في زيارة هي الأولى من نوعها يجريها رئيس الوزراء
الصومالي حمزة عبدي بري إلى
العراق، والتي استمرت ليومين التقى خلالها بنظيره العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ومسؤولين وقادة سياسيين عراقيين آخرين.
وبحسب بيان لمكتبه الإعلامي، السبت، فإن السوداني أكد استعداد الحكومة للتعاون مع دولة الصومال في مجالات عدة، وأن العراق بات يمتلك معلومات وخبرة ودراية في مجال مقارعة الإرهاب وتعقب مجاميعه، وهو مستعد للتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة للمساعدة في محاربته.
من جانبه، أعرب بري عن رغبة بلاده في الاستفادة من خبرات العراق في مجال محاربة الإرهاب، وكذلك في مجال التعاون الاقتصادي حيث تمتلك الصومال ثروات طبيعية لم يتم استغلالها.
اظهار أخبار متعلقة
"مهمة كبيرة"
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه البيانات الرسمية عن أسباب زيارة بري إلى العراق وتفاصيل الملفات التي بحثها، كشف موقع صومالي نقلا عن مصادر في مخابراتية، أن بري كان بمهمة دبلوماسية كبيرة للمشاركة في اجتماعات رفيعة المستوى مع الحرس الثوري الإيراني.
وأوضح موقع "هورن أوبزيرفر" الصومالي بلغته الإنجليزية في تقرير نشره، السبت، أن المهمة، التي أكدها مصدران كبيران في المخابرات (الصومالية)، تسعى إلى التوسط في صفقة مع جماعة
الحوثي اليمنية، وهو تطور قد يكون له آثار بعيدة المدى على الأمن والتحالفات الإقليمية.
وتعد هذه الزيارة ثاني رحلة رفيعة المستوى يقوم بها مسؤولون صوماليون إلى العراق في الآونة الأخيرة، ففي 11 حزيران، كان حسين شيخ علي، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي، في بغداد والتقى بمسؤولين أمنيين عراقيين، بمن فيهم قاسم الأعرجي، مستشار الأمن القومي العراقي.
وبحسب التقرير، فإن مهمة رئيس الوزراء الصومالي هي إقناع الحوثيين، من خلال داعميهم الإيرانيين، بعدم دعم "حركة الشباب" على حساب الحكومة الصومالية، وأن بري يحاول إقامة علاقة مع الحوثيين عبر إيران، وذلك لإقناعهم بعدم توفير الدعم للحركة المصنفة على لوائح الإرهاب.
تأتي هذه الأنباء، في وقت كشفت فيه مواقع محلية عراقية، السبت، أن وفدا من جماعة الحوثي يتواجد في العراق، وافتتح مقرا لجماعة في منطقة الجادرية ببغداد، إذ أظهر مقطع فيديو، الجمعة، القيادي الحوثي أبا إدريس الشرفي، يزور مقر حزام بغداد للحشد الشعبي، ويشيد به.
وفي 12 حزيران المنصرم، كشف شبكة "سي إن إن" الأمريكية، نقلا عن مصادر في المخابرات الأمريكية عن وجود مناقشات بين جماعة الحوثيين اليمنية لتوفير الأسلحة لحركة الشباب الصومالية، وأنه تطور مثير للقلق يهدد بزيادة زعزعة الاستقرار في منطقة تشهد بالفعل أعمال عنف.
اظهار أخبار متعلقة
تنسيق عراقي
وبخصوص ما ورد في تقرير الموقع الصومالي، أكد الخبير الأمني العراقي، هلال العبيدي، أنه "من غير المستبعد أن يطلب الصومال من العراق التدخل في هذه القضية، لأن البلد أصبح مستقرا للحوثيين وغيرهم، وبالتالي فإن هذا الأمر ينعكس سلبا على علاقة بغداد مع باقي الدول".
وأوضح العبيدي لـ"عربي21" أن "النظام في العراق يبقى هشا في حال لم يحم نفسه من خلال عدم التدخل في شؤون الآخرين، لأن الحوثي وحزب الله اللبناني والعمال الكردستاني، لديهم قواعد في البلاد، فضلا عن تواجد الفصائل المسلحة العراقية".
ورأى الخبير العراقي أن "ما يدفع رئيس وزراء الصومال إلى زيارة العراق دون غيره والتحدث مع المسؤولين العراقيين عن هذا الملف، يأتي من أن الفصائل المسلحة العراقية تدعم الحوثيين بالسلاح والذين لديهم مكتب يمثلهم في بغداد".
وشدد العبيدي على ضرورة أن "ينتهج العراق سياسة معتدلة وعدم توفير الدعم لهذه المجاميع، لأن الدول تحاول أن تدفع المشكلات إلى خارج أراضيها، لكن للأسف يبقى البلد مسرحا لهذه الصراعات".
ولفت الخبير العراقي إلى أن "العراق أصبح مصدرا لدعم هذه الحركات بالمال والسلاح وحتى إعلاميا، وأن الحوثي لديهم معسكرات وقواعد في البلد، وهذا يجعل المسؤولين الصوماليين أو غيرهم يقدمون إليه والحديث عن مثل هذا الملفات".
من جهته، قال الخبير الأمني والسياسي العراقي، أحمد العلواني في حديث لـ"عربي21" إن "العراق أرسل أموالا إلى حكومة الصومال كمساعدات، وهذا مثبت في قانون إقرار الموازنة المالية بشكل رسمي لعام 2024، وجرى التصويت عليه في البرلمان".
وتابع: "هذا يعني أن العراق سوف ينسق التعاون بين إيران والصومال، وهذا التعاون ليس مجانيا بل مدفوع الثمن، لأن إيران طلبت من بغداد التنسيق مع الجانب الصومالي لاستقبال خبرات إيرانية وعراقية ويمنية وفتح مصنع لإنتاج أسلحة حربية".
وبحسب معلومات العلواني، فإن "إيران ترى أن مواقعها العسكرية في العراق وسوريا واليمن قد تكون معرضة للقصف والاستهداف في المستقبل، ولكن الفريق الصومالي وعد بدراسة الموضوع".
وفي السياق ذاته، أكد خبير أمني قريب من الحكومة العراقية لـ"عربي21"، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن "ما ورد في الموقع الصومالي قد يكون فيه جانب من الصحة، لكن مثل هذه المعلومات لا يمكن الإفصاح عن تفاصيلها كونها في غاية السرية".
وما زال الصومال يشهد توترات في ظل عمليات عسكرية مستمرة لاستعادة الأراضي من "حركة الشباب الصومالي" المسؤولة عن هجمات عشوائية في البلاد، وفق ما قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في أواخر نيسان/ أبريل الماضي.
وضم الوفد المرافق لرئيس الوزراء الصومالي إلى بغداد، وزراء الخارجية والتعاون الدولي، أحمد معلم فقي، والمالية، بيحي إيمان عغى، والبيئة والتغير المناخي، خديجة محمد المخزومي، إضافة إلى مدير جهاز المخابرات والأمن الوطني، عبد الله محمد علي سنبلوشي.