سياسة دولية

كيف يُسهم غياب خطة الاحتلال لما بعد الحرب في نشر الفوضى؟

يرى المحللون أن عودة جيش الاحتلال لمستشفى الشفاء يُنذر بمزيد من الفوضى- جيتي
يرى المحللون أن عودة جيش الاحتلال لمستشفى الشفاء يُنذر بمزيد من الفوضى- جيتي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، أعدّه أدم راسغون، قال فيه إن "الحرب في غزة تركت فراغا بدون أي تخطيط لملئه". ويرى المحللون أن عودة جيش الاحتلال الإسرائيلي لأكبر مجمع صحي في القطاع، وهو مستشفى الشفاء، يُنذر بمزيد من الفوضى بدون إدارة حاكمة.

وأضافت الصحيفة أن "رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ظلّ يتحدث، ومنذ بداية الحرب، عن الحاجة للإطاحة بحكم حماس في القطاع، لكنه لم يفعل إلا القليل لمعالجة الفراغ الذي ستتركه، بخاصة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية".

وأوضح التقرير نفسه: "بدا هذا واضحا من مداهمة الشفاء الذي اقتحمته أول مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر ولا تزال القوات الإسرائيلية في المجمع ولليوم الرابع. وقال الجيش إنه قتل عددا من مقاتلي حماس وحقّق مع مئات الأشخاص، في وقت أعلنت فيه حماس أنها كبّدت القوات الإسرائيلية قتلى وجرحى". 

وتابع: "تُعرّض الهجمات حياة السكان المشرّدين الذين لجأوا إلى المجمع والطاقم الطبي، والمرضى وكذا السكان المقيمين حول مستشفى الشفاء للخطر"، مؤكدا على أن "مسؤولي الأمن الإسرائيليين السابقين مُنقسمون حول كيفية معالجة الفوضى، ولكنهم متفقون على ضرورة إعداد خطة مفصلة وعملية حول كيفية حكم القطاع وإلا فإنه سيكون من الصعب المضي نحو مستقبل أكثر استقرارا". 

"ويقولون إنه كان يتحتم على نتنياهو تطوير خطة كهذه ومنذ وقت" يتابع التقرير مردفا: "قال قائد فرقة غزة السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي شامني، إنه خطأ كبير، وربما احتاج الأمر لشهور بل وسنوات لخلق بديل ناجح، ولكن علينا البدء بتحريك الأمور بهذا الاتجاه. وسنواصل القيام بالعمليات ذهابا وإيابا، ففي كل مرة تنسحب فيها القوات الإسرائيلية تعود حماس". 

وأكّد أن "نتنياهو اقترح في الشهر الماضي، خُطّة تدعو لسيطرة إسرائيلية على الأمن في غزة بعد الحرب، وإدارة مدنية وقوة نظام وقانون، يديرها مشاركون بخبرات إدارية؛ وبدون علاقة مع حماس التي سيطرت على القطاع في عام 2007".

اظهار أخبار متعلقة


إلى ذلك، أبرز التقرير نفسه: "وتتصور إزالة دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) بدون أن تتحدث عمن سيحل محلها. وقال مكتب رئيس الوزراء إن الخطة تعكس إجماع الرأي العام حول أهداف الحرب القاضية باستبدال حكم حماس بخيار مدني". 

"إلا أن الخبراء قالوا إن الخطة غامضة وجهد غير واقعي لمواصلة المماطلة والمراوغة عن اتخاذ تحرك جاد"، يضيف التقرير، مؤكدا أن المحلل طلال عوكل، الذي فر من شمال غزة في تشرين الأول/ أكتوبر ويعيش حاليا في الإمارات العربية المتحدة، يقول: "لقد تم تحويل الحياة إلى جهنم". 

وتابعت الصحيفة، بأن "نتنياهو وشركاءه لا يريدون الإجابة على أسئلة اليوم التالي للحرب. ورفض نتنياهو خطط إدارة بايدن لعودة السلطة الوطنية المتجددة لإدارة غزة، إلى جانب حكمها المحدود في أجزاء من الضفة الغربية. ويرفض الكثيرون من حلفائه المتطرفين سيطرة السلطة على الضفة وغزة كخطوة باتجاه الدولة الفلسطينية". 

