة على خيارات الطعام - الجوع، والعواطف، والصحة، والثقافة، ووسائل الإعلام، والذوق، والعادات، والتقاليد العائلية. كما تلعب الإرشادات الغذائية القائمة على الأدلة، مثل الإرشادات الوطنية للأغذية والتغذية، دورا مهما.
في نيوزيلندا، قد يكون الناس على دراية برسالة "أكثر من 5 حصص يوميا" التي تشجع على استهلاك الفاكهة والخضراوات. وتحوّلت هذه التوصية منذ ذلك الحين إلى "أكثر من 7 حصص يوميا" مع ظهور أدلة جديدة.
على مدار العقد الماضي، أدرجت الإرشادات الغذائية بشكل متزايد الاستدامة البيئية، معترفة بأن حوالي 30% من الانبعاثات العالمية تأتي من زراعة وتجهيز ونقل الأغذية.
وفي السياق نفسه، عزّزت لجنة EAT-Lancet هذا التركيز على الاستدامة في إصدارها الأول من النظام الغذائي الصحي الداعم للكوكب عام 2019. وجادلت اللجنة بأنه من خلال تغيير ما نأكله، وتقليل هدر الطعام، وتحسين أنظمة إنتاج الغذاء، يمكننا إطعام سكان العالم المتزايدين مع تقليل الأضرار البيئية إلى أدنى حد.
اظهار أخبار متعلقة
تقليل استهلاك اللحوم خيار مربح للجميع
يُمثل هذا النهج انحرافا كبيرا عن الأنظمة الغذائية التقليدية في أوتياروا، نيوزيلندا. فنظام "اللحم والخضراوات الثلاث" المتأثر بالثقافة البريطانية (والذي غالبا ما تكون البطاطس من بينها [كخضار]) و"هانغي" الماوري من لحم الخنزير والمأكولات البحرية والكومارا والخضراوات المحلية لا يتوافقان تماما مع توصيات EAT-Lancet.
وكان أحد الانتقادات الموجهة إلى التقرير الأصلي هو اهتمامه المحدود بأنظمة الغذاء المحلية. ويصعب تبرير الإدراج المحدود للخضراوات النشوية مثل البطاطس والكسافا والكومارا والذرة والدخن. فهذه أغذية أساسية - بأسعار معقولة، ومتوفرة على نطاق واسع، ومصادر طاقة مهمة للعديد من المجتمعات.
لكن معظم البالغين في نيوزيلندا يستهلكون ما يقارب ضعف الكمية الموصى بها من
البروتين. لذا، من غير المرجح أن يؤدي تقليل تناول اللحوم إلى عدم كفاية تناول البروتين. وحاليا، يأتي حوالي 40% من بروتين النيوزيلنديين من مصادر حيوانية (اللحوم ومنتجات الألبان والأسماك). أما الـ 60% المتبقية، فتأتي من النباتات.
وبحسب المقال نفسه، فإنّ: "الاعتقاد بأن البروتينات الحيوانية فقط هي ذات جودة عالية - نظرا لمحتوى الأحماض الأمينية وسهولة هضمها - اعتقادٌ عفا عليه الزمن. ومن المفاهيم الخاطئة الشائعة أن بعض الأحماض الأمينية متوفرة فقط من خلال اللحوم. تحتوي النباتات على جميع الأحماض الأمينية الأساسية، وإن كانت بنسب متفاوتة".
بالنسبة لمعظم البالغين، يُعد اتباع نظام غذائي يحتوي على كميات أقل من اللحوم خيارا مربحا للجميع: أفضل لصحتهم وأفضل لكوكب الأرض. إذن، هل ينبغي على نيوزيلندا تبني النظام الغذائي الصحي الداعم للكوكب؟
إنهم بالفعل يتبعونه من نواحٍ عديدة. وجدت دراسة كاتبة المقال للفتيات المراهقات أن اللواتي يتبعن نظاما غذائيا شاملا يحصلن على 69% من طاقتهن من الأطعمة النباتية (تتراوح بين 43% و92%)، بينما بلغت نسبة النباتيات 83% (تتراوح بين 51% و100%).
ومع ذلك، لا يزال النيوزيلنديون يستهلكون دهونا مشبعة أكثر من الموصى بها، ولا يتناولون ما يكفي من الألياف الغذائية. ويمكن أن يساعد التحول نحو النظام الغذائي الصحي الكوكبي في معالجة هذه الاختلالات وتقليل خطر الوفاة المبكرة بسبب أمراض القلب والسرطان، وهما السببان الرئيسيان للوفاة.
اظهار أخبار متعلقة
نظام غذائي من أجل الإنسان والكوكب
لعله من غير المستغرب أن صناعة اللحوم ظلت تقاوم توصيات اللجنة منذ صدور النظام الغذائي الصحي الداعم للكوكب لأول مرة.
ويحدد تقرير حديث نشرته مؤسسة الأسواق المتغيرة شبكة من الأصوات المؤثرة المؤيدة للحوم في الصناعة والأوساط الأكاديمية والحكومات، تعمل بنشاط على تشويه نتائج اللجنة.
إلى ذلك، أعرب بعض الأكاديميين المتخصصين في التغذية عن مخاوفهم بشأن الكمية المنخفضة نسبيا من اللحوم والأسماك. يرى بعض الخبراء أن قلة تناول اللحوم قد لا تُلبي الاحتياجات الغذائية لفئات معينة، مثل النساء الحوامل والأطفال الصغار، الذين سيستفيدون من الحديد والزنك الموجودين في اللحوم الحمراء لسهولة امتصاصهما مقارنة بالمصادر النباتية.
وممّا يزيد الأمر تعقيدا الهوس العالمي بالبروتين، والذي غالبا ما يرتبط باللحوم. فبينما تعرضت الدهون والكربوهيدرات للانتقاد، يحظى البروتين بهالة غذائية. تُركز المبادئ التوجيهية المُحدثة بشكل أكبر على الاستدامة البيئية، والأهم من ذلك، أنها تُقر بضرورة احترام وتمكين ثقافات الطعام المتنوعة، ودعم الحق الإنساني العالمي في الغذاء.
في ظل مواجهة العالم للتحديين المزدوجين المتمثلين في تغير المناخ وارتفاع معدلات الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي، فإن النظام الغذائي الصحي الداعم للكوكب يُقدم وصفة لمستقبل أكثر صحة واستدامة.
لا يتعلق الأمر بالقضاء على مجموعات غذائية بأكملها أو تطبيق نهج واحد يناسب الجميع، بل يتعلق باتخاذ خيارات مدروسة وقائمة على الأدلة تُغذي الناس والكوكب.