فاجأ
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان
اليمنيين قبل يومين؛ بأن
خارطة الطريق
اليمنية جاهزة وبـ"أننا جاهزون للعمل وفقا لها"، في تصريح لا يتسق مع ما
يفترض أنها تعقيدات قد وُضِعتْ أمام المضي في طريق إنهاء الحرب الدائرة في اليمن
منذ عشر سنوات.
بدا
الأمر وكأنه يُحيلُ إلى القضايا الجوهرية وذات الطابع السياسي والأمني والعسكري
ضمن خارطة الطريق اليمنية، التي ربما تحتل أولويات من نسقوا لعقد مفاوضات مسقط، في
حين يجري التأكيد على أن هذه المفاوضات التي انطلقت في الثلاثين من شهر حزيران/
يونيو المنصرم، إنما تدور حول قضية المعتقلين والأسرى، والتي أحرزت تقدما واحدا حاسما
بشأن مصير السياسي المعتقل لدى جماعة الحوثي الأستاذ محمد قحطان، وهو قيادي بارز
في التجمع اليمني للإصلاح، وأحد زعماء تكتل اللقاء المشترك الذي تزعم معارضة نظام
الرئيس علي عبد الله صالح حتى 2011.
حسم
قضية قحطان جرى للأسف بطريقة غير مهذبة ولا إنسانية؛ فالإعلان عن إمكانية إنهاء جريمة
إخفائه القسري من قبل
الحوثيين، جاء ضمن صيغتين: الأولى تفترض أنه لا يزال على قيد
الحياة والثانية تحتمل وفاته، على نحو يكشف حالة انعدام الشعور بالمسؤولية وموت الضمير
لدى القائمين على هذا الملف من كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، والذين
يتشاركون الموقف اللئيم ذات من هذا السياسي المحسوب على التيار الإسلامي.
بكل بساطة لا تقدم وصفة جدية لإنهاء الحرب، بقدر ما تشكل إقرارا بنتائج هذه الحرب بصفتها مؤامرة واضحة على اليمن ووحدته السياسية والترابية واستقراره المستدام بما تقدمه من هدايا مجزية للانقلابيين، وللتشكيلات المسلحة التي نشأت بفعل التأثير الواضح للتدخل الخارجي الإقليمي والدولي
ولكن
ما هي بنود خارطة الطريق؟ إنها بكل بساطة لا تقدم وصفة جدية لإنهاء الحرب، بقدر ما
تشكل إقرارا بنتائج هذه الحرب بصفتها مؤامرة واضحة على اليمن ووحدته السياسية
والترابية واستقراره المستدام بما تقدمه من هدايا مجزية للانقلابيين، وللتشكيلات
المسلحة التي نشأت بفعل التأثير الواضح للتدخل الخارجي الإقليمي والدولي.
فهي
تقترح وقفا لإطلاق النار، تليه سلسلة من الإجراءات من بينها دفع جميع رواتب القطاع
العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة
تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. كل ذلك سيتم تأمينه فيما
يبقى اليمن تحت هيمنة قوى تتقاسم بشكل مؤذي مظاهر السيادة، في توجه أقل ما يقال
فيه أنه تدمير ممنهج للشرعية المعترف بها دوليا يفضي إلى اضمحلالها في نهاية
المطاف، ومن ثم فتح أبواب عديدة على جحيم الحرب الحقيقية.
على
مدى الأشهر الماضية برزت الولايات المتحدة كطرف لا يُبدي رغبة في إنهاء الحرب في
اليمن؛ وفقا لصيغة المكافأة غير العادلة التي كانت واشنطن نفسها قد أملتها على
الجميع بمن فيهم الرياض؛ لإنهاء ما تسميها الحرب
السعودية في اليمن، وحماية لأحد
الاستثمارات الجيوسياسية الإيرانية الأمريكية المربحة في المنطقة والمتمثلة في
جماعات العنف الشيعية، ومن بين أخطر هذه الجماعات الحوثيون.
الموقف
الأمريكي انعكس على الفور في المواقف المؤثرة للحكومة الشرعية التي أعلنت موت
خارطة الطريق، وأتبعته لاحقا بقرارات مالية قوضت المكاسب الثمينة للحوثيين، بعد أن
كانوا قد حصلوا عليها ضمن حزمة سعودية سخية من إجراءات بناء الثقة؛ نيابة عن
السلطة الشرعية أو رغما عنها، ليتبين فيما بعد أن هذه المكاسب هي جزء لا يتجزأ من
خارطة الطريق المبهمة التي احتكرت السعودية التداول بشأن فحواها؛ إلى حد أن رئيس
مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء والمجلس ورئيس الحكومة اقتصرت معرفتهم بصيغة اتفاق
خارطة الطريق على ما سمعوه من وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان؛ الذي طوى
الوثيقة في جيبه قبل أن ينفض الاجتماع.
لقد
أثر العدوان الإجرامي الصهيوني على غزة بقوة على ترتيبات إنهاء الحرب في اليمن،
وهي ترتيبات لم تكن عادلة من الأساس، فقد نجحت واشنطن في الزج بالحوثيين منذ
التاسع عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، في اشتباك لا يزال مستمرا فوق مياه البحر
الأحمر الجنوبي، تبرعت واشنطن بوصفه بالاشتباك البحري الأعنف لقواتها منذ الحرب
العالمية الثانية.
أثر العدوان الإجرامي الصهيوني على غزة بقوة على ترتيبات إنهاء الحرب في اليمن، وهي ترتيبات لم تكن عادلة من الأساس، فقد نجحت واشنطن في الزج بالحوثيين منذ التاسع عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، في اشتباك لا يزال مستمرا فوق مياه البحر الأحمر الجنوبي
هذا
الاشتباك المبالغ في طبيعته وأثره، والمصمم خصيصا لتوزيع كلف جرائم الحرب على
أطراف أخرى في المنطقة، وتنفيس الاحتقان الذي تسبب به العدوان المنفلت من كل قيود
الحروب على قطاع غزة؛ لم ينعكس للأسف على قدرة الكيان الصهيوني في مواصلة جرائم
الإبادة، ولم يوقف ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين عن استقبال الأسلحة
والبضائع التجارية التي تزود الحوثيين بالمال وبشحنات المشتقات النفطية الإيرانية
التي تعزز اقتصاد الحرب لديهم.
وثمة
دلائل عديدة على عبثية وعدم جدية الحرب الأنجلوسكسونية مع حليف إيران في اليمن،
فعلى سبيل المثال لم يتأثر جدول أعمال القيادات الحوثية ولم تضطر لتغيير مواقعها
أو مغادرة منازلها، بل إنها طورت من إجراءات التضييق على اليمنيين الواقعين تحت
سيطرتها؛ بحملات الاعتقالات الشاملة للناشطين المدنيين والعاملين السابقين في
السفارات الغربية المغلقة بصنعاء بما فيها السفارة الأمريكية، وأخيرا قيام الجماعة
باحتجاز 4 طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية في صنعاء ومطالبتها السعودية بإعادة
الحجاج جوا؛ رغم احتجازهم للطائرات.
x.com/yaseentamimi68