تباينت آراء الساسة الإسرائيليين تجاه عضو الكنيست العربي
منصور عباس، فقد صرّح شمعون
ريكلين قبل تشكيل حكومة التغيير أنه "بشرى عظيمة للعلاقات مع العرب
الإسرائيليين"، وبعد تشكيلها، تحوّلت النغمة بشكل مفاجئ إلى: "منصور
عباس هو العدو".
وفي
مقال رأي نشرته صحيفة معاريف العبرية قال شِير نوسيتسكي إن هذه التحوّلات تكشف عن
طبيعة السياسة الإسرائيلية، حيث يتغير التحالف بين الأحزاب والشخصيات وفقًا
للمصالح الانتخابية وليس على أسس ثابتة أو مبادئ راسخة.
وأضاف
كاتب المقال أنه رغم تصريحات
نتنياهو العلنية حول ما وصفه بـ"خطر" العرب
الذين يتوجهون إلى صناديق الاقتراع، إلا أن الواقع يشير إلى أن
الأحزاب العربية
وأعضاء الكنيست العرب لم يكونوا فعليًا محور القضية، بل كان كل التركيز ينصب على
الحفاظ على السلطة وامتيازاتها، والأحزاب الكبرى مثل الليكود وشاس والأحزاب
الحريدية لا تتردد في تغيير تحالفاتها لضمان البقاء في السلطة، حتى لو تطلب الأمر
التعاون مع الأحزاب العربية في بعض الحالات.
اظهار أخبار متعلقة
وقال
نوسيتسكي، "ما زلنا نتذكر محاولات نتنياهو عام 2021 لتشكيل ائتلاف مع حزب
"راعم" بقيادة منصور عباس، حيث تم العمل على تأهيله سياسيًا من خلال
تعبئة الإعلام المؤيد، ولكن لم تكن هذه المحاولة هي الوحيدة، فقد سبقها تعاونات
أخرى. فعلى سبيل المثال، في انتخابات 2019 (الجولة الأولى)، عندما أدرك نتنياهو أن
تشكيل حكومة غير ممكن بدون أغلبية، استخدم دعم القائمة المشتركة، بما في ذلك حزب
حداش وبلد، لحل الكنيست وتجنب انتقال مهمة تشكيل الحكومة إلى بيني غانتس".
وتابع
نوسيتسكي أنه في تلك الفترة، استغل نتنياهو الأصوات العربية في الكنيست لتعيين
مراقب الدولة، متنياهو أنغلمان، من طرفه، وأرشيف الكنيست مليء بمثل هذه التحركات
التي أظهرت مدى مرونة اللعبة السياسية، حتى عندما كانت تشمل صفقات خلف الكواليس مع
أعضاء الكنيست العرب.
اظهار أخبار متعلقة
خطوة
نحو الحد من المشاركة العربية
وأضاف
كاتب المقال أنه وفي سياق هذه السياسات، جاء تقديم رئيس الائتلاف أوفير كاتس
لمشروع قانون يهدف إلى توسيع أسباب إلغاء ترشيح المرشحين والأحزاب للكنيست، ليبدو
وكأنه خطوة موجهة بالأساس إلى تقليل نسبة المشاركة العربية في الانتخابات.
فالحكومة الحالية لم تتمكن من تحقيق أغلبية ثابتة في استطلاعات الرأي منذ عامين،
حتى في القنوات المؤيدة لها مثل القناة 14. وبهذا، يرون أن أي جهد يهدف إلى تقليل
عدد المرشحين العرب أو منعهم من الترشح سيؤدي إلى تقليص نسبة التصويت في المجتمع
العربي، ما يرفع من فرص فوزهم بأغلبية ضيقة.
وقال
إنه تكفي هذه الأمثلة للنظر بتشاؤم إلى "قانون إلغاء الأحزاب العربية"
الذي قدمه رئيس الائتلاف أوفير كاتس للجنة الوزراء للتشريع، وهو قانون يتطلب توسيع
أسباب إلغاء ترشيح مرشح أو حزب للكنيست بشكل كبير، ولماذا ننظر إلى ذلك بتشاؤم؟
لأنه كما قلنا، كل شيء يتعلق بالانتخابات.
وتابع: هذه الحكومة ليس لديها أغلبية في أي استطلاع منذ عامين (بما في ذلك القناة 14)، وهم
يؤمنون، وبحق، أنه إذا نجحوا في حظر حتى جزء من المرشحين العرب والأحزاب العربية،
فإن نسبة التصويت المنخفضة أصلاً في المجتمع العربي ستنخفض بشكل دراماتيكي. هكذا
سترتفع قوتهم النسبية وأنصارهم في الحكومة، وربما يستطيعون ابتزاز فوز ضيق.
وأكد
أنها مجرد البداية، حيث ستكون هناك مكافآت. لأنه إذا تم قبول هذا القانون، يمكن
توسيعه وربما تطبيقه أيضًا على المرشحين اليهود أو الأحزاب اليهودية التي تهدد حكم
اليمين، وهذا هو المسار الكلاسيكي لأي دكتاتورية في طور التكوين، التي ترغب في
الحفاظ على مظهر الديمقراطية بينما تقضي عليها فعليًا، ولذلك، لا تعتقدوا أن هذه
مجرد اقتراح بيروقراطي كما يوحي اسمها الرسمي (تعديل لقانون الأساس المادة 7أ)، بل
افهموا أن هذا قانون لإلغاء الانتخابات الحرة في إسرائيل.
اظهار أخبار متعلقة
وقال الكاتب إن الحكومة تطلب استغلال خوف اليهود من بعد السابع من تشرين الأول / أكتوبر،
وملاحقة أي تصريح في تاريخ أي مرشح لإلغاء ترشيحه، وفي الواقع، هم لا يخافون من
العرب أو أعضاء الكنيست العرب أو الأحزاب العربية، هم فقط يخافون من الانتخابات، يعرفون
جيدًا أنه في الانتخابات الحرة سيواجهون أخيرًا غضب الجمهور، ويذكرون جيدًا كيف
ساهمت هزيمة حرب يوم الغفران والفساد المباييني في التحول الكبير في 1977، وهم
مصممون على أن ذلك لن يحدث لهم.
وأردف
أن هذه السياسات والقرارات تعكس مدى التعقيد في العلاقة بين الأحزاب الإسرائيلية
والعرب داخل إسرائيل. فما يبدو كتحالف قد يتحول بسهولة إلى صراع، والعكس صحيح،
بحسب ما تقتضيه المصلحة السياسية.