واسترسلت: "مع ذلك لا يوجد هناك أي جواب بسيط بشأن من سيحكم غزة، كما يقول المحللون الأمنيون الإسرائيليون. كما وينظر الكثير من الفلسطينيين إلى السلطة باعتبارها ملوثة بتهمة الفساد وسوء الإدارة ولا تثق بها إسرائيل".

وتابعت بأن "بعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، طالبوا بإعادة احتلال غزة بعد الحرب وإن لمرحلة مؤقتة، إلا أن المجتمع الدولي يعارض هذا بشكل عام"، مؤكدة أن "احتلال القطاع سيضع قيودا ضخمة على حرية الفلسطينيين ويستنفد مصادر إسرائيل العسكرية والمالية". 

وأشار إلى أنه "كما أن موقف حماس والجماعات الأخرى من الاحتلال يمثل تحديا"، فيما يدعو مسؤولون سابقون في أمن دولة الاحتلال الإسرائيلي، نتنياهو إلى تشكيل هيئات إدارية في المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال لمنع حماس من العودة وإعادة تشكيل نفسها ومنع انتشار الفوضى. 

اظهار أخبار متعلقة


وفي الوقت الذي يُجادلون فيه بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية ستعود مرة أخرى إلى القطاع كما فعلت في مستشفى الشفاء، وبدون خطة فسوف تحول المواجهة إلى حرب استنزاف. يرى الجنرال شامني، بأن "مواقف نتنياهو نابعة من واقع اعتماد حكومته على شركائه في الائتلاف الحاكم، المعارض لأي دولة فلسطينية. ما يهمه هو نجاته السياسية". 

ويرى آخرون متقاعدون، من الأمن أن السلطة الوطنية ضعيفة لكي تحكم غزة، وهم متفقون على أن ترك الوضع على حاله وترك المناطق بدون حكم لا يمكن الحفاظ عليه. وبدلا من ذلك يجب على دولة الاحتلال الإسرائيلي احتلال غزة أولا ثم البحث عن بدائل حكم، في مجلس أو هيئة مثلا. 

وقال مايكل ميليشتاين، وهو الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية إن "مداهمة مستشفى الشفاء هذا الأسبوع يكشف عن الحاجة لوجود عسكري في شمال القطاع والناس يسألون، ألم نطهر الشفاء؟ لم نقم بذلك".

وتابع: "إن لم تبق هناك فسوف يعودون في أقل من خمس دقائق"، في إشارة إلى حماس. ووصفت وزارة الصحة في غزة الهجوم على المجمع بأنه "جريمة ضد المؤسسات الصحية".

وعبّرت المنظمات الإنسانية عن القلق من الوضع في المجمع، والذي احتمى به والمناطق المحيطة لاجئون من مناطق أخرى. وسيؤدي الاحتلال الكامل للقطاع إلى نشر مزيد من القوات وتخصيص المزيد من المصادر وتقديم الخدمات للفلسطينيين. وفي نفس الوقت، أثر استدعاء جنود الاحتياط والمواجهات في الشمال مع حزب الله على الاقتصاد. 

اظهار أخبار متعلقة


وأوضح التقرير: "يعني الاحتلال تحدّيا للمجتمع الدولي، بما في ذلك الرئيس بايدن الذي رفض تحركا بهذا الاتجاه. وبالنسبة للفلسطينيين فهذا يعني تحكم الجيش في حياتهم ومدنهم والمداخل والمخارج إليها. وربما عانت حماس من وضع كهذا نظرا لوجود الجيش وقدرته على الرد عليها".

واستدرك: "لكن لا يعرف كيف سترد هي والجماعات الأخرى على سيناريو كهذا، فإن عقودا من الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية لم تقض على الجماعات المسلحة الرافضة له. ومع تمكن المجاعة في غزة، فإن النقاش بشأن خطة ما بعد الحرب يأتي على حساب المدنيين الفلسطينيين".

وأبرز: "قد ترسّخت الفوضى الكاملة والناس يدفعون الثمن، لكن ماذا ستفعل؟ كل ما بيدهم هو رفع أيديهم والدعاء لله"، كما يقول طلال عوكل.
التعليقات (0)