في خطوة جديدة تُظهر قمع الحريات والتعدي
على
حقوق الإنسان، قامت السلطات اللبنانية بترحيل الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي
إلى الإمارات، حيث يواجه القمع والتهديدات بسبب آرائه السياسية والفكرية. هذه
المحاولة هي إجراء قمعي عابر للحدود، يكشف عن تنسيق بين الأنظمة القمعية التي تسعى
إلى إسكات أي صوت معارض.
الشاعر القرضاوي، الذي يعتبر من
الأصوات الحرة التي ترفض الاستبداد، معرّض لخطر الاعتقال التعسفي، والتعذيب، وربما
الحكم عليه بالإعدام في
مصر، وهو ما يتعارض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان.
يشار إلى أن المادة 3 من اتفاقية
مُناهضة التعذيب تنص على أنه "لا يجوز لأي دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن
تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى
الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. وتراعي السلطات المختصة لتحديد ما إذا
كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة
الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق
الإنسان في الدولة المعنية". كما جاء هذا المعنى نفسه وحظر
الترحيل في المادة
33 من اتفاقية اللجوء 1951.
فيما يلي رصد -قمت بإجرائه- بأبرز
وقائع ترحيل معارضين مصريين في الخارج إلى بلادهم:
- 19 آب/ أغسطس 2013: الكويت تقوم
بترحيل تسعة من المصريين بأسرهم، بعدما شاركوا في مظاهرات نظمها ناشطون كويتيون
أمام القنصلية المصرية والسفارة الأمريكية في الكويت، احتجاجا على مجزرة فض رابعة.
- 29 آذار/ مارس 2014: تسلمت السلطات
المصرية من نظيرتها الكويتية محمد القابوطي، أحد قيادات حزب الحرية والعدالة في
محافظة بورسعيد، كونه متهما على ذمة قضايا سياسية.
- 8 نيسان/ أبريل 2014: السلطات
اللبنانية قامت بترحيل شخصين هما المحامي مختار العشري والإعلامي مسعد البربري
المنتميان لحزب الحرية والعدالة، إلى بلادهما، وفقا لاتفاقيات أمنية بين البلدين.
- 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2015: قامت
الكويت بتسليم الشاب عمر عبد الرحمن أحمد مبروك للنظام المصري، وظل مختفيا قسريا
لمدة عام تعرض خلاله للتعذيب وسوء المعاملة.
- 5 آذار/ مارس 2016: السلطات
السعودية سلمت القاهرة أحد القيادات بحزب الحرية والعدالة، شريف عاصم نعيم
البسيوني، بناء على طلب إنتربول القاهرة، لتنفيذ حكم قضائي بالسجن لمدة 3 سنوات
على خلفية قضية سياسية.
- آب/ أغسطس 2017: قامت الكويت
بتسليم شخصين قالت إنهما ينتميان للإخوان، وهما أحمد عبد الموجود خضيرى محمد، وعلي
حمودة حسن عبد العال، المحكوم عليهما في إحدى القضايا السياسية، وتم تسليمهما إلى
مصر.
- 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017:
الإمارات تُرحّل بالقوة مصعب عبد العزيز، نجل مستشار الرئيس الراحل محمد مرسي، إلى
مصر، وذلك بعد سجنه ثلاث سنوات بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.
- أيار/ مايو 2018: السلطات
السودانية تُسلّم النظام المصري الشاب المعارض باسم محمد إبراهيم جاد.
- 3 حزيران/ يونيو 2018: السلطات
الإسبانية تُرحّل المعارض المصري علاء محمد سعيد محمد إلى مصر، بعد احتجازه لمدة
شهر ونصف داخل سجن الترحيلات الخاص بالمهاجرين غير الشرعيين في العاصمة مدريد.
- 25 أيلول/ سبتمبر 2018: السعودية
تُرحّل 3 شباب معارضين، وهم: مصطفى حيدر، وبلال القناوي، وعمر عبد الفتاح، وتسلمهم
للسلطات المصرية.
- 3 تموز/ يوليو 2018: ألمانيا
تُرحّل المواطن سيد عجمي وتسلمه للسلطات المصرية.
- 4 شباط/ فبراير 2019: تركيا تُرحّل
الشاب المصري محمد عبد الحفيظ حسين، المحكُوم عليه بالإعدام، إلى بلاده.
- 5 آذار/ مارس 2019: السلطات
الماليزية تُرحّل 4 شباب مصريين معارضين صادرة بحقهم أحكام بالسجن المؤبد.
- 10 نيسان/ أبريل 2019: قامت
السلطات في البحرين بترحيل القيادي بجماعة الإخوان علي عبد الرحمن، الأستاذ بكلية
الطب جامعة سوهاج، إلى مصر، بزعم أنه مطلوب في قضايا تتعلق بالتظاهر بدون تصريح
والانتماء لجماعة محظورة.
- 6 حزيران/ يونيو 2019: شرطة إمارة
الشارقة بالإمارات ألقت القبض على المعارض السياسي المصري أيمن شوشة، وقامت
بترحيله لمصر.
- 13 تموز/ يوليو 2019: الكويت
تُرحّل 8 شباب معارضين إلى مصر، بزعم انتمائهم لجماعة الإخوان في مصر.
-12 كانون الثاني/ يناير 2022: حسام
سلام، معارض مصري، اعتقل على متن طائرة تاركو السودانية بعد هبوط اضطراري مزعوم
انتهى باعتقاله.
- تشرين الثاني/ نوفمبر 2023: النمسا
ترحل المعارض السياسي عبد الله منصور إلى مصر، رغم تحذيرات من جهات حقوقية للنمسا
بشأن انتهاكات حقوق الإنسان بمصر.
لا يوجد حصر كامل لعمليات الترحيل
القسري، لأن عمليات الترحيل تتم غالبا في ظروف سرية، ولا يتم الإعلان عنها بشكل
رسمي من قبل الدول المعنية. ولأن الحكومة المصرية تعمل على مراقبة
الإعلام والتقارير الحقوقية، مما يجعل من الصعب الحصول على أرقام دقيقة أو معلومات
مفصلة عن هذه الحالات.
نحن لا يمكننا أن نقبل بترحيل أي شخص
إلى بلد يواجه فيه الاضطهاد السياسي، ولا يمكننا أن نغض الطرف عن الانتهاكات التي
ترتكب بحق الحقوق الإنسانية. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في حماية
حقوق الإنسان والوقوف في وجه هذه الممارسات القمعية التي لا تعرف الحدود.
نعم للحرية، لا للقمع!