كشف
طبيب فلسطيني من
غزة، عن رحلة اعتقال
مروعة، عاشها بعد هجوم قوات
الاحتلال على المستشفى الذي كان يعمل فيه بمدينة غزة،
في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وروى الطبيب سعيد عبد الرحمن معروف، جانبا من
التعذيب الذي تعرض له، على يد الاحتلال، بعد اعتقاله من المستشفى المعمداني بغزة،
وكشف أنه تعرض لتكبيل يديه وقدميه وعصب عينيه، طوال فترة سجن استمرت سبعة أسابيع.
ووصف ما شاهده بأنه "تعذيب شديد جدا جدا
جدا" وقال: "دخلت المعتقل وكان وزني 87 كغم، لكن خلال 45 يوما، فقدت 25
كغم وكذلك فقدت التوازن والشعور بالأشياء، كنت مكبلا طيلة هذه الفترة ومعصوب
العينين ولا يمكن لأحد معرفة كم التعذيب ولا الإهانة إلا لمن عاشها".
ونفى معرفته بمكان اعتقاله، بسبب عصب عينيه
طيلة الفترة، ولا يعلم ما إذا كان مكان الاعتقال داخل غزة أم خارجها، لكن الصليب
الأحمر أوصله إلى معبر كرم أبو سالم قرب رفح، لحظة الإفراج عنه.
وفقد الطبيب معروف، أي
اتصال بعائلته منذ لحظة اعتقاله، وأشار إلى أنه لا يعلم عنهم ما إذا كانوا أحياء
أم نجوا من هجوم الاحتلال على مدينة غزة الشهر الماضي، تحت القصف العنيف.
وحاول حبس دموعه وهو يتحدث عن المكالمة
الأخيرة مع ابنته، بعد حصار المستشفى، ومناداة جنود الاحتلال عبر المكبرات، كافة
الأطباء والطاقم بالمستشفى للمغادرة، وكانت ابنته في منزل العائلة بمدينة غزة إلى جانب أطفاله الآخرين وزوجته
ونحو 15 إلى 20 شخصا من أقاربه، بحسب "رويترز".
اظهار أخبار متعلقة
وقال: "بينما كان
الجندي الإسرائيلي ينادي بمكبر الصوت بأن على الأطباء أجمعين والكوادر الطبية أن تغادر
المستشفى اتصلت علي ابنتي وقالت لي: ’يا بابا القصف وصل المكان، ماذا نفعل؟’. ابنتي
ليست وحدها خمسة أطفال مع أمهم، مع خالتهم، مع زوج خالتهم، يعني البيت به على
الأقل ما يفوق الـ20-25 شخصا".
وتابع: "قلت لها
كالتالي: يا ابنتي إذا قلت لكم اخرجوا ولا قدر الله حصل المقدور سينولني نوع من
العذاب النفسي، وإذا قلت لكم امكثوا وحصل المقدور نفس النتيجة.. سلموا أمركم إلى
الله، حابين تخرجوا يا بابا اخرجوا، حابين تظلوا، ظلوا، أنا معاكم في نفس الخندق.
أنا الآن سأغادر إلى الجندي الإسرائيلي ومبعرفش وين مصيري".
وأردف قائلا: "ومنذ هذه اللحظة إلى اليوم لم أعلم ولم أدر ولم تصلني أي معلومة عن أطفالي
ولا عن زوجتي".
وكشف أنه تعرف على وجود 100 أسير في مكان
الاحتجاز، وكل واحد "كان يتمنى الموت من شدة العذاب الذي نتعرض له".
وقال إن النوم على الحصى في مكان الاحتجاز،
كان أسوأ تجربة مرت عليه في حياته، وتابع: "أنا طبيب أطفال أعمل منذ 23 عاما في هذا
المجال، لم أرتكب أي جريمة إنسانية، سلاحي هو قلمي ودفتري وسماعتي، ولم أغادر
المكان، وكنت أعالج الأطفال داخل المستشفيات".
وقال: "كان شعوري
عند نداء القائد لإحضارنا إلى مكان الدبابات، أو مكان تسليم أنفسنا، وظني
أنني سأمكث عندهم ساعات قليلة وأغادر المكان، والظن الآخر أنه كان شعوري لو أخدوني أنا
وبعض الزملاء حيعاملونا معاملة حسنة لأننا أطباء".
وبعد الإفراج عنه، استأنف الطبيب معروف،
عمله، ودخل إلى قسم علاج الأطفال في مستشفى أبو يوسف النجار برفح ليكمل وظيفته رغم
الأذى النفسي والجسدي الذي ألحقه به الاحتلال.