كلمة أطلقها راهب
المسرح الحديث أنتونين أرتو، نسبة إلى مسرحه الذي عرف بمسرح القسوة، والتي قامت فلسفته
وتعاليمه على تقويض المسرح الأرسطي، وتقاليده الدرامية المعروفة من وحدة الزمان والمكان
والهامارتشيا، إلى آخر تعاليم وقواعد الشكل الأرسطي في البناء.
ولكنني هنا عزيزي
القارئ أستعير المصطلح من أنتونين أرتو ليس بهدف جمالي، ولكن بهدف نقدي، يقف على الجانب
الآخر مما يقدم على الساحة الفنية الآن في مصرنا الحبيبية. ففي خضم اللغط وما أكثره
الآن في حياتنا الفنية، يجد الناس أنفسهم في مهب الريح، فتارة تثار هوجة صاخبة لمسرحية
عنوانها: عيلة اتعملها بلوك، ويصاحبها فريق يندد بها ويحقر من شأنها، وفريق آخر يجد
فيها جرأة فنية قد تكون محدودة كسيحة، ولكنها جرأة على أية حال.
وكان لسان حال فريق
ثالث، أن كل هذه الضجة هي مصنوعة للإلهاء، ولصنع بطولات من ورق، ولكن الأمر برمته تحت
السيطرة، وحجتهم في هذا أن المسرحية إذا كانت قد تجاوزت الخطوط الحمراء كما أريد لها،
أو كما أراد لها صانعوها، لكانت رقابة المصنفات الفنية لم تمنحها الترخيص بالعرض، وكانت
رُفضت من الأصل، بل كانت لجنة قراءة النصوص في شركة الإنتاج رفضتها من الأساس. ولهذا
فهي لعبة لتبريد وتسخين الوعي الجمعي للجماهير، وإلهائهم عما هو أهم وأخطر.
وكذلك أزمة تركي آل
شيخ وتمويل فيلم النونو، وهو عن نصاب
مصري ينصب على الحجاج في موسم الحج، وقد قامت
الدنيا ولم تقعد، وكأن هذا الفيلم أو هذه التيمة هي واقع معاش، وكأنها نقد حقيقي وتسفيه
للمصري الذي تساءل البعض: لماذا تُظهرون المصري بمظهر سلبي دوما..؟!
وانبرت الأقلام والآراء
ما بين معارض ومهاجم، مما اضطر تركي آل شيخ للتراجع عن فكرة تمويل الفيلم حتى تعاد
صياغته من جديد، ولا يتسبب في موجة الغضب على صياغته القديمة.
وبالطبع لكى يستمر
مسلسل الأزمات، نعود مرة أخرى إلى الممثل بيومي فؤاد، ولكن هذه المرة الغضب كان كويتيا،
اعتراضا على تقديمه برنامجا كويتيا في التليفزيون الكويتي وكأنها جريمة، أليست هذه
هي القومية العربية..؟! أليس من مبادئها إزالة الحواجز بين الأقطار العربية الشقيقة؟
ولعل من نكد الطالع أن البعض قارن بين بيومي وبين برنامج عن المسرح كان يقدمه كرم مطاوع
ويعده علي الراعي، أثناء فترة عملهم في الكويت في سبعينيات القرن المنصرم.
كل هذه الأزمات التي
يراها كثيرون مفتعلة، بينما تتصدر تحية تقدير وإجلال المسرح المستقل وصناعه المجهولين
بافتتاح المهرجان القومي للمسرح لدورة هذا العام.
وهنا يصمت الجميع
في جميع وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمسموع، ولا تجد من يؤازر هذه التحية
الكريمة لفرق مسرحنا المصري المستقل، والذي كان له تأثيره العظيم في فترة التسعينيات
من القرن المنصرم، نعم لقد صمت الجميع.. وما زالوا صامتين.. ولهذا لا روائع بعد اليوم.