أطلقت السلطات البريطانية نداءً عاجلاً
لسكان المناطق الساحلية للعب دور فعال في التصدي لعصابات
المخدرات التي تستخدم
أساليب مبتكرة لإدخال كميات ضخمة من الكوكايين إلى أراضي المملكة المتحدة، عبر ما
يُعرف بعمليات "الإسقاط البحري"
(Asdos) باستخدام "سفن أم" في عرض البحر.
وأكدت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة (NCA) أن العام
الماضي شهد أكثر من 60 تحقيقًا بشأن هذه الطريقة، أفضت إلى اعتقال 34 شخصًا، في
وقت باتت فيه الشواطئ المعزولة والخلجان الصغيرة نقاطًا حرجة في هذه الحرب.
وتتضمن هذه العمليات رمي شحنات الكوكايين في
البحر ملفوفة بعوازل مائية وعوامات، لتقوم قوارب صغيرة بجمعها سرًا ونقلها إلى
اليابسة. ويُعتقد أن بعض هذه الشحنات تصل من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا باستخدام
سفن تجارية ملوثة بالمخدرات.
مطاردة بحرية تنتهي بضبط 18 مليون جنيه
استرليني من الكوكايين
شهدت سواحل كورنوال في الجنوب الغربي
لإنجلترا واحدة من أبرز عمليات ضبط الكوكايين، حيث طاردت قوات خفر السواحل قاربًا
لمهربين لمسافة تقارب 30 ميلًا بحريًا، وانتهت بمصادرة شحنة تُقدر قيمتها السوقية
بـ18 مليون جنيه استرليني، وتوقيف سبعة أشخاص.
وتضمنت الشبكة تاجر سمك سابق من هامبشاير
يعاني من ضائقة مالية، وثلاثة رجال من إسكس خططوا لبيع الشحنة في جنوب شرق
إنجلترا، إضافة إلى مواطن كولومبي يُعتقد أنه كان يمثل مصلحة كارتل مخدرات جنوب
أمريكي.
وأصدرت محكمة "ترورو" في كورنوال
أحكامًا بالسجن تتراوح بين 17 و24 عامًا بحق أربعة من المتهمين، فيما ستصدر أحكام
بحق الآخرين لاحقًا هذا الشهر.
تهديد متطور.. غواصات وطائرات دون طيار تحت
الماء
اللافت في تحذيرات السلطات البريطانية هو
احتمال تطور أساليب التهريب إلى استخدام غواصات صغيرة بدون طيار ـ تُعرف باسم
"ناركوسابس" ـ وهي أدوات باتت شائعة لدى الكارتلات في أمريكا اللاتينية،
وتتيح تهريب كميات ضخمة تحت سطح البحر دون كشفها بواسطة الرادارات التقليدية.
وقال مدير قيادة بحرية حرس الحدود، تشارلي
إيستوه، إن الطريقة البحرية أصبحت "التهديد المفضل" للمهربين، مؤكدًا أن
وحداته تعمل على مدار الساعة باستخدام قوارب سريعة وجيتسكي ودعم من القوات الخاصة.
وأوضح أن التعاون مع المجتمعات الساحلية من
خلال مشروع "كراكن" يشكل حجر الزاوية في جهود مكافحة التهريب البحري،
مطالبًا السكان المحليين بأن يكونوا "عيون وآذان" قوات الحرس البحري.
سوق مستهلك ضخم وضغوط ما بعد البريكست
وكورونا
يُقدّر استهلاك الكوكايين في إنجلترا وويلز
واسكتلندا،
وفق تقرير للغارديان اليوم، بنحو 117 طنًا سنويًا، وهو رقم ضخم يُغري
الشبكات الإجرامية لتطوير أساليبها وتعزيز عملياتها. وأشارت السلطات إلى أن ظروف
ما بعد جائحة كورونا، بالإضافة إلى التغييرات التي طرأت بعد "بريكست"،
ربما ساهمت في تصاعد عمليات الإسقاط البحري.
آدم تومسون، رئيس وحدة مكافحة تهديدات
المخدرات في الـNCA، أشار إلى
أن الشحنات غالبًا ما تُلقى في البحر بالقرب من كورنوال، لكنها ظهرت أيضًا في بحر
الشمال والبحر الإيرلندي.
وقال: "المهربون لا يحتاجون إلى ميناء
أو رصيف. يكفي شاطئ معزول وقارب صغير، وهذا ما يجعل التصدي لهم أكثر تعقيدًا".
بين قوارب مطاطية تُبحر ليلًا، وغواصات آلية
تُخفي أطنانًا من السموم البيضاء تحت سطح البحر، تستمر حرب "الشواطئ
الصامتة" بين السلطات البريطانية وشبكات التهريب العابرة للحدود.
في ظل هذا المشهد، يتكرر النداء: السكان
المحليون ليسوا مجرد شهود، بل خط الدفاع الأول